أوروبا: سجال حول "رئاسة" بلير وعودة برلسكوني... ووقوع إسرائيل في فخ "حماس"! المساعي الفرنسية لتعزيز الشراكة النووية مع الهند، والسجال حول احتمال تولي توني بلير منصب الرئاسة في الاتحاد الأوروبي، وخلفيات ما يحصل على معبر رفح الفلسطيني، موضوعات ثلاثة نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الفرنسية. "زيارة ساركوزي إلى الهند": تحدثت افتتاحية صحيفة لومانتيه عن حصيلة زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الهند، معتبرة أن أهم ما سجل فيها هو ما بدا لبعض المراقبين تحولاً واندفاعاً باتجاه العمل على تطوير الشراكة مع نيودلهي في المجال النووي، فيما يشبه الدخول الفرنسي القوي على خط المنافسة مع واشنطن في هذا المجال، خاصة بعد توقيع الهند وأميركا اتفاقهما النووي الشهير في يوليو 2007، الذي اعتبره كثيرون هدية مجانية من الإدارة الأميركية للهند لاستئلافها واكتسابها كحليف. ويرى كاتب الافتتاحية أن الجديد في العلاقات النووية بين باريس ونيودلهي، هو حجم المعروض فرنسياً، وقفزه الواضح على الموقف الدولي من الهند بحكم عدم توقيعها على اتفاقات عدم الانتشار النووي، وهو ما جعل بعض المراقبين يضعون التحرك الفرنسي تجاه الهند في سياق من المنافسة مع الشراكة النووية الهندية- الأميركية. وفي افتتاحية كتبها ديدييه بوركيري بصحيفة ليبراسيون تمنَّى أن يعود ساركوزي من الهند وقد تعلم قليلاً من فلسفة التشقف والتواضع التي يعرف بها الزهاد الهنود، وخاصة أن إحداث لمسات صغيرة من التواضع في أداء سيد الأليزيه مطلوب لتعديل صورته الإعلامية وتدخلاته الصارمة القاسية على الساحتين الداخلية والدولية. وسيكون هذا "التحسين" في الصورة مفيداً لباريس بعد توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي بعد أشهر قليلة. وفي سياق ذي صلة، كتب شاشي ثارور -وهو كاتب ودبلوماسي هندي- مقالاً في صحيفة لوفيغارو بعنوان: "الهند وبوليوود" قال في مستهله إن كثرة الحديث مؤخراً عن التحولات التنموية الخارقة التي تعرفها الهند لا تنطلق من فراغ بحكم خطوات البلاد المتسارعة على طريق التحول إلى قوة عظمى، متسائلاً: ما الذي يجعل دولة ما ضمن أقوى دول العالم؟ أليس عدد السكان، والقوة العسكرية، والاقتصاد؟ مجيباً بأن بلاده برزت في كل واحد من هذه العوامل الثلاثة وأنجزت فيه ما يؤهلها لأن تكون قوة عظمى. فهي مرشحة لأن تتجاوز الصين من حيث عدد السكان من هنا وحتى 2034، وتملك رابع جيش في العالم، وخامس اقتصاد من حيث القوة الشرائية، كما أنها تملك عامل القوة الأهم في القرن الحادي والعشرين، وهو "القوة الناعمة" ممثلة في سطوة وانتشار السينما الهندية، التي نرى الآن كيف تتحكم من خلالها الهند في قلوب وعقول الأفغان، دون أن يكون لها وجود عسكري من أي شكل هناك. "عودة بلير وبرلسكوني... وذهاب برودي": استعرض الكاتب توماس فيرانزي في مقال بصحيفة لوموند أبعاد التجاذب القائم الآن في الصحافة والشارع الأوروبيين حول احتمال تولي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لمنصب الرئيس في الاتحاد الأوروبي، الذي نص عليه اتفاق ليشبونة، إذا قدر لهذا الاتفاق أن ينال الموافقة والسريان في دول الاتحاد الـ27، بحيث يصبح لأوروبا "رئيس دولة" يتحدث باسمها جميعاً. وقد ارتفعت أصوات الاحتجاج على بلير خاصة في باريس وبروكسل، وذلك بدعوى أن الرئيس لا ينبغي أن يكون من بريطانيا، "التلميذ السيئ" للاتحاد الأوروبي الذي لم