في العام الماضي، أنفقنا نحن الأميركيين على شراء النفط أكثر مما أنفقه أي شعب آخر على ظهر الأرض- حوالي 517 مليار دولار تقريباً- وفقاً لبيانات "إدارة معلومات الطاقة"، ومع ذلك فشلنا في تصدر قائمة الدول التي نجحت في تطوير طاقة خضراء، وهو ما يعني أننا سندفع المزيد من الأموال مستقبلاً من أجل شراء النفط. تاريخياً، كنا نتعامل عادة مع مشروعات الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، على أنها مشروعات حميدة فحسب لا استثمار ذكيا في صناعات المستقبل، وهي مقاربة يجب تغييرها، خصوصاً وأننا نأتي اليوم وراء الصين وألمانيا في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، كما نتأخر عن اليابان ومعظم أوروبا في إنتاجية الطاقة. الأسوأ من ذلك هو أننا ربما نخسر سباق التدافع على الذهب الأخضر الذي يدور في القرن الحالي، حيث يتوقع أن يتضاعف سوق الطاقة الخضراء أربع مرات عما هو عليه الآن خلال السنوات الثماني القادمة. تستطيع الولايات المتحدة بالطبع أن تلحق بالدول التي سبقتها في تلك المجالات، وأن تقلل من الضباب المحمل بدخان المصانع، ومن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البيوت الزجاجية، ومن النزاعات الجيوبوليتيكية، إذا ما ركزت جهودنا على تحقيق تلك الأهداف، ولكن يجب عليها إضافة إلى ذلك التعامل مع الطاقة الخضراء باعتبارها تمثل مصدراً للوظائف والأموال والنفوذ القومي. وتحقيق ذلك يتطلب من الحكومة الأميركية دعم الطاقة الخضراء باعتبارها صناعة طاقة حقيقية، وذلك من خلال مزيج متماسك وفعال من الدبلوماسية والقوانين، والحوافز بما يساهم في تبديد بعض الأساطير الرئيسية المتعلقة بموضوع الطاقة، أولاها أن الطاقة الخضراء أكثر فعالية في تقليص الدعم الممنوح لبعض الفئات من خيار توفير الوظائف. ليس الأمر على هذا النحو، على الرغم من أن واشنطن تنظر الآن إلى إنتاج الطاقة الصديقة للبيئة على أنه طريقة أخرى تضاف إلى بقية الطرائق المتبعة حالياً لضخ الإعانات إلى مزارعي الذرة ومالكي سيارات الدفع الرباعي. ومثل هذا الموقف الشهم من جانب الحكومة، سيفقدنا الكثير من الفرص في أسواق المستقبل، خاصة في مجال فرص العمل. الأسطورة الثانية: لم يعد هناك بئر نفطية غير مكتشفة في الولايات المتحدة الأميركية مما يجعلنا مضطرين للبحث عن هذه المادة الثمينة في الخارج. ليس الأمر على هذا النحو أيضاً ذلك لأنه من المعروف أن الولايات المتحدة تمتلك 3% من احتياطيات النفط الخام في العالم، ولا يزال لديها كذلك القدرة على الوصول إلى آبار وحقول نفط جديدة، ولكن سياساتها في مجال الطاقة لا تسمح بجعلها دولة قائدة على مستوى العالم في هذا المجال. الأسطورة الثالثة: الطاقة الخضراء لا تستطيع أن تمدنا بحجم الطاقة الذي نحتاجه. ليس الأمر كذلك أيضاً لأن مولدات الطاقة في الولايات المتحدة تفقد كميات من الطاقة الحرارية تفوق تلك التي تستخدمها اليابان لإدارة اقتصادها برمته، وهو ما يطرح السؤال المتعلق بما إذا كنا بحاجة فعلاً إلى هذا القدر من الطاقة الذي نعتقد أننا بحاجة إليه؟ الأسطورة الرابعة: الأميركيون يدفعون دون صعوبة 3 دولارات للجالون من النفط وهم مرتاحون لذلك في الحقيقة أننا لا ندرك أن هناك شيئاً اسمه النفقات الخفية للنفط، حيث أثبتت الدراسات أن هناك عدداً قليلاً من الأميركيين ممن يعرفون مقدار ما ينفقونه كل شهر على تعبئة خزانات سياراتهم بالبنزين في محطات التعبئة، ولكن لا أحد منهم يعرف التكاليف الإضافية التي ندفعها من أجل الحصول على هذه المادة والتي يحاول "ميلتون آر. كوبلوس" من مؤسسة مجلس الدفاع القومي أن يشرحها لنا فيقول إننا نتكبد مبلغا كبيرا كتكلفة إضافية تزيد عن 10.07 دولار كي نحصل على جالون واحد من البنزين تشمل دفع 51 سنتا للعلاج من نوبات الربو، و1.21 دولار لتخفيف نسبة التلوث. 1.39 دولار للنفقات الدفاعية، و5.19 دولار للتكاليف الاقتصادية، وهذا المبلغ لا يشمل بالطبع التكاليف بعيدة الأمد التي تتعامل مع الغازات المسببة للاحتباس الحراري. التكلفة الحقيقية قد تكون أقل من ذلك بكثير. ورغم ذلك اعتقد أن الوقت قد حان للحصول على بعض التقديرات المالية الجيدة بشأن هذا الموضوع وتعليقها على لوحات إعلانية في محطات البترول أو على فواتير دفع قيمة البنزين. وإذا ما قال قائل إن ذلك يشبه إلى حد كبير ذلك التحذير الذي نضعه على علب السجائر للتنويه إلى أضرار التدخين وأنه لن يحقق شيئاً، فإننا نقول إن الأمر كذلك بالفعل، ونحن نعرف أن تلك التحذيرات لن تؤدي إلى تغيير سلوك المستهلكين بين يوم وليلة، ولكنها بمرور الوقت قد تغير قيمنا تدريجياً. الأسطورة الخامسة أن سوق الأوراق المالية يكافئ شركات تستخدم الطاقة بكفاءة، ويعاقب تلك التي لا تفعل ذلك. من السهل علينا أن نفكر على هذا النحو بالطبع، ولكن الشركات التي يتم تداول أسهمها علناً بين الجمهور ليست مضطرة لأن تخبر أي أحد عن مقدار الطاقة التي تستهلكها هذه الشركات في خطوط انتاجها، خصوصا وأن هناك دراسة أجرتها شركة استثمارية تدعى "كالفيرت" وأخرى تدعى"سيريس"، وهي عبارة عن ائتلاف من المستثمرين والمنظمات البيئية وغيرها من جماعات المصالح العامة، أظهرت أن نصف الشركات، التي يتم تداول أسهمها علنا كان أداؤها سيئا فيما يتعلق بالكشف عن أخطار التغير المناخي لمشروعاتها. واعتقد أن ذلك سيتغير عما قريب، وحتى يحين ذلك الوقت، سأحاول توفير جزء من نصيبي من مبلغ الـ 517 مليارا الذي يمثل مجموع إنفاقنا على النفط، كما جاء في بداية هذا المقال. ليزا مارجونيللي زميلة بمركز"نيوأميركا فاونديشين" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"