يعتبر "الوقف" سمة من سمات المجتمع الإسلامي ومن أبرز نظمه في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولقد اهتم به الفقهاء ووضعوا له الأحكام التي تضبط معاملاته بهدف المحافظة على أمواله وتنميتها لضمان استمرارية تقديم منافعها إلى المستفيدين. ولـ"الوقف" قيمة اقتصادية راقية يعتمد عليها في تمويل مختلف المشروعات الخيرية، وهو من أفضل الوسائل لاستمرار تدفق ريع المشروعات الخيرية التي تسعى لمكافحة الفقر والحرمان والجهل والمرض لضمان حياة أكثر استقراراً. وبالنظر إلى هذه الأهمية الخاصة للأوقاف، فإن ثمة اهتماماً كبيراً بـ"الوقف" في دولة الإمارات. وفي هذا الإطار جاءت الخطة التي وضعتها "الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف" لتطوير المشروعات الوقفية، والتي تتضمن طرح مشروعات استثمارية معاصرة وتنويع المحافظ الاستثمارية للأوقاف وإيجاد صيغ استثمارية جديدة مثل عقود الاستصناع والتمويل بحصة وغيرها، إضافة إلى طرح الأسهم الوقفية كبديل استثماري جديد يتواكب مع مستجدات العصر. ولا شك في أن هذه الخطوة تأتي على خلفية ما شهدته الدولة من تطور كبير في عملية التنمية الاقتصادية والتي دعمت مجالات الاستثمار التقليدية وأتاحت فرصاً استثمارية لم تكن موجودة من قبل. ولعل عقود الاستصناع هي من أهم المجالات الجديدة لتنمية "الوقف". وتحظى خطة "الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف" لتطوير المشروعات الوقفية بأهمية خاصة بالنظر إلى ثلاثة أسباب أساسية: أولها، أنها تهدف إلى زيادة الأصول الوقفية والإيرادات وكذلك عمل خطط تسويقية وترويجية، بالإضافة إلى العمل على حصر الأوقاف وتجهيز ملف خاص لكل وقف. وفي هذا السياق، رصدت "الهيئة" جملة من الوسائل لتنفيذ خطتها الاستثمارية للمشروعات الوقفية، وتتوزع وسائل الحملة الاستثمارية على مسارات عدة رئيسية بما يؤدي إلى الوصول لأكبر شريحة من الجمهور. ثانيها، طبيعة الرؤية الخاصة بـ"الهيئة" في مجال تنمية الأوقاف والتي انبثقت عنها الخطة المذكورة، حيث إن هذه الرؤية تعتمد على تشجيع التكافل الاجتماعي وتحقيق الاستقرار في المجتمع، وتعزيز أواصر المحبة بين أفراده. ثالثها، تمثل الخطة رؤية عصرية لاستثمار "الوقف" وموارده حيث تحتوي على تصور متكامل لتوثيق الصلة بأصحاب "الوقف" عن طريق متابعتهم والتواصل معهم وتزويدهم بالمعلومات والبيانات الخاصة بالأصول الموقوفة. من ناحية ثانية تركز الخطة على توسيع نطاق "الوقف" عبر محافظ استثمارية تتوافق مكوّناتها مع متطلبات الأحكام الشرعية، وتتميز بالربحية والضمان لإيجاد حركة هادفة إلى إنعاش النمو الاقتصادي للأصول الوقفية وتنمية مواردها، أي أن الخطة تعمل على مستويين: الأول نوعي يهدف إلى رفع كفاءة توظيف "الوقف"، والثاني، كمّي يهدف إلى فتح مجالات جديدة لهذا التوظيف. "الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف" يوجد لديها 551 أصلاً وقفياً، منها 463 محلاً ودكاناً و31 فيلا وبيتاً شعبياً، بالإضافة إلى 17 وقفاً أهلياً، فيما يوجد 4 مشروعات لبنايات تحت الإنجاز، بالإضافة إلى 6 مشروعات أخرى ضمن الخطة المستقبلية لـ"الهيئة" تحتاج إلى تمويل بمبالغ تصل 143 مليونا و810 آلاف درهم. ولا شك في أن الخطة التي وضعتها "الهيئة" لتطوير المشروعات الوقفية تعني تدعيم الموارد الخاصة بـ"الوقف". ولا شك في أن تنمية الموارد الخاصة بـ"الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف" تعني المزيد من تدعيم الدور الذي يقوم به "الوقف" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو دور تنامى في حقيقة الأمر في ظل الرعاية الخاصة التي تقدّمها الدولة للأوقاف.