كُتب الكثير حتى الآن عن 2007 وما وقع فيها من أحداث، الكثيرون أطروها ومدحوها وصنفوها في قوائم الإنجاز، وآخرون وقفوا عندها محايدين، فهي سنة مرت بخيرها وشرها، وفريق ثالث وقف أصحابه ملياً وتمعنوا فيما جرى من أحداث وصنفوها بأنها سلبية، ولم تجلب معها سوى ما يكدر الصفو ويغضب الخاطر. ربما أكون منتمياً إلى الفريق الثالث، فالعام المنصرم لم يكن عاماً جلب معه الكثير من التمنيات التي انطلقت مع بدايته... هكذا هي الحياة، تأتي بما يخبئه القدر دون استئذان أو مقدمات، اللهم لا اعتراض، وحسبنا الله ونعم الوكيل. لقد مضى عام 2007 إلى حال سبيله غير مأسوف عليه. ومع قدوم العام الجديد 2008 هناك العديد من الأمنيات التي أرجو أن تتحقق، ولكن أهمها على الإطلاق هي تلك المتعلقة برخاء الوطن واستقراره وسلامته، فعلى ضوء ما يدور في المنطقة، والمواجهة المكشوفة بين الولايات المتحدة وإيران هي أهم عناصره، تجعل المرء يصاب بقشعريرة حين يتخيل أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث، وهي المواجهة العسكرية المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، بمعنى نشوب حرب جديدة في الخليج. إن هذا الهاجس مؤرق ومقيت ويجعل المرء متشائماً، بل وقلقاً على وضع منطقة كاملة ووطن من تبعات قد تحدث والوطن لا ناقة له ولا جمل فيها. إننا مع إطلالة العام الجديد، نجد أنفسنا واقعين في معضلة عدم استقرار إقليمي مؤلمة، هي في تزايد مستمر. وهذه الوضعية ربما تكون ذات وجهين: أحدهما مشرق والآخر قاتم. فعلى الصعيد الداخلي الصورة براقة ومشرقة، حيث يحقق الوطن في كافة ربوعه استقراراً ونمواً اقتصادياً سريعاً تحسدنا عليه معظم أمم العالم. ولكن بنظرة متزنة وهادئة على محيطنا الإقليمي، يتضح لنا وجود جيران لهم تطلعات توسعية تجاه أراضينا وثرواتنا، ورغم أن هذه التطلعات غير مصرح بها جهاراً، فإنها كحقيقة لا يمكن نكرانها أيضاً. المهم في الأمر هو أن أخطر تلك الأطراف، ورغم دخول عالم اليوم حقبة جديدة من التطورات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لا تفوت على نفسها أية فرصة تسنح لزيادة نفوذها الخاص على حسابنا كدولة إقليمية ذات قدرات عسكرية محدودة، وهي تعمل جاهدة على الحد من دورنا ونفوذنا على الصعيد الإقليمي، في نفس الوقت الذي تعمل فيه على توسعة ترسانتها العسكرية. إن ذلك يحدث بطريقة تجعل المرء يتساءل: إلى من، وفي أي اتجاه ستوجه هذه القوة الضاربة؟ ويحدث أيضاً دون أن تظهر أية دلائل جدية على أن أهداف هذه الأطراف بعيدة المدى ستغير بطريقة جذرية واضحة في المستقبل. وأمام هذه الوضعية دخلت المنطقة في سباق تسلح ربما تعجز بعض الأطراف عن مجاراته، وبات يكلفها الكثير ويؤثر على عمليات التنمية الشاملة فيها على الصعد الاقتصادية والاجتماعية ويؤثر على البنية التحتية. لقد نتج عن سباق التسلح هذا أن ولجت المنطقة في منعطف خطير قوامه عملية تسلح رهيبة تقتني ضمنها دول أسلحة أكثر فتكاً وتطوراً، إلى أن وصل الأمر إلى السعي إلى امتلاك السلاح النووي. وعلى نفس المستوى، فإن من غير المعقول أن تجد الإمارات نفسها راغبة في تحمل أعباء هذا النوع من التهافت على التسلح وما يرتبط به من كلفة باهظة مالياً وبيئياً وبشرياً وحتى أخلاقياً، وتقف مكتوفة الأيدي. وهنا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار المثل العليا الخاصة بالإمارات وشعبها والمتعلقة بقيم المجتمع والقدرات الاقتصادية والأنماط السياسية السائدة. إن الاستمرار في هذا النمط من التوجهات وإدخال الأسلحة الفتاكة إلى المنطقة من قبل الآخرين، وما يرتبط بذلك من ثقافة عنف ودمار سينتج عنه عواقب وخيمة لن تجد دولها وسيلة لدرء تداعياتها. مع ولوج العام الجديد، فإنه للأسف الشديد، تلك هي الحالة التي نواجهها، وتقف خلف المقولات والطروحات والأحاسيس المتعلقة بالقلق وربما الخوف على الاستقرار والأمن. إن حركة التاريخ الحديث السريعة تضع أمامنا كمجتمع ودولة، صعوبات لفهم تلك المقولات والطروحات واستيعاب دروس التاريخ التي توحي بها، فالإشكاليات الجديدة سرعان ما يحل محلها وبشكل فوري تقريباً إشكاليات أحدث منها، ويصبح من الصعب متابعة التأثيرات المتراكمة لأحداث وقعت من قبل خلال سنوات عدة، وعندما نتمكن من المتابعة عادة ما نكون غير قادرين على التذكر الكامل. ما أتمناه لوطني هو أن ينعم دائماً بالاستقرار والرفاهية والأمان، وسبيله إلى تحقيق ذلك هو اتباع الطريق السلمي الصرف في تعامله مع الآخرين، فنحن أمة مسالمة ترغب في العيش في هذا العالم بسلام يعم الجميع، وليس لها غرض سوى تحقيق السلام العالمي والإقليمي بالطرق السلمية.