حصاد مُحير في "الثلاثاء الكبير"... وأميركا في حاجة إلى مزيد من الدبلوماسيين قوة أميركا الناعمة تحتاج مزيداً من التمويل، ومخاوف من اتساع دائرة التوتر في وسط أفريقيا، وترحيب بفوز "تاديش" في الانتخابات الرئاسية الصربية، وأصداء "الثلاثاء الكبير"... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. مزيد من "القوات" للدبلوماسية الأميركية: هكذا عنونت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي، طارحة التساؤل التالي: هل يُعقل أن البيت الأبيض يرغب في إجراء زيادة هي الأكبر من نوعها في السلك الدبلوماسي الأميركي؟ هذا ما تم الكشف عنه في الميزانية التي اقترحها الرئيس بوش للعام المقبل، والتي تشير إلى أن ثمة صحوة في واشنطن تعكس حاجة الولايات المتحدة إلى مزيد من "القوة الناعمة". الصحيفة وصفت الحالة التي يعيشها السلك الدبلوماسي الأميركي بأنها ليست فقط مُشينة، بل ضارة أيضاً. وضمن هذا الإطار، لا تستوفي كثير من السفارات الأميركية في الخارج سوى 70% من احتياجاتها البشرية، وعلى سبيل المثال، عندما يصل دبلوماسي أميركي جديد إلى بلد كنيجيريا (أكثر بلدان أفريقيا من حيث عدد السكان)، لا يكون قد تلقى سوى يوم تدريبي واحد في "معهد الخارجية". وحسب الصحيفة، فإن مواجهة تهديدات مرحلة ما بعد الحرب الباردة والمتمثلة في الحكومات الضعيفة والإسلام الجهادي والاحترار العالمي وانعدام الأمن في مجال الطاقة، تتطلب ما هو أكثر من البنادق، إذ تحتاج أميركا إلى التواصل مع العالم والإصغاء له وتزويده بمساعدات غير عسكرية، هذه المتطلبات يصعب تلبيتها في ظل وجود وزارة للخارجية لا توفر عناصر بشرية مدربة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الجديدة. ميزانية العام المالي 2009 تتضمن إضافة 1076 دبلوماسياً أميركياً، 200 منهم في مهام لتعزيز الأمن والبقية في مهام تتعلق بتعليم بعض اللغات كـ"الصينية" و"العربية"، وسيخصص 360 عنصراً دبلوماسياً للعمل كخبراء ملحقين بالجيش الأميركي لتقديم العون للعسكريين في مرحلة ما بعد النزاعات. الصحيفة ترى أن "الخارجية" الأميركية ستحتاج خلال العقد المقبل إلى مضاعفة عدد دبلوماسييها، فالآن عدد دبلوماسييها لا يتجاوز 6500 فرد أي أقل من العدد الموجود في فرقة عسكرية أميركية واحدة، لذا يتعين على الكونجرس تمويل الزيادة المطلوبة في عدد الدبلوماسيين الأميركيين، وهو ما يمكن اعتباره مجرد خطوة على طرق تعزيز قوة أميركا الناعمة. ما يبعث على الدهشة أن ثمة تفاوتاً في دعم "القوة الناعمة" ممثلة في "الخارجية" الأميركية وتمويل القوة الصلبة، وهي وزارة الدفاع، فميزانية 2009 خصصت 515 مليار دولار لـ"البنتاجون"، في حين لم تمنح "الخارجية" الأميركية سوى 38 مليار دولار. فوضى دارفور تتسع: بهذا العنوان، أشارت "الواشنطن بوست" في افتتاحيتها يوم الخميس الماضي إلى أنه إذا كانت ثمة علاقات بين السودان ومتمردي تشاد، فإنه ليس أمام الولايات المتحدة وفرنسا إلا خيارات محدودة تتلخص في منع هؤلاء المتمردين من الاستيلاء على السلطة في تشاد، لأنه إذا انتصر التمرد فستكون النتيجة مزيداً من تدفق اللاجئين، ومزيداً من الهجمات المضادة التي ستهيمن على المشهد في وسط أفريقيا. لكن في الوقت ذاته لا يجب أن تمنح واشنطن وباريس صكاً على بياض للرئيس التشادي، الذي يجب الضغط عليه لإنهاء الفساد ووقف انتهاكات حقوق الإنسان. "صربيا والتصويت للمستقبل": تحت هذا العنوان، أبدت "نيويورك تايمز" اطمئنانها لفوز "بوريس تاديش" في الانتخابات الرئاسية الصربية. الناخبون الصرب اختاروا حسب الصحيفة، تغليب