وجّه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باعتماد العام الاتحادي الجديد عاماً للهوية الوطنية، بتعزيز عناصرها، وتعميق مكوّناتها، وتكريس ممارساتها، وتحديد مهدداتها. وأكد سموه أن مَنْ لا هوية له، لا وجود له في الحاضر ولا مكان له في المستقبل. وشدد سموه في كلمة وجهها بمناسبة (العيد الوطني السادس والثلاثين)، على أنه لا تساهل ولا تهاون مع كل ما يهدد قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا الوطنية، التي هي قلب الهوية الوطنية ودرعها، وروح الأمة، وعنصر أصالتها، ووعاء فكرها وتراثها. وأكد سموه أن أي مساس بالهوية، هو مساس بالوطن وانتهاك لحرماته. هذه الكلمات التي جاءت على لسان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعكس الأهمية القصوى التي توليها دولة الإمارات العربية المتحدة لقضية الهوية الوطنية، التي تثير الكثير من الجدل في ظل طبيعة التركيبة السكانية للدولة، حيث إن متطلبات عملية التنمية الشاملة التي تعيشها الدولة، فرضت ضرورة الاستعانة بالعمالة الوافدة التي تكاثرعددها بشكل فاق عدد المواطنين، الأمر الذي أوجد ما يسميه بعضهم بـ "خلل التركيبة السكانية". الاهتمام إذاً بالهوية الوطنية، وجعل السنة الاتحادية الجديدة عاماً للهوية الوطنية، لا ينطلقان من فراغ، بل من حقائق الواقع القائم، ولا شك في أن إدراك مثل هذه الحقائق، يعد مقدمة ضرورية للحل المنشود، في ظل ما هو منتظر أن يصار إليه، خلال العام الحالي، من بلورة استراتيجية متكاملة الأركان للحفاظ على هويتنا الوطنية، تقوم أولاً على تعيين حجم الجدل المثار حول قضية الهوية الوطنية دون إفراط أو تفريط، وما يشكّل تهديداً لهذه الهوية، وكيفية مواجهة هذا التهديد من خلال روح إيجابية تستلهم روح المنجزات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة. ولا شك في أن الحفاظ على الهوية الوطنية، والعمل على المزيد من ترسيخها، يتطلبان تنفيذ حزمة من الأولويات: أولها، مزيد من الدعم لدور اللجنة الوطنية الدائمة للتركيبة السكانية بالنظر إلى أهمية الدور الوطني المناط بهذه اللجنة، وهي المكلّفة بالتعامل مع هذه القضية المهمة. وثانيها، إيجاد منظومة جديدة تسهم في تحقيق أهداف "استراتيجية الحكومة الاتحادية" لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية، ووضع برامج طويلة المدى، وأخرى قصيرة المدى، لحل أزمة التركيبة السكانية، والحيلولة دون أن تؤدي عملية التنمية الشاملة إلى المزيد من الخلل في هذه التركيبة. ثالثها، تفعيل عملية التوطين في المؤسسات والهيئات ذات الصلة بتدعيم الهوية الوطنية، وفي مقدمتها بطبيعة الحال، المؤسسات الثقافية والإعلامية. رابعها، تنفيذ برامج وطنية خاصة بترسيخ الموروث الوطني، وما يجسّده من خصوصية معيّنة تكرّس روح الانتماء في قلوب المواطنين وعقولهم. خامسها، دعم وضع (اللغة العربية)، لما لها من مكانة خاصة في مجال دعم هويتنا الوطنية. إن هويتنا الوطنية هي التعبير الشامل عن وجودنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا؛ إنها تمثل باختصار كينونة المجتمع والدولة في آن واحد، وهذه القيمة الجوهرية للهوية الوطنية تفرض على جميع الهيئات والمؤسسات المعنية، القيام بدورها المنشود على هذا الصعيد. ولا شك في أن دعوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باعتماد العام الاتحادي الجديد عاماً للهوية الوطنية ستشكّل دفعة قوية للحفاظ على هويتنا الوطنية. إن الدعوة للحفاظ على هويتنا الوطنية لا تنبع فقط من خصوصية الطبيعة الخاصة بالتركيبة السكانية، والجدل المثار حولها، بل من التحديات التي تواجه جميع القوميات والأعراق بفعل ما تنطوي عليه "العولمة" التي نعيشها حالياً من تهديدات خطيرة للخصوصيات الثقافية، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى تبنّي برامج متعددة للحفاظ على هوياتها الوطنية وخصوصياتها الحضارية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات وال