ينضم لا لمنطقة اليورو ولا لاتفاق "شينغن". بل إن هنالك من المعترضين من يطالب بألا يكون الرئيس من دولة أوروبية كبيرة، حتى لا تتكرس أكثر سياسة وضع اليد التي تمارسها الدول الأوروبية الكبرى على مؤسسات الاتحاد. وهنالك من المعترضين من يركز على ولاء بلير لأميركا أكثر من ولائه لأوروبا، واندفاعه في حرب العراق وراء الرئيس الأميركي، في عدم مراعاة علنية لتوجهات الناخبين الأوروبيين، وبل ولتوجهات حكومات الدول الأوروبية الكبرى. وينتهي الكاتب إلى أن كل هذه الاعتراضات متهافتة، لأن الأساسي هو مؤهلات الرجل وليس انتماؤه الوطني، أو ماضيه السياسي عندما كان على رأس دولة واحدة لها خصوصياتها، التي لن يكون مطلوباً منه مراعاتها إذا انتخب رئيساً لأوروبا كلها. ومن جانبها خصصت لوفيغارو افتتاحيتها يوم أمس لتحليل أسباب سقوط حكومة رومانو برودي في إيطاليا، مؤكدة أن عودة برلسكوني لتولي منصب رئاسة الوزراء للمرة الثالثة في روما، أصبحت مسألة أيام فقط. ويعود كاتب الافتتاحية بيير روسلين إلى أن النظام السياسي والانتخابي الإيطالي الموروث عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية فيه الكثير من أوجه القصور التي تحول دون حصول أي استقرار سياسي في البلاد، وهو ما يؤثر سلباً على أداء الاقتصاد الإيطالي وعلى جاذبيته للاستثمارات، وعلى نحو أصبحت البلاد معه بمثابة "رجل أوروبا المريض". "الحالة في غزة... مأزق مزدوج": غويوم غوبير علق في افتتاحية "لاكروا" على انفجار حالة الاحتقان في قطاع غزة وخروجها عن السيطرة من خلال تكسير الحاجز الحدودي مع مصر، مشيراً إلى أن هذه الأحداث تؤكد المدى الذي وصل إليه سكان القطاع من المعاناة بفعل الحصار الإسرائيلي. وعلى رغم الجهود الأميركية الأخيرة لتحريك جمود عملية التسوية ممثلة في مؤتمر أنابوليس وجولة الرئيس بوش، إلا أن الفلسطينيين ما زالوا يواجهون سياسة إسرائيلية تتصرف وكأن شيئاً لم يجدَّ في المعادلة، ودليل ذلك الإعلان الآن عن الشروع في بناء 25 ألف مسكن في ضواحي مدينة القدس. وفي افتتاحية "باري نورماند" اعتبر ميشل ليبيناي أن قطاع غزة تحول حقيقةً إلى سجن كبير بسقف مفتوح، ومن ثم فإن تجاوز الفلسطينيين لمعبر رفح كان إشارة إنذار لمدى الخطر الذي وصلت إليه أحوال السكان المعيشية في غزة، مؤكداً أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يستمر في التحرك على مسار التسوية في الضفة الغربية فقط متجاهلاً المآسي الحاصلة في غزة. أما صحيفة لومانتيه فقد نشرت تغطيات موسعة لمشاهد عبور آلاف الفلسطينيين من معبر رفح إلى داخل الحدود المصرية، ناقلة عن السياسي الإسرائيلي داني أيالون قوله إن بلاده قد سقطت بالفعل في فخ "حماس" بفعل انسياقها وراء خطأ تبني عقوبات جماعية دفع سكانُ القطاع ثمنها، وليس حركة "حماس". وفي سياق متصل حمَّل ألكسندر أدلر مقاله الأسبوعي في لوفيغارو رؤية مختلفة، فقد استنتج أن انتخابات مارس المقبلة في إيران يبدو أنها ستحجِّم دور التيار المتشدد الحاكم وتغير توجهات طهران وتحالفاتها، وهذا ما بدأت "حماس" تستعد له بالبحث عن تحالفات وعلاقات جديدة غير محور طهران- دمشق- "حزب الله"، ويبدو أن الاشتباك وخلط الأوراق أو حتى إعادة الارتباط مع الجار المصري، إغراء تصعب مقاومته، في ضوء الحدود المشتركة، ووجود التزام واسع هناك وخبرات متراكمة وماضٍ يمكن البناء عليه، فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني. إعداد: حسن ولد المختار