"نهضة نووية عالمية"... والجنوب الأفغاني يكشف ثغرات "الناتو" هل عاد العالم من جديد إلى الطاقة النووية؟ وكيف تنظر "البنتاحون" إلى دور "الناتو" في أفغانستان؟ ولماذا تعتم إدارة بوش عن قتلى الجيش الأميركي في العراق؟ وهل ارتفاع أسعار النفط ينذر بكساد جديد؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "عودة إلى الطاقة النووية": في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "الطاقة النووية تسترد وهجها"، أشارت "كريستيان ساينس مونيتور" إلى أنه بعد أكثر من عقدين على حادثة مفاعل "تشيرنوبل"، بدأ العالم ثانية طريق العودة إلى الطاقة النووية، استناداً إلى اعتقاد البعض بأنها لا تسبب احتباساً حرارياً، فيما يراها آخرون تحدياً لهم بسبب كلفتها المالية وما يتعلق بها من معايير سلامة، إضافة إلى مخاطر نفاياتها والمخاوف المتعلقة بحظر الانتشار النووي. إعادة النظر في الطاقة النووية يعود إلى ارتفاع أسعار النفط، مما أدى إلى التفكير في بدائل جديدة للوقود الأحفوري وما ينجم عنه من غازات تؤدي إلى الاحتباس الحراري. وعلى حد قول رئيس واحدة من شركات الطاقة الفرنسية: "إننا نواجه الآن نهضة نووية"، وإن "الطاقة النووية ليست شراً، بل إن الشر يكمن في الفحم". وحسب الصحيفة يوجد في العالم الآن 439 مفاعلاً نووياً تساهم جميعها في إنتاج 16% من الإجمالي العالمي للطاقة الكهربائية، علماً بأن هذه النسبة لم تتغير كثيراً خلال العقدين الماضيين. بريطانيا أعلنت خلال الآونة الأخيرة أنها تسعى لبناء مفاعلات نووية جديدة، أما فرنسا وفنلندا فلديهما بالفعل برنامج لبناء محطات نووية جديدة، وحتى إيطاليا التي حظرت بناء المفاعلات عقب حادثة تشيرنوبيل، ها هي الآن تضع مسألة إنتاج الطاقة النووية على طاولة النقاش، وفي الولايات المتحدة، التي يبدو أنها تعيد النظر في الطاقة النووية، وعلى الصعيد العالمي يوجد قرابة 100 مفاعل جديد قيد البناء والتخطيط، نصفها تقريباً في بلدان نامية كالهند والصين. ومع ذلك تبقى حوادث المفاعلات النووية مصدر قلق حقيقي، خاصة في البلدان النامية، حيث لا يمكن كبح جماح الفساد، إضافة إلى الافتقار لمعايير سلامة يمكن إخضاعها للمحاسبة الشعبية، كما أن المفاعلات تبقى هدفاً لهجمات إرهابية، ناهيك عن أنها مصدر محتمل لإنتاج أسلحة نووية. على الصعيد البيئي، يتوقع البعض أن يأتي التركيز على الطاقة النووية إلى تشتيت الدعم الحكومي المخصص لبدائل الوقود الأحفوري الأخرى كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ورغم كل هذه لابد من اعتبار الطاقة النووية بمثابة صديق يحتاج منا إلى رقابة لصيقة وصارمة. "القتال في أفغانستان": هكذا عنونت "الواشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لتتوصل إلى استنتاج مهم مفاده أنه "أصبح واضحاً أن الحرب في أفغانستان لن يتم النصر فيها عن طريق قوات حلف شمال الأطلسي، بل بواسطة القوات الأميركية". الصحيفة تقول إن قرار إدارة الرئيس بوش إرسال 3200 عنصر من "المارينز" إلى أفغانستان يثير تساؤلات عما إذا كانت مشاركة "الناتو" في هذه الحرب قد مُنيت بالفشل. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية في أفغانستان يزيد على نصف قوات التحالف المتمركزة هناك، فإن الحاجة إلى عناصر جديدة من المارينز مُلحة، لاسيما أنه لا يوجد أي بلد عضو في "الناتو" قادر على تجديد التزامه بنشر قوات في أفغانستان، وذلك على رغم مناشدات أميركية لدول الحلف استمرت لشهور. وزير الدفاع الأميركي "روبرت جيتس" وبعض كبار المسؤولين في "البنتاجون" استنتجوا أن ثلاث دول من "الحلف لديها الرغبة في إدارة الجنوب الأفغاني هي بريطانيا وكندا وهولندا ليس لديها الفعالية المطلوبة لهذه المهمة، وفي حديث أجراه مع "لوس أنجلوس تايمز"، لفت "جيتس" الانتباه إلى أن "معظم القوات الأوروبية وقوات الناتو لم يتم تدريبها لمواجهة عمليات التمرد". غير أن الدبلوماسيين الأوروبيين ومعهم المدافعون عن "الناتو" يقولون إن كل الدول المشاركة في التحالف ساهمت في زيادة عدد القوات الدولية الموجودة في أفغانستان من 33 ألفاً إلى 41 ألف عنصر، لكن المشكلة الحاصلة الآن في الجنوب الأفغاني يعود سببها إلى أن قوات "الناتو" دخلت منطقة تجاهلتها القيادة العسكرية الأميركية، مما سمح لعناصر "طالبان" باستئناف أنشطتهم. الصحيفة ترى أن هزيمة التمرد الأفغاني تستوجب على الولايات المتحدة لعب الدور الأكبر في عملية القتال، غير أن النجاح في أفغانستان، يتطلب من العسكريين الأميركيين صياغة استراتيجية متماسكة لمكافحة التمرد في كافة ربوع أفغانستان على أن تشمل تدريب الجيش وعناصر الشرطة الأفغانية وتحقيق التنمية الاقتصادية وتضييق النطاق على زراعة الأفيون. العراق وسياسة "البنتاجون": في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "قتلى الحرب الأميركيون"، أشارت "لوس أنجلوس تايمز" إلى أن عدد القتلى في صفوف الجيش الأميركي بالعراق قد وصل الأربعاء الماضي إلى 3915، وهو رقم ربما يسمع كثيرون عنه، في حين أن رقم 2000 وهو إجمالي عدد القتلى الأميركيين في العراق خلال عام 2005 قد شغل اهتمام الشارع الأميركي وتصدر عناوين الصحف. وحسب الصحيفة، يبدو أن صور جثث القتلى العائدة إلى الولايات المتحدة من العراق أصبحت نادرة، وذلك للجهود التي تبذلها إدارة بوش لمنع الأميركيين من مشاهدة هذا النوع من الصور. الصحيفة استنتجت أن سقوط الأميركيين قتلى في العراق أمر يتواصل، بيد أن البنتاجون ووسائل الإعلام تخفي الصورة الكاملة لما يجري في العراق. وثمة معلومة قد لا تكون قد وصلت إلى مسامع الأميركيين، وهي أن عام 2007 كان الأكثر دموية، حيث سقط خلاله 899 جندياً أميركياً، متجاوزاً قتلى العام 2004 الذين وصل عددهم 850 قتيلاً أميركياً. "سؤال الكساد": بهذه العبارة عنون أستاذ العلوم السياسية "ستيف ياتيف" والخبير الاقتصادي "لاويل فيلد" مقالهما المنشور يوم السبت الماضي في "بلتيمور صن"، ليشيرا إلى خطورة ارتفاع سعر النفط على الاقتصاد الأميركي. أسعار النفط لامست مائة دولار بعد أن كانت- قبل عام واحد فقط- أقل من 50 دولاراً، وهذا الموقف يؤيده "بين بيرناك" رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. إن ارتفاع أسعار النفط عرض الولايات المتحدة في مرات سابقة للكساد، وضمن هذا الإطار يأتي كساد عقد السبعينات عندما قرر العرب حظر بيع النفط في حرب أكتوبر 1973 وهو ما حدث أيضاً بعيد الثورة الإيرانية عام 1979 وخلال عام 1980 جراء الحرب العراقية- الإيرانية. لكن لا يتوقع الكاتبان حدوث كساد جراء الزيادة الأخيرة في أسعار النفط، ذلك لأن المرات السابقة التي تعرضت فيها أميركا لكساد بسبب أسعار النفط كانت مصحوبة بمشكلات في توفير المعروض من النفط، وهو ما يجعل الشركات المستهلكة تقلل من استهلاكها، وهو ما لا يحدث خلال الارتفاع الأخير لسعر الخام، كما لم يقم المستهلكون بتخزين النفط مثلما حدث في أزمات سابقة. إعداد: طه حسيب