دعوة لوقف الاستيطان... وتحذير من "التورط" في غزة الحاجة إلى وقف الاستيطان الإسرائيلي، وضرورة التريث قبل توجيه اتهامات إلى مصر، ودعوة البعض في إسرائيل إلى تفعيل الفصل السابع للأمم المتحدة ضد الدول "المارقة"، التحذير من التورط في غزة مجدداً... قضاياً نعرضها ضمن جولة أسبوعية في الصحافة الإسرائيلية. "الكلمات لا تكفي لوقف الاستيطان": أثارت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء قضية بناء المستوطنات في الضفة الغربية، وتحديداً عملية التشييد الجارية على قدم وساق في المناطق المجاورة لمدينة القدس. الصحيفة تنتقد تعليمات رئيس الوزراء "إيهود أولمرت" التي وجهها إلى الوزراء في حكومته بوقف بناء المستوطنات من وراء ظهره، وهي التوجيهات التي اعتبرتها الصحيفة مجرد ذر للرماد في العيون ومحاولة للتنصل من المسؤولية ورفع العتب ليس إلا. فالصحيفة تقر بخطورة الاستمرار في سياسة الاستيطان الحالية وتهديدها الحقيقي لعملية المفاوضات التي أطلقها مؤتمر "أنابوليس"، وتشير الصحيفة إلى مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن اعتمادها من قبل الحكومة الإسرائيلية للحد من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بدل الاكتفاء بالتصريحات غير المفيدة. وأول ما تقترحه الصحيفة نقلاً عن تقرير "ساسون" هو استرجاع الدولة لسلطاتها التي منحتها للمجالس المحلية في المستوطنات. فمادامت الإدارة المدنية هي السلطة الأعلى في الأراضي المحتلة فهي قادرة على وقف الاستيطان، كما أن قوانين البناء والتشييد التي تسري في إسرائيل هي نفسها التي يتعين تطبيقها في القدس الشرقية بعد أن ضمتها إسرائيل إلى أراضيها، ولم يعد بالتالي مبرراً الاستيلاء على أراضي الملك الخاص كما يفعل المستوطنون حالياً. وترجع الصحيفة هذا التباطؤ الذي يبديه "إيهود أولمرت" في قضية الاستيطان وانعدام إرادة سياسية واضحة في هذا المجال إلى رغبته في الحفاظ على الائتلاف الحكومي، وهو ما يفسر أيضاً بقاء حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني داخل الحكومة حتى بعد مؤتمر "أنابوليس". "لا أحد على حق": في مقاله المنشور على صفحات "هآرتس" يوم الاثنين الماضي تطرق الصحفي الإسرائيلي "أكيفا إلدار" إلى الاتهامات التي وجهتها وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسيبي ليفني" إلى السلطات المصرية بشأن تقاعسها عن وقف تسرب الأسلحة عبر معبر "فلاديلفي" إلى داخل إسرائيل. غير أن الكاتب يدعو إلى التريث قبل إطلاق الاتهامات، لأنها "تسيفني" تعرف قبل غيرها الهوة الموجودة أحياناً بين القرارات السياسية التي تتخذها النخبة الحاكمة وبين تطبيق تلك القرارات على أرض الواقع من قبل المؤسسات العسكرية. فما يحصل في مصر يحصل أيضاً في إسرائيل، بحيث يوجد التزام سياسي بالعملية السياسية، وهو ما أظهرته مصر مرات عديدة من خلال دورها في المفاوضات، فضلاً عن ارتياب نخبتها الحاكمة من حركة "حماس" وامتداداتها الإخوانية داخل مصر. لكن من جهة أخرى تفشل هذه الالتزامات أحياناً، كما يقول الكاتب، في أن تترجم على أرض الواقع من قبل جنود قد يعتبرون التغاضي عن بعض الممارسات على الحدود نوعاً من تقديم المساعدة لإخوانهم المسلمين في غزة. والأمر نفسه يسود في إسرائيل، حسب الكاتب، حيث الفرق واضح بين الوعود السياسية التي التزم "إيهود أولمرت" باحترامها أمام الفلسطينيين والرئيس بوش في مؤتمر "أنابوليس" وبين