"المستقبل العربي": آمال وتحولات ---------- في الذكرى الخمسين لوحدة مصر وسوريا، تصدرت العدد الجديد من مجلة "المستقبل العربي"، دراسة بقلم رئيس تحريرها الدكتور خير الدين حسيب، يشير في عنوانها إلى "بارقة أمل من الخليج"، حيث يلحظ، مستنداً في ذلك إلى نوع من النقد الذاتي، إمكانية مصالحة الفكر القومي العربي مع الدولة القطرية العربية، لاسيما في السنوات الأخيرة حيث أصبح مجلس التعاون الخليجي أحد النماذج التي تسترعي انتباه دعاة الفكرة القومية العربية، خاصة بعد اجتماع قمة الدوحة التي مثلت إنجازا نوعياً وبارقة أمل وحدوية. فبعد قيام منطقة التجارة الحرة بين دول المجلس، ثم الاتحاد الجمركي، تم اتخاذ خطوات فاعلة لقيام الوحدة النقدية، وأخيراً قيام السوق الخليجية المشتركة اعتباراً من العام الجاري... وهو إنجاز وحدوي مهم بكل المعايير والمقاييس، مما يمثل نموذجاً وبارقة أمل وحدوية من الخليج العربي. وتحت عنوان "تحولات المثقف العربي في القرن العشرين"، نطالع دراسة لفيصل دراج، يوزع فيها أطوار المثقف العربي خلال ذلك القرن، إلى خمس حقب أمدته بنعوت متغيرة: المثقف التنويري الكلاسيكي، المثقف العقائدي، المثقف السلطوي، مثقف السوق، المثقف العربي الجديد. ومن ذلك التحقيب الذي يحيل على جملة مقولات غير متجانسة، يتضح أن إشكال المثقف العربي، منذ نهاية القرن 19 وحتى اليوم، ما فتئ يدور حول سؤال جوهري: لماذا سقط العرب ونهض غيرهم؟ وكما يلاحظ الكاتب، فإن ذلك السؤال كان ولا يزال صحيحاً، رغم التحول الذي مس مفهوم ومحتوى ودور المثقف. وفي دراسة عن "العمارة كانعكاس للتكوين السياسي والاجتماعي للدولة في الإسلام"، يستعرض هاني محمد القحطاني تاريخ العمارة الإسلامية، من حيث نشوئها وتطورها وتكوينها وأسلوبها وميزاتها، وعلاقة ذلك كله بالسلطة في العالم الإسلامي، ومدى انعكاس الفقه على أشكالها، وتحليل العلاقة التي كانت تتأثر بالشد والجذب بين السلطان والفقيه. فالهياكل الكبرى في العمارة الإسلامية، كانت تبدو على درجة عالية من التعقيد في العلاقة بين الفقه والواقع، وقد ترتب على انعزال الفقيه عن الحياة السياسية والفكرية وخوضه في مقاصد الشرع، تبعات جمة منها البناء في الظل. ـــــــــــــــــ Political Sciences Quarterly تضخيم التهديدات قضايا سياسية عدة حملها العدد الأخير من دورية Political Sciences Quarterly التي تصدر كل ثلاثة شهور عن أكاديمية العلوم السياسية التابعة لجامعة نيويورك. وتحت عنوان "وجهان للفشل الاستخباراتي: 11سبتمبر وأسلحة الدمار العراقية المفقودة"، كتب "ريتشارد بيت"- مدير وحدة الدراسات الأمنية في "مجلس العلاقات الخارجية" الأميركي- مقالاً، أشار خلاله إلى ما يراه أكبر فشلين مُنيت بهما الاستخبارات الأميركية في السنوات الأخيرة، فهو يعرض لإرهاب 11سبتمبر كونه دليلا على فشل الاستخبارات في تقييم التهديد، حيث كانت تحذيراتها من وقوع هجوم على الولايات المتحدة غير كافية، وهو ما يعني لا مبالاة في الأداء المهني. أما بخصوص أسلحة الدمار الشامل العراقية، فقد بالغت الاستخبارات الأميركية في تقييمها للتهديد، وذلك على حساب دقة المعلومات. وفي الموضوع ذاته، وتحت عنوان "من الخطر الأحمر إلى أسلحة الدمار العراقية: تضخيم التهديد وكيف أنه نجح في الولايات المتحدة"، كتب "جيفري كافانوف"، وهو أستاذ العلوم السياسية والإدارة العامة في جامعة "ميسيسبي ستيت"، مقالا حذر خلاله من سيطرة السلطة التنفيذية على عملية تقييم التهديدات، وهو مسلسل يتكرر في الولايات المتحدة منذ عام 1945. الكاتب يفسر فشل الكونجرس في مواجهة التهديدات المبالغ فيها، بأربعة عوامل، أولها: التجاهل النسبي لأصوات العامة، ما يجعل الكونجرس عرضة لاحتكار السلطة التنفيذية لتقييم التهديدات. ثانيا الأجهزة البيروقراطية تكون لديها عادة حوافز للتعاون مع الإدارة التي تقوم بتضخيم التهديدات، وضمن هذا الإطار، أشار الكاتب إلى أن التهديد السوفييتي تسبب في ظهور بيروقراطية الأمن القومي الأميركي، ذلك لأنه مع تصنيف واشنطن للاتحاد السوفييتي على أنه عدوها الأول صدر في عام 1947 قانون الأمن القومي، والذي بموجبه ظهرت ترتيبات مؤسسية في أجهزة الدفاع الأميركية. ثالثاً: تثير عملية التضخيم حالة من "الالتفاف حول العَلم"، أو بالأحرى نوعاً من حشد العامة، وتأهيلهم لتقبل الخسائر المحتملة عند التعامل مع التهديدات التي تروج لها الإدارة. رابعاً: تسييس الأمن القومي يجعل من الصعب على العامة تفنيد الادعاءات التي تتبناها الإدارة. وضمن هذا الإطار، فإنه خلال السنوات الأولى للحرب الباردة، تعرض ساسة الولايات المتحدة ممن تبنوا رؤى مهادنة في مواقفهم الخارجية، أو قللوا من وهج التوترات السائدة إبان هذه الحرب، إلى هجمات شديدة من تيار اليمين والوسط الأميركيين، وهو ما جعل من الصعب على الساسة آنذاك طرح أية تساؤلات حول طبيعة التهديد السوفييتي.