الأمل في المستقبل على رواسب الماضي، والنتيجة أنهم اختاروا "تاديش"، الذي انتصر على منافسه الراغب في تدشين علاقات أقوى مع روسيا والذي حذر من مقاومة عنيفة لاستقلال كوسوفو. "تاديش" رجل معتدل يندر وجوده في بلد كصربيا، التي غالباً ما تتأثر بالشعارات الديماغوجية؛ فهو يرغب في التحالف مع الغرب، وذلك على رغم رفضه خطة الاتحاد الأوروبي الرامية لاستقلال كوسوفو عن صربيا. وهو أيضاً يفضل التعاون مع الأمم المتحدة في محاكمة مجرمي حرب البلقان الفارين من العدالة منذ تسعينات القرن الماضي. الصحيفة ترى أن فوز "تاديش" سيجعل من الممكن تفادي أسوأ المخاطر التي قد تنجم عن استقلال كوسوفو الذي طال تأجيله، فاستقلال الإقليم أصبح أمراً لا يقبل التفاوض، لكن بدلاً من الاضطرار إلى الدخول في أزمة وشيكة، بمقدور الغرب حث سكان الإقليم على الانتظار لأشهر قليلة قبل إعلان الاستقلال، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يوضح للصرب أنهم سيكافأوا على ذلك بتسهيلات تجارية سريعة، لكنهم لن يلحقوا بجيرانهم في البلقان، ويحصلوا على عضوية الاتحاد الأوروبي، قبل أن يسلموا القادة المسؤولين عن مجازر البوسنة إلى العدالة. "ما بعد الثلاثاء الكبير": في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، علقت "لوس أنجلوس تايمز" على التطورات التي آلت إليها الانتخابات التمهيدية لدى "الجمهوريين" و"الديمقراطيين". الصحيفة ترى أن "الثلاثاء الكبير" لم تكن نتائجه بتلك الدرجة المتوقعة، أو أنه لم يكن كبيراً كما يبدو من تسميته، خاصة بالنسبة لمؤيدي المرشحين الرئاسيين، فهؤلاء كان يحدوهم الأمل في أن تسفر الانتخابات في 24 ولاية عن تسمية مرشحهم سواء في الحزب "الجمهوري" أو "الديمقراطي". وضمن هذا الإطار، لعب "مايك هاكابي" دور "المفسد" في سباق "الجمهوريين" حيث شتت، هو و"ميت رومني" أصوات الناخبين الذين ينتمون إلى "المحافظين المتشددين"، لتمهيد الساحة أمام السيناتور "جون ماكين" الذي يبدو أنه الأوفر حظاً في سباق "الجمهوريين" على الترشح لانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن الصعب، حسب الصحيفة، تخيل أن "هاكابي" لم يفز في ولايته فقط (أركانسس)، بل فاز في "ويست فرجينيا" وجورجيا وتينسي. أما "ميت روني"، ففاز في "أتوا" و"مينسوتا" و"مونتانا" و"كلورادو" و"نورث داكوتا" و"ألاسكا"، ورغم انسحاب "رومني" من سباق الترشح، فإن السباق يظل قائماً بين "ماكين" و"هاكابي"، لا سيما وأن الأخير يحظى بقبول في الولايات الجنوبية ولدى اليمين الديني. وبالنسبة للحزب "الديمقراطي"، فإن النتائج تبدو مخادعة؛ فـ"باراك أوباما" يستحق الإشادة كونه نجح في كسب بعض أصوات البيض والشباب، وفي الوقت ذاته من حق هيلاري أن تحتفل بشعبيتها التي ظهرت خلال الثلاثاء الكبير لاسيما بين الأميركيين من ذوي الأصول اللاتينية، وهي ميزة قد تلعب دوراً حاسماً في ولاية تكساس التي سيجري فيها "الديمقراطيون" انتخاباتهم التمهيدية يوم 4 مارس المقبل. الصحيفة تفاءلت بإمكانية فوز "أوباما" في الجولات القادمة التي ستشهدها ولايات مثل واشنطن وفرجينيا وميرلاند. وتحت عنوان "السباق بعد الثلاثاء الكبير"، رأت "الواشنطن بوست" أن صعود "ماكين" كأبرز المرشحين "الجمهوريين" في انتخابات الرئاسة، أثار بعض المحافظين من مؤيدي الحزب، حيث حذر أحدهم من أن "ماكين" سيدمر في حال نجاحه الحزب "الجمهوري"، لكن الصحيفة رأت أن أفكاره المعتدلة في قضايا شائكة كالهجرة، وواقعيته تجاه الاحترار العالمي، ورغبته الحديث في مسألة التعذيب ستحفظ حزبه من التدمير الذاتي. إعداد طه حسيب