واقع الاستيطان على الأرض. والسبب -كما يقول الكاتب- إنما يرجع إلى دور المؤسسة العسكرية في تعطيل القرارات السياسية، بل والانحياز في أحيان كثيرة إلى صف اليهود. لذا بدلاً من توجيه الاتهامات إلى الآخرين بالتقصير يدعو الكاتب إلى ممارسة النقد الذاتي، لأنه في النهاية لا أحد أفضل من الآخر. "نقلة ساركوزي الشجاعة": انطلقت صحيفة "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي من تصريحات الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" التي أدلى بها يوم الأحد الماضي في باريس وأعلن فيها أن فرنسا لن تكون لها أية علاقات مع سوريا ما لم تسهل هذه الأخيرة عملية انتخاب رئيس توافقي في لبنان، لتدعو الدول الغربية عموماً إلى تبني نفس النهج وقطع العلاقات مع سوريا وباقي الدول التي تصفها بالمارقة. وترى الصحيفة أن تصريحات "ساركوزي" التي اعتبرها البعض بمثابة فشل للسياسة الفرنسية بعد الجهود الدبلوماسية الكثيفة التي بذلتها لحل الأزمة اللبنانية والرحلات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الفرنسية بين دمشق وبيروت، هي في الحقيقة فشل جماعي للغرب في التصدي للأنظمة المارقة على حد قول الصحيفة. وفي هذا الإطار تدعو الصحيفة أوروبا والولايات المتحدة إلى عدم التساهل مع الدول التي تصفها بالراعية للإرهاب عبر اللجوء إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتفعيل الفصل السابع الذي يلزم الدول الأعضاء بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على من تصدر ضده قرارات أممية. وتلفت الصحيفة الانتباه إلى زوال العائق الأكبر الذي كان يحول دون استخدام الفصل السابع بعد أن سقط الاتحاد السوفييتي وخلا المجال للدول الأوروبية والولايات المتحدة لممارسة هذا الحق. فحسب الصحيفة لم يستخدم الفصل السابع من الأمم المتحدة إلا في الحالات القصوى مثل احتلال العراق للكويت وبعد هجمات 11 سبتمبر، وفي حالة تطوير إيران للأسلحة النووية. "لن ننتصر في غزة": بهذا العنوان استهل "جابي شيفر"، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية بتل أبيب، مقاله المنشور على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم الاثنين الماضي، محذراً القادة السياسيين في إسرائيل من مغبة الانقياد وراء الدعوات التي يطلقها بعض كبار قادة الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، أو حتى إعادة احتلال القطاع بأكمله. ويستند الكاتب في تحذيره إلى تصريحات رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي "جابي أشكنازي" الذي أعلن فيها مؤخراً تأييده لعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة. وسارع المحللون، كما يقول الكاتب، إلى تفسير هذه التصريحات واعتبروا أنها تعكس رغبة الجيش في تغيير الصورة السلبية التي علقت به بعد حرب لبنان والأداء السيئ الذي أبان عنه قائد الجيش السابق "دان حالوتس". وليس مستبعداً أيضاً، حسب المحللين أنفسهم، أن تكون رغبة المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الموازنة الكبيرة التي تحصل عليها، والأمل في تحسين صورتها لدى الرأي العالم الإسرائيلي، هما الدافعان لهذه التصريحات النارية لقادة الجيش. لكن مهما يكن الأمر، يحذر الكاتب من الانسياق وراء هذه الدعوات، منوهاً إلى ضرورة أخذ العبر من التجارب السابقة التي فشلت خلالها إسرائيل في إخضاع قطاع غزة. إعداد: زهير الكساب