تعرضت منطقة الخليج في الآونة الأخيرة لبعض مظاهر تغيرات المناخ، والذي حذر منه كثير من العلماء مراراً كنتيجة للتلوث والاحتباس الحراري وارتفاع نسب غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو. وقد أكدت تلك التوقعات تقريراً نشرته الأمم المتحدة من أن ارتفاع حرارة الأرض ستصاحبه كوارث طبيعية وتغيرات في المناخ ومزيد من الأمطار والعواصف القوية والجفاف والموجات الحارة. وتقلبات الطقس في منطقتنا هي أكبر شاهد على ذلك، والتي كان من ضمنها إعصار "جونو" الذي باغت الجميع وضرب سواحل سلطنة عُمان الشقيقة قبل أشهر قليلة. ونحن حالياً نعيش وسط أجواء شتوية مطيرة وثلجية غريبة تماماً على المنطقة. فهذا الانخفاض في درجات الحرارة إلى ما دون الصفر لم تألفه المنطقة، ولم نعتد سقوط الثلوج في بعض المناطق الجبلية في الدولة. وقد نشرت بعض وكالات الأنباء توقعات بسقوط ثلوج في بعض مناطق المملكة العربية السعودية، ومن ضمنها الرياض لأول مرة في تاريخها وفق توقعات خبراء الأرصاد الجوية. كل ذلك يدعو إلى القلق والتفكير في أسباب التغيرات المناخية المفاجئة. والأهم من ذلك مدى استعدادنا لمواجهة هذه التغيرات. سؤال يطرح نفسه ويستحق أن يدرس وأن توضع له إجابة في مقدمة استراتيجياتنا. فكل ما تتعرض له المنطقة ما هو إلا مقدمة لبعض مظاهر تغيرات المناخ، وأصرُّ على كلمة بعض. وما زلنا نتوقع الكثير. فالذي نستطيع أن نراه بأم أعيننا، وكإجابة على هذا السؤال، هو ما حدث بالفعل في بعض إمارات الدولة، فانهيار الشوارع وغرق بعض الأحياء السكنية والشوارع في بعض مدن الدولة وعدم مقدرة نُظم التصريف على تحمل مياه الأمطار التي سقطت في غضون الأيام القليلة الماضية، هو دليل على عدم ملاءمة التخطيط للتوقعات المناخية وضعف البنية التحتية. وما يفاجئنا فعلاً تسرب المياه من أسقف بعض المنازل والفنادق الفاخرة وحتى بعض المباني الحكومية وتوقف الدراسة في كثير من المدارس، وكأنما هذه المباني شيدت لتتناسب مع المواسم الصيفية فقط. نعم بنيتنا التحتية بنيت لتتناسب مع كميات الأمطار القليلة التي كانت تسقط علينا كل سنة، إنْ لم تكن نادرة، وهذا صحيح، ولكن لماذا لم يكن هناك تخطيط مستقبلي لمناخ من المتوقع أن يتغير؟ إذا كانت البنى التحتية الحالية وضعت لتتناسب مع احتياجاتنا الحالية أو إمكانات مالية متواضعة، كما هو الحال في بعض الإمارات، فلا ننسى أن ضعف التخطيط هذا ستنجم عنه في المستقبل خسائر باهظة. وأسوق لكم هنا تجربة دولة من الدول العظمى والأخطاء التي ارتكبت في مواجهة كارثة طبيعية أدت إلى خسائر جمة قدرت بمليارات الدولارات إضافة للخسائر في الأرواح البشرية، مما أدى إلى عزل مدير الوكالة الفيدرالية للطوارئ وعرضه للتحقيق نتيجة لتقصيره وإهماله في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الكارثة. كلكم سمع بإعصار "كاترينا" وما خلّفه من دمار وخسائر للشعب والحكومة الأميركية. فالأخطاء التي ارتكبت في الأيام الأولى من الكارثة هو الفشل في سرعة عمليات الإنقاذ وقصور في إدارة الحالات الطارئة وعجز السلطات المحلية على التصرف الصحيح وإجلاء السكان. وقد قدم مركز إقليمي لإدارة الأزمات تقريره في أغسطس 2007 يدعو فيه دول الخليج إلى إنفاق مليارات الدولارات في الوقت الحاضر لتعزيز البنى التحتية في اليابسة بما فيها الطرق السريعة، وفي البحر مثل الموانئ ومنشآت النفط التي لن تقف صامدة في مواجهة أي كارثة طبيعية على غرار إعصار "جونو" مثلاً. وأفاد مركز المساعدات المشتركة للطوارئ البحرية أن دول الخليج، تعتبر بصورة خطيرة، غير مهيأة لموجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفينا شر هذه الكوارث، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان. فنحن ما زلنا في البداية وما زال أمامنا الوقت للتصحيح ومراجعة الحسابات، وأقول بكل ثقة إن مناخنا قادم في ثوبه الجديد، فعلينا الاستعداد والتجهيز. فبعدها لن تنفعنا كلمتا "ليت" و"لو"! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. محمد سلمان الحمادي جامعة الإمارات العربية المتحدة