يتعامل الأميركيون أكثر فأكثر مع أجهزة الحاسوب كشاشات تلفزيونية تضاف إلى أجهزة التلفزيون العادية. ومع أن القليل منهم مستعد للاستلقاء على الأريكة أمام شاشات الكمبيوتر لمشاهدة الأفلام والبرامج المفضلة لديه، فإن ملايين منهم يتهالكون على المقاعد أمام الإنترنت مستفيدين من الخدمات التي تقدمها الشبكة العنكبوتية مثل "يوتوب" و"جوست"، فضلاً عن مواقع المحطات التلفزيونية لمشاهدة البرامج والأفلام. فحسب دراسة أجرتها إحدى الشركات على السوق الأميركية، سيرتفع تدفق ملفات الفيديو على الإنترنت من 7.3% من إجمالي حجم الاستهلاك الأميركي من المواد والخدمات التي تقدمها الشبكة العنكبوتية في عام 2006 إلى 33% تقريباً بحلول عام 2012. لكن العاملين في صناعة الإنترنت يتوقعون أكثر من تلك النسبة، لاسيما في ظل الإقبال المتزايد على خدمات عرض الفيديو على الإنترنت ومشاهدة القنوات التلفزيونية التي تبث مباشرة على الشبكة العنكبوتية. ويحذر بعضهم من أن يتجاوز هذا الإقبال المتوقع مزودي خدمة الإنترنت في المستقبل إذا لم يستعدوا للأمر، كما أن التوقعات بتضخم حجم المعلومات والبيانات التي تحملها الإنترنت قد يجعلها متقادمة. هذا التحذير يعبر عنه "لاري روبرتس" الذي ساهم عام 1969 في إنشاء الإنترنت وفي صيغتها الأولى قبل أن تتطور إلى شكلها الحالي، قائلاً: "ليس فقط وسيلة نقل المعلومات التي تمثلها الإنترنت ما سيصبح متجاوزاً، بل أيضاً طريقة النقل وحجمه مع تضاعف كمية المعلومات المتوفرة". ويبدو أن نقل ملفات الفيديو إلى أصقاع العالم وتمكين مستخدمي الإنترنت من الإطلاع عليها، هو ما تتجه له الإنترنت في الوقت الراهن، وهنا يكمن التحدي التكنولوجي الجديد الذي يتعين على الشبكة العنكبوتية النهوض به. وفي هذا السياق تشير الدراسات إلى أن 16% من العائلات الأميركية التي تتوفر على خدمة الإنترنت تشاهد البرامج التلفزيونية على الشبكة العنكبوتية، كما تضاعف جمهور مشاهدي حلقات بأكملها من البرامج التلفزيونية على الإنترنت خلال السنة الماضية. وقد أصبحت القنوات التلفزيونية مع بداية الموسم الجديد تتنافس لعرض برامجها مباشرة على الإنترنت لتقريبها من المشاهدين. وينطوي نقل ملفات الفيديو عبر الإنترنت على مجموعة من الفوائد العملية المشجعة. فالحلقات المعروضة على الإنترنت متوفرة دائماً رهن الطلب، بحيث لم تعد مسألة التأخر عن مشاهدة إحدى حلقات البرامج المفضلة للمشاهد أمراً مطروحاً. والأكثر من ذلك أصبح ممكناً اليوم مشاهدة البرامج في نفس الوقت التي يتم فيها تحميلها، موفرةً الوقت الذي كان يستغرقه التحميل ويصل أحياناً إلى ساعة قبل انتهائه. لكن خلافاً للبرامج التي تحمل من خدمة "أي تونز" التي توفرها شركة "أبلز" مثلاً، مازالت جودة الصور في الإنترنت تعاني أحياناً من بعض المشاكل مثل تقطع الصورة أثناء البث وغيرها. وفي هذا الصدد يؤكد "لاري روبرتس" الذي يرأس الآن إحدى الشركات التي تقدم حلولاً لمسألة بث ملفات الفيديو على شبكة الإنترنت، إن ثمة إمكانية للالتفاف على المشاكل الحالية المرتبطة بجودة الصور من خلال التعامل مع المعلومات الرقمية بصورة مختلفة تركز على البيانات المهمة التي تنقلها الإنترنت؛ مثل ملفات الفيديو والصور على حساب المعلومات الأقل أهمية مثل البريد الإلكتروني وغيرها. وتقترح شركة "كاش لوجيك" البريطانية إحداث نظام مركب ومتعدد الجوانب يسمح بتدفق ملفات الفيديو على الشبكة العنكبوتية من مصادر مختلفة، بحيث يتم تخزين العديد من النسخ في موزعٍ لملفات الفيديو مربوط بأجهزة الكمبيوتر دون الحاجة إلى انتقالها من أماكن بعيدة. لكن مع ذلك مازال أمام أجهزة الكمبيوتر المزيد من الوقت قبل التحول إلى شاشات تلفزيون حقيقية، لاسيما الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها إيصال البرامج التلفزيونية إلى مستخدمي الإنترنت. فعلى سبيل المثال تابع 19 مليون أميركي حلقات المسلسل الشهير "ربات بيوت يائسات" على شاشات التلفزيون هذه السنة، وإذا ما كان نفس العدد فضل مشاهدة المسلسل على شاشات الكمبيوتر فإن ذلك سيتطلب قوة إنترنت تصل إلى 4.5 تيرابايتس في كل ثانية، وهو ما يفوق بثلاث مرات القدرة الحالية للإنترنت. ومن المشاكل الأخرى التي تواجه عملية بث المحتوى التلفزيوني على الإنترنت هي طريقة الإيصال واقتراح بعض الشركات الاعتماد على تقنية الألياف البصرية لإيصال المحتوى إلى المستخدمين. وفي هذا الإطار يقول "لين بوساك"، مؤسس شركة "سيكو سيستم" إن "ثمة ما يكفي من النطاق العرضي bandwidth في الألياف البصرية، يسمح لسكان لوس أنجلوس بالتحدث إلى سكان نيويورك، وهذا ليس سوى جزء بسيط فقط". لذا يتفق الخبراء على أن طريقة إيصال المعلومات قد تكون مشكلة في طريقها للحل، لكن تبقى المشكلة في الاختلاف بين سرعة دخول الإنترنت إلى المدينة وسرعة دخولها إلى البيت، حيث مازالت الشركات مترددة في اعتماد التقنيات الجديدة التي تزيد من سرعة وصول الإنترنت، لاسيما تقنية الألياف البصرية بسبب تكلفتها الباهظة. ورغم اعتماد بعض البلدان على تقنية الألياف البصرية، مثل اليابان والنرويج والسويد وغيرها ما يجعل خدمة الإنترنت لديها أسرع من مثيلتها في الولايات المتحدة، فإن الكثافة السكانية كبيرة في تلك البلدان، لاسيما اليابان، وهو ما يقلل تكلفتها بالنسبة للشركات المزودة. لكن الأمر يختلف في أميركا، بمساحتها الشاسعة وفضاءاتها المفتوحة وكثافتها القليلة في بعض الولايات، الأمر الذي لا يشجع الشركات على الاستثمار في الألياف البصرية بسبب تكلفتها العالية. كريس جايلورد ــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"