حدث الآن ما يعد سابقة في التاريخ السياسي للكويت. وزير الأوقاف والعدل الدكتور عبدالله المعتوق أعلن عن رغبته في صعود منصة الاستجواب وفي أن يُمكّن من الدفاع عن نفسه ضد الاتهامات التي وجهت له من قبل التيار السلفي، إلا أن الحكومة وجدت في خروجه ضماناً للاستمرار والتعاون بين السلطتين، أما هو فأصر على عدم استقالته مما تطلب من رئيس الحكومة تنحيته من منصبه. حاولت الحكومة أن تصلح من حالها وأن تدخل البرلمان وهي في حالة أفضل، لكن يبدو أن الغيوم مازالت ملبدة وأن حالة التشنج لن تنتهي، ولا يبدو أن الأوضاع سوف تستقر على المستوى السياسي. حكومة الشيخ ناصر المحمد تعثرت لأكثر من مرة، والأزمة ليست في هذا الوزير أو ذاك بقدر ما هي تعكس حالة الخلل في النظام السياسي الذي يبدو أنه لم يحسم صراعاته، حيث أن استمرار الصراع بين أقطاب الحكم له انعكاساته الخطرة على الاستقرار السياسي في الكويت. المشهد السياسي الكويتي معقد وهو بحاجة إلى تدخل من القيادة السياسية للحد من الصراعات المتزايدة بين أقطاب الحكم. الكويت تعيش أزمة سياسية كبيرة ومن المتوقع أن تبدأ المواجهات مع البرلمان خلال فترة قصيرة، لاسيما أن الحكومة قطعت علاقتها بتيار السلف الذي أقض مضجعها أكثر من مرة وسبب لها الكثير من الصداع السياسي. التيار السلفي تم استبعاده في الحكومة الحالية، ومن المؤكد أن ثمة تحالفات خفية بين الحكومة وتيار "الحركة الدستورية" التي تمثل "الإخوان المسلمين" وتيار "كتلة العمل الوطني"؛ فالكتلتان لديهما حضورهما في الحكومة الحالية. التيار السلفي لن يقف مكتوف الأيدي وسوف يدخل في تحالفات مع التكتل الشعبي الذي يقوده المحارب الشرس احمد السعدون وسوف تحاول بعض الكتل عقد صفقات بينها لكي تستمر في إزعاج البيت الحكومي ومن ثم اتخاذ قرار بحل البرلمان. لا يبدو أن المواجهة الجديدة سوف تمر كما مرت المواجهات الأخرى حيث بلغت الأوضاع مداها، والمتوقع هو أن يُحَل البرلمان وتتم الدعوة لانتخابات جديدة وفقاً للدوائر الخمس. اليوم تم افتتاح دور الانعقاد وألقى صاحب السمو أمير البلاد كلمته وشدد على التعاون، وأكد على أن الكويت بحاجة إلى أفعال وليس إلى أقوال، ما يؤكد بأننا شبعنا من الوعود وشبعنا من التصريحات، وأن الأوان قد حان لترجمة الوعود إلى أفعال. ويرى كثير من المحللين السياسيين بأن كلمة الأمير لها معناها الخفي وأنه في حالة استمرار حالة التشنج بين السلطتين، فليس أمامه إلا حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة. يبدو لنا أن الحكومة الحالية هي ما توصف بحكومة العبور إلى مرحلة جدية في تاريخ الكويت، حيث أن الكويت على أبواب تحولات كبيرة ولا يستبعد أن يرفع رئيس الحكومة إلى أمير البلاد بعدم قدرته على التعاون مع البرلمان، ومن ثم يصدر الأمير أمراً أميريا بالحل والدعوة إلى انتخابات جديدة. والسؤال: ما هي حسابات أطراف الصراع؟ على مستوى أقطاب الحكم، هناك من يرى بأن المسؤولية يتحملها رئيس الحكومة وبالتالي لا يمكن أن يكلف مرة تلو المرة، وأنه آن الأوان لتغيير رئيس الحكومة! لكن يبدو أنه سيناريو ربما يتم تأجيله في هذه المرحلة. أما نواب التأزيم فيرون بأن الدعوة إلى انتخابات جديدة سوف تأتي بوجوه جديدة، وقد تكون أشد شراسة، فهو أمر مايزال غير متوقع حيث من الواضح أن القوى الإسلامية والقبلية والطائفية هي الرابح من أي انتخابات جديدة. نجزم بأن فترة الاحتقان السياسي قاربت من النهاية، لكن أي نهاية؟ ربما الأيام والشهور القادمة ستمنحنا مؤشرات للتعرف على توجه التجربة الديمقراطية في الكويت