الجواب حين تصبح إيران في جيب أميركا؟ عندها سوف تصبح إيران دولة ديمقراطية صديقة؟ لكننا نعيش في العصر الإيراني الصهيوني الأميركي، وليس على الضعفاء من العرب سوى الصعود إلى مراكب القوة أملا في النجاة، كما سارعت سوريا لاعتلاء مصعد الفرس، أو كنية بعض الخليجيين اللجوء للحضن الأميركي الدافئ! إن قراءة التاريخ ممتعة... ومن لم يستوعب دروس التاريخ يكرر أخطاءها. ففي عام 1953 جاء "شفارتز كوبف" الأب (وباللغة ألمانية تعني كلمة شفارتز أسود وكوبف الرأس) إلى إيران، فحقق انقلاباً على مصدق بقيمة خمسة ملايين دولار، قاده مجموعة من البوكسرجيه والبلطجية والزعران والحرافيش والعيارين، في ظل غياب أمة ناضجة، وأرجعوا الشاه بالطبنجة والغدارة والخنجر والبوكسات والركل، إلى العرش البهلوي. وكما هو الحال في معظم حكومات العالم العربي والأفريقي، ومن عصى فله العصا؛ كما جرى مع "توماس سانكارا" في بوركينا فاسو حين شذ فقتلوه، ورموا جثته مثل الكلاب إلى المزابل، وأحرقوا كل وثائقه وبقاياه، ووضعوا له نصباً فهم إليه يوفضون! وتكرر الأمر مع "شفارتس كوبف" الابن في حرب الخليج حين حرق في المطل سبعين ألفا من العراقيين المنسحبين، بعد أن نهبوا الكويت؛ فحملوا ما خف ثمنه وثقل حمله! من لعب الأطفال والبرادات والسجاد، كما فعل البعض في لبنان خلال اجتياح عام 1975. لكن احتلال لبنان سكتت عنه أميركا، وقالت لسوريا إن لم تدخلي دخلنا! وغضبت على العراق في احتلال الكويت فزلزلت الأرض زلزالها، وانقلاب الشاه رضيت عنه، أما تسلح إيران النووي فهي غاضبة عاتبة بسببه. وكل السلاح النووي خرافة كبيرة، في وقت ماتت فيه مؤسسة الحرب وتحول العتاد الحربي إلى خيل الإسبان الميتة التي كانت تدفن سراً عن أعين المايا لاعتقادهم بألوهيتها، كما يعتقد الإيرانيون والعرب بألوهية السلاح والقوة، ولذا فهم بأميركا متعلقون... وفي حلقاتها الصوفية يرقصون. وفي حفلة الأمجاد الفارسية جاء كارتر إلى الحفلة مع السيدة الأولى، فأكلوا في تلك الليلة لحم الطواويس ودلقوا الخمور في أقتابهم حتى أخذهم الجراسين إلى مخادعهم مترنحين! ولو أن الشاه بقي على العرش لاستمر يرسل حملاته ضد المنطقة، ويمتلك السلاح النووي كما امتلكته إسرائيل، وكان بوش في زيارته للمنطقة مطلع عام 2008 قد زار الشاه وابن الشاه وحفيد الشاه وزوجاته قبل أن يزور أي بلد خليجي، لكنها سخرية الأقدار والقوى العظمى ورضاها من غضبها... جاء في كتاب "صعود وسقوط القوة العظمى" للمؤرخ الأميركي "بول كيندي" أن سواد المؤرخين يذهبون إلى أن "الحضارة الإسلامية هي حضارة أخلاق في تفسيرهم لقوله تعالى "ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد". إن العالم يدخل مرحلة جديدة تذكر بوضع روما بعد معركة "زاما" عام 146 ق. م، لكن "شبنجلر" في كتابه "أفول الغرب"، يرى أن نهاية "قرطاجنة" أعلنت نهاية روما، فانتهت الجمهورية لتتحول إلى دولة استعمارية أدى تمددها في حوض المتوسط إلى فقدان شعوب المنطقة القدرة على تقرير المصير، وإن زاد من حيوية روما. وهو الذي يفسر استرداد الإسلام المنطقة بمعارك رمزية في القرن السابع الميلادي، لأنه وجد شعوباً ترحب بقدومه. العالم اليوم يقبل على تحول وتفكك؛ فهيئة الأمم المتحدة تحتضر، وجامعة الدول العربية جثة تفسخت وتحتاج للدفن. ومجلس الأمن أصبح مجلس رعب، مهمته تعطيل العدل في العالم بحق الفيتو الذي تملكه عصابة من خمس دول. أما منظمة دول عدم الانحياز فدفنت مع تيتو ونهرو. ومنظمة المؤتمر الإسلامية شبح لا يضر ولا ينفع. والاتحاد الأفريقي مثل ساحر القرية الأفريقي؛ يرقص بالحربة ويداوي المرضى بطرد الجن والعفاريت!