افتتح الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، الثلاثاء الماضي، مركز الخدمات العلاجية الخارجية في مدينة خليفة "أ" في أبوظبي (مركز خليفة "أ"). ويعدّ المركز الجديد وفقاً للتصريحات الصادرة عن هيئة الصحة في أبوظبي نموذجاً جديداً لـ (37) مركزاً سيتم فتحها في المرحلة المقبلة. ولا شكّ في أن هذه الخطوة تحمل في طياتها دلالات مهمّة عدّة، يأتي في مقدّمتها الاهتمام الخاص الذي توليه دولة الإمارات وحكومة إمارة أبوظبي لتطوير الخدمات الصحية في الدولة والإمارة. وهذا الاهتمام نابع من الرغبة في إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات الطبية المقدّمة للمرضى والمستفيدين. وفي السياق نفسه، فإن هذه الخطوة تعكس الدور المهم الذي يقوم به المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في مجال تطوير الخدمات الصحية بالإمارة وسعيه للارتقاء بهذه الخدمات، وهو ما ينسجم مع أهداف المجلس الخاصة بتطوير نظام الرعاية الصحية لكي تواكب أعلى المعايير المتعارف عليها عالمياً. ومن ناحية ثانية، فإن المركز العلاجي الجديد والمراكز الـ(37) المزمع تأسيسها تأتي استجابة لمتطلّبات التوسّع الحادث في عملية التنمية الاقتصادية التي تعيشها أبوظبي خلال المرحلة الحالية بشكل عام، والتنمية العمرانية المتواصلة التي تشهدها الإمارة. وفي الواقع، فإن الاهتمام الذي توليه حكومة أبوظبي لتطوير القطاع الصحي وتعزيز الخدمات الصحية كماً ونوعاً، إنما ينبثق عن قناعة أساسية مفادها أن صحّة الإنسان تحظى بالأولوية المطلقة على ما عداها، وهذا الاهتمام في الوقت نفسه هو ضرورة لمواكبة التطوّر المذهل الذي يشهده مجال الصحة من فترة إلى أخرى على الصعيد العالمي. وفي سياق متصل، فإن هذا التطوير يأتي استجابة لمطالبات عدّة بضرورة تفعيل الخدمات الصحية والوصول بها إلى المستوى الذي يتلاءم مع ما حقّقته الدولة من تقدّم كبير على صعيد عملية التنمية الشاملة. وإذا كانت حزمة المراكز العلاجية الجديدة المزمع تأسيسها في أبوظبي تترجم سعي حكومة الإمارة إلى إحداث تطوير نوعي وجذري في القطاع الصحي، فإن مثل هذا النوع من التطوير له جملة من المستلزمات الإضافية، أولها، ضرورة إعداد خطة استراتيجية في مجال تطوير الكوادر البشرية العاملة في القطاع الصحي، وهذه الخطة لابد من أن يكون من أهدافها الرئيسية رفع نسبة توطين كادر الأطباء والفنيين. ثانيها، العمل على تدعيم وتأسيس مراكز الأبحاث المتخصّصة التي تغذي الساحة الطبية بآخر الاكتشافات الجديدة الحادثة في قطاع الصحة في الدول المتقدّمة. ثالثها، اعتماد خطة زمنية محدّدة لتطبيق المعايير الطبية العالمية للجودة ووضع مؤشرات قياس مناسبة لها، وإقرار أنظمة مراقبة وفق أنظمة الجودة. رابعها، تشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره المأمول في مجال الصحّة. خامسها، ضرورة تطوير السياق التشريعي الناظم لشؤون القطاع الصحي بما يمكّنه من استيعاب التطوّرات التي شهدها مجال الصحة خلال السنوات الأخيرة. سادسها، تغيير أساليب تنفيذ خطط التوعية الصحية بحيث تتجاوز أطرها التقليدية وتصل إلى جميع فئات المجتمع. إن القطاع الصحي في الدولة وفي إمارة أبوظبي يشهده تحوّلات مهمّة لجهة تطوير الخدمات الصحية المقدّمة للمرضى، وهو توجّه ينسجم مع التحوّلات التي تشهدها الدولة على الصعد كافة، وثمّة خطوات عديدة تمّ اتخاذها لتحقيق هذا التطوير، ولكن ثمّة المزيد من الخطوات التي ينبغي القيام بها للوصول بهذه الخدمات إلى المستوى الذي يتلاءم مع المكانة التي حقّقتها الإمارات على الصعيد التنموي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية