استبشر الجميع خيراً بتوجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بأن يكون لمنطقة العاصمة كيان وصورة معمارية مميزة توحي لسكان وزوّار المدينة بمكانة أبوظبي على خريطة المنطقة والعالم، حيث دعا سموه، خلال ترؤسه اجتماع مجلس التخطيط العمراني لمناقشة خطة العمل للسنة المقبلة، إلى الأخذ بأفضل المعايير والمواصفات في تطوير المنطقة لتصبح من أرقى مناطق الدولة. هذه التوجيهات السامية تكتسب أهمية استثنائية ليس فقط لجهة عامل التوقيت، كونها تأتي ونحن على مشارف بدء تنفيذ خطة "أبوظبي 2030"، وما يرتبط بذلك من أخذ هذه التوجيهات في الاعتبار ضمن مخطط التطوير الشامل والمتكامل لأبوظبي، ولكن أيضاً لأن الطفرة العمرانية التي تشهدها إمارة أبوظبي، ستتكامل آثارها ويتعاظم مردودها النوعي مع إضفاء خصوصية وطابع معماري متفرّد لمنطقة العاصمة، بما يتماهى وينسجم مع التحوّلات الثقافية الهائلة التي تشهدها أبوظبي في الآونة الراهنة، ويتوقع أن تكتمل جميعها عقب الانتهاء من إتمام المشروع الثقافي الضخم في "جزيرة السعديات". هذه التوجيهات السامية توحي أيضاً بأن الخصوصية المعمارية لأبوظبي ستصبح جزءاً لا يتجزّأ من النهضة الثقافية والفنية التي تشهدها الإمارة، باعتبار أن الطابع المعماري المميز يضفي بالتبعية شخصية معمارية متميّزة للمدن الكبرى، بما يمتلكه الطابع المعماري من ارتباطات وعلاقات موحية مع الإطار البيئي المحيط، وبما يعكسه من دلالات حضارية وثقافية واجتماعية، انطلاقاً من أن الفن المعماري هو فن قائم بذاته ويمتلك من المقوّمات والأسس الجمالية ما يميّزه عن الفنون الأخرى، وما ينطوي عليه من "روزنامة" القيم والسمات المعمارية الجمالية ذات الصلة الوثيقة بهوية المكان وتاريخه، بل وحتى البيئة المناخية المحيطة التي تلعب بدورها دوراً مؤثراً في التصميمات المعمارية وتكسب التخطيط المعماري قدراً عالياً من الخصوصية بما تعكسه من أبعاد زمانية ومكانية للفن المعماري. هذه التوجيهات السامية توحي كذلك بأن الابتكار والتجديد سيكون شعار الطفرة المعمارية التي تتبلور ملامحها في أبوظبي، باعتبار أن الحديث عن شخصية معمارية مميزة لمنطقة العاصمة سيتبعه بالضرورة شيء جديد في التخطيط المعماري الذي ينسج علاقات وثيقة بين الرسومات الهندسية والبيئة الزمانية والمكانية قديماً وحديثاً مع أخذ طموحات المستقبل بالاعتبار، وبحيث تتواكب الخطط مع أحدث تكنولوجيا ومعايير العصر وتوظفها لمصلحة تحوّل منطقة العاصمة لتصبح واحدة من أرقى مناطق الدولة. والمؤكد أن من الممكن منذ الآن القول إن التمازج بين ما تتوافر عليه الطفرة العقارية في أبوظبي من إمكانات مادية وتخطيطية وخبرات هندسية وتنفيذية عالمية من جهة، والانبعاث الثقافي المدروس الذي تشهده إمارة أبوظبي في مختلف القطاعات والمناحي والأنشطة الثقافية والفنية، من جهة ثانية، والتوجيهات التي أصدرها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بإضفاء شخصية معمارية متميّزة على منطقة العاصمة من جهة ثالثة، هذا التمازج والترابط بين هذه العناصر والركائز الثلاث سيفكّك جدليّة الأصالة والمعاصرة في النهضة التنموية من خلال صيغة الحفاظ على مقوّمات التراث والبيئة والهوية الحضارية وربطها جميعاً -كخصائص وسمات- مع الخطط الثقافية المستقبلية وفنون العمارة الحديثة، وسيصبّ أيضاً في مصلحة تحقيق الأهداف التنموية في قطاعات ومجالات أخرى، خصوصاً ما يتعلّق بتنشيط قطاع السياحة والسفر وما يرتبط به من أنشطة اقتصادية أخرى مثل صناعة المعارض والفندقة والخدمات وغير ذلك. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية