بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي -رعاه الله- بمضاعفة المخصّصات الشهرية لطلبة وطالبات الإمارات المبتعثين من قبل وزارة التعليم العالي للدراسة في الجامعات العربية والأجنبية. وسيتم تنفيذ هذا القرار اعتباراً من مطلع شهر مارس المقبل. هذا القرار ينطوي على جملة من الدلالات المهمّة، حيث إنه يؤكد مدى الحرص الذي توليه الدولة لرعاية الطلبة والطالبات المبتعثين للخارج وتوفير الحياة الكريمة والاستقرار النفسي لهم كي يتفرّغوا لدراستهم. وهذا الحرص مبني على الأهمية الخاصة التي يحظى بها التعليم في الخارج، ذلك أن هذا النوع من التعليم لا يكسب متلقيه خبرات تعليمية فقط بل يتعداها إلى إكسابه معارف وخبرات في مجال التعامل مع الحياة وفهم الآخر والاعتماد على النفس في كل شيء. وفي السياق نفسه، فإن القرار المذكور يأتي منسجماً مع استراتيجية الحكومة الاتحادية التي ركّزت بشكل واضح على التعليم باعتباره من الركائز الأساسية للنهضة والتقدّم، وهذا توجّه إيجابي بطبيعة الحال، لأن العلم يمثّل العمود الفقري للتنمية. ولعلّ تأسيس مكتب تنسيق البعثات عام 1999 والذي يقوم بمهمّة اختيار نخبة الطلبة الإماراتيين المتميزين في مسيرتهم الدراسية، وإيفادهم في بعثات دراسية إلى الجامعات العالمية المرموقة، ترجم هذا التوجّه الذي ترسّخ مع مرور الوقت وكان له مردوده الكبير لجهة رفد سوق العمل بخبرات متميزة. ولاشكّ في أن هذا القرار ستكون له انعكاساته الإيجابية على أكثر من صعيد، فمن ناحية، سيكون له مردوده الإيجابي على أوضاع الطلبة والطالبات المبتعثين للخارج والذين كانوا يعانون الإرهاق المادي بحيث إن راتب البعثة لم يكن يغطي -في بعض الأحيان- التكلفة الحياتية لهم حتى أنه في بعض الدول لم يكن يغطي إيجار المسكن ما يرهق كاهل أسرهم. ومن المؤكد أن مضاعفة المخصصات ستكون حافزاً لهؤلاء المبتعثين، الذين يقدّر عددهم في التخصّصات العلمية التي تحتاجها الدولة والدراسات العليا بنحو 1270 طالباً وطالبة. إن الاهتمام بالتعليم يشكّل ركيزة أساسية لعملية التنمية، وفي ظلّ ما تشهده الدولة من تطوّر كبير على صعيد عملية التنمية، تبرز الحاجة إلى مزيد من التخصّصات التي تتطلبها خطط التنمية، لتزويد الوزارات والدوائر الرسمية كافة بكل ما تحتاج إليه من عناصر بشرية مواطنة قادرة على القيام بدورها المأمول في شتى المجالات العملية والعلمية والثقافية، وذلك من أجل مواكبة التقدّم العلمي والتكنولوجي أسوة بالبلدان المتقدّمة. ومن هنا، تأتي أهمية البعثات التعليمية، التي يأتي من بين أهدافها أيضاً المساهمة في تطوير الموارد البشرية الوطنية من خلال إتاحة الفرصة للطلبة المتميزين للدراسة في مجالات وتخصّصات مختارة، وتأهيل جيل قيادي من أبناء وبنات الإمارات قادر على مواجهة تحدّيات المستقبل. وإذا كان القرار المشار إليه يمثّل دفعة مهمّة للبعثات التعليمية، فإن هناك المزيد من الجهود التي يمكن أن تبذل في هذا الصدد، ومنها أولوية تنشيط الدور الذي تضطلع به الملحقيات الثقافية للدولة في الخارج في مجال الإشراف على الطلاب المبتعثين ومتابعتهم علمياً وسلوكياً واجتماعياً وثقافياً بهدف مواجهة أي مشكلات قد يتعرّضون لها وتقديم ما يحتاجونه من خدمات ملحّة، مثل حاجة الطلبة إلى التوعية والتوجيه المهني والأكاديمي قبل اختيار تخصّصاتهم في الجامعة، وحاجة بعض الطلبة إلى التكيّف الاجتماعي والنفسي والأكاديمي داخل الجامعات وخارجها.