منذ إنشائه في مارس عام 1994، حرص "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" على أن يقدم نموذجاً في التميّز ليس على الساحة الإماراتية فقط، وإنما على الساحتين العربية والدولية. وقد انعكس هذا الطموح على الطريقة التي عمل بها، على مدى السنوات الماضية، سواء على مستوى الإدارة أو الإنتاج البحثي أو المؤتمرات العلمية فضلاً عن مجال خدمة المجتمع. وإذا استلهم مركز الإمارات تجربته في التميّز من التجربة الاتحادية والتنموية الإماراتية العامة التي قدّمت وما زالت تقدّم دروساً مهمّةً في كيفية تحقيق المستحيل، فإنه كان مدفوعاً في تميّزه بدعم القيادة السياسية اللامحدود لدوره وإيمانها بقيمة العلم في بناء الأمم القوية من ناحية، وإدراكه لحاجة المجتمع الإماراتي المتطور بسرعة إلى إسهامات فكرية تتعامل مع قضاياه ومشكلاته بروح وطنية خالصة. وتمثل مسيرة "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" منذ تأسيسه عنواناً عريضاً للتميّز على المستويات كافة وفي المجالات كلها التي يهتم بها. في هذا الإطار فإن الكلمة التي ألقتها الأستاذة عايدة عبدالله الأزدي، نائب مدير عام المركز لشؤون خدمة المجتمع، حول تجربة التميّز في "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" ضمن فعاليات "ملتقى أبوظبي للباحثين عن التميّز 2007" الذي عقد، أمس، تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد قدّمت إضاءات مهمّة على ما أنجزه المركز وما قدّمه للمجتمع الإماراتي وما زال يقدّمه من خدمات كبيرة. حيث أكدت هذه الكلمة الرسالة الخاصة للمركز في الارتقاء بمجتمع الإمارات، وهي رسالة جوهرية في أجندة وأولويات عمله منذ تأسيسه قبل نحو 13 عاماً، حيث قام بدور مهم في تعزيز الوعي الثقافي والفكري والسياسي في الدولة. إن امتلاك المؤسسات والهيئات، بغض النظر عن طبيعة نشاطها، ميزة تنافسية مسألة بالغة الحيوية في معادلة البحث عن النجاح في غمرة المنافسة الشرسة، وربما يزداد الأمر صعوبة في مجال البحث العلمي، إذ إن امتلاك ميزة تنافسية في هذا القطاع ربما يبدو أكثر صعوبة ويتطلب جهداً شاقاً مقارنة بمجالات وقطاعات عمل أخرى، كون الرهان في حالة البحث العلمي يبقى على إعداد الموارد البشرية ورفد المجتمع بكوادر بشرية ليست مؤهلة فقط، ولكنها متميزة أيضاً، والرهان أيضاً يبقى على المردود الحقيقي لجهد بحثي يفترض أن يجني المجتمع ثماره ويلمس نتائجه. إحدى الحقائق التي تضع "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" ضمن دائرة التميّز وركزت عليها ورقة العمل المقدّمة إلى الملتقى هي وجود سعي حثيث لترسيخ "ثقافة خاصة" في أذهان متلقي نشاطاته عموماً ولدى المنتسبين إليه وتحديداً من الكوادر الوطنية، وهذه الثقافة تتلخص في "التأكيد على حتمية التميّز" باعتباره "واجباً مقدساً" في ظل ندرة مواردنا البشرية وما يترتب على هذه الحقيقة من ضرورة إيجاد حلول ناجحة وعملية للتغلب على مشكلة التركيبة السكانية. وقد أكدت ورقة العمل أن هذه الحلول تتمثل في التأكيد على حتمية العطاء اللامحدود الذي يستوفي المعايير القياسية قدر الإمكان على أن يشمل أداء هذا الواجب الموظفين كافة من رأس الهرم الوظيفي إلى قاعدته. ورقة العمل المقدّمة من المركز إلى الملتقى لم تقتصر على تناول مقومات التميّز وركائزه بل اشتملت على دعوة صريحة ومباشرة أيضاً إلى المواطنين والمواطنات لبذل الجهد في نطاق العمل الرسمي والتطوعي والسعي الجاد لاختزال المسافات والاستفادة القصوى من الوقت وخبرات الآخرين وأن تكون الكفاءة والجودة أولوية مطلقة تراعى في هذا الجهد الذي يستحقه هذا الوطن المعطاء.