بعث الأخ رئيس صحيفة "الاتحاد" مشكورا، التهنئة بالعام الميلادي الجديد, ثم بعد أسبوع بتهنئة جديدة لعام سعيد!! وكعادتي في استعجال الأمور أبديت لهم استغرابي بالتهنئة بعد أسبوع على بدء العام الجديد, فكان ردهم الجميل بأن التهنئة الجديدة خاصة بالسنة الهجرية الجديدة التي لا يعرف أي مسلم متى بدأت!. المهم في الموضوع ترديد كلمة "طيب" بعد كل تهنئة بالعام الجديد, ميلادي أو هجري, طبعاً باستثناء الإخوة المصريين الذين يهنئونك بـ"كل سنة وأنت طيب" في كل مناسبة, مثل بدء العام الدراسي الجديد أو عند وصولك المطار بعد الاستقبال, وكان أحد الفنانين المصريين قد قام بزيارة الكويت قبل أعوام, وبدون مناسبة قام بتهنئة الشعب الكويتي على العادة, و"وكل سنة وأنتم طيبين", فاستغربت المذيعة التهنئة!! فقال لها مازحاً "يا ستِّي ولا تزعلي... العيد الكبير (وكان يقصد عيد الأضحى), سيأتي بعد كم أسبوع... وكل سنة وأنت طيبة"!! وغالباً ما أتساءل: هل نحن (الشعب العربي العظيم الذي يقبع في المسافة الصحراوية من المحيط إلى الخليج) فعلاً في حال طيبة؟ يقول أحد المفكرين العرب ما معناه, منذ أن عرفت الدنيا, وأمة العرب إما في حالة ظروف حرجة أو أن الجميع يتآمر عليها, وأن الحدود الجغرافية صنعها الاستعمار في حين أن كل قطر عربي يدافع عن كل شبر من حدوده العربية, ولا يسمح بدخول العربي إليها إلا بفيزا!! وإذا نظرنا إلى أحوالنا فلا تسر عدواً ولا حبيباً كما يقولون, وإن كنت لا أفهم كيف لا تسر العدو الصهيوني!!. لدينا من المال الإسلامي (الحلال) ما لا يقل عن ثلاثمائة مليار دولار في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية, وما لا يقل عن سبعين في المئة من العرب تحت خط الفقر (يعني لا يصل ما يكسبه الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى دولار في اليوم الواحد). ولدينا جيوش وأسلحة متطورة, لكن دفاعية (كيف تتحول إلى هجومية عند إسرائيل, علم ذلك عند الراسخين في العلم من بني العربان), ولكنها جيوش تشبه ما يقوله الشاعر العربي: فأما القتال: لا قتال لديكم *** ولكنَّ سيراً في عراض المواكب وأما المليارات التي تأتي إلينا من النفط بلا كد ولا تعب، وتكاد الخزائن تعجز عن استيعابها, فلا فائدة ترجى منها في تنمية المجتمعات، أو حل مشكلة البطالة المتفشية بين شباب في عمر الزهور, يملكون شهادات جامعية بلا أي قيمة عملية. ولا شيء في العالم العربي الطويل العريض... طيب!! تقولون متشائم؟ طيب أيدي على أكتافكم بشيء واحد طيب في عالمنا العربي. هل لدينا نظام ديمقراطي حقيقي؟ هل لدينا ممارسة بضمانات لممارسة الحريات الفكرية والمدنية؟ هل لدينا تعليم جيد؟ هل المستوى الأخلاقي في تعاملنا اليومي "يبيض" الوجه؟ هل يقوم الموظف الحكومي بعمله بشكل مقبول؟ هل لدينا صدق في التعامل؟ هل يؤدي القطاع الخاص دوره المطلوب منه في التنمية؟ وما الموظف في بلداننا اليعرُبية سوى أنه "يعدد أياماً، ويقبض راتباً". وحيث إن الأمثلة السابقة تدل دلالة قاطعة على أن حالنا العربي ليس " طيباً" على كل المستويات, فأقترح إلغاء كلمة "طيب" من التهنئة الاعتيادية, واستبدالها بـ"وإن شاء الله ستكون طيب", يعني تجعل متلقي التهنئة بين الأمل والخيبة. وحيث إن حياته في مجملها في حالة "الخيبة وقلة الهيبة", فلن يفاجأ فيما لو كانت سنته التي يعيشها... "زِفْت في زفت", لكنها حتماً ليست طيبة كما يردد صاحب التهنئة.