انتهى العالم منذ فترة وجيزة من الاتفاق على عجائب الدنيا السبع المُحدثة، ولم ينتهِ بعد من حصر عجائب دنيا العرب في شتى القضايا العالقة. فهذه العجائب العصيَّة على العد بحاجة إلى شيء من التركيز الدقيق، لأنها أدخلت العرب أنفسهم في متاهة لا يُعرف المخرج منها، وإن البعض منها تولى الغرب إخراجه منذ عقود. ليست هناك وحدة كلمة ولو عبر الجامعة العربية التي يفترض منها الوصول إلى شيء قريب من وحدة الموقف إلى حين تشكل جامعة أخرى اقتصادية المذاق بعيداً عن مرارة السياسة التي تحكم الأحادية الحادة التي تتصدر رأس الهرم فيها. ونستدل بذلك من الوفد الذي تم تشكيله مؤخراً لإجراء اتصالات مع إسرائيل للاتفاق على كيفية تشغيل قطار السلام المعطل منذ أكثر من عقد، عبر تسويق المقترح العربي للسلام الشامل مع إسرائيل، إلا أن الخلاف قد دبَّ منذ البداية في عدم مصداقية التمثيل للجامعة التي تشكل الوفد منها، أهو لها أم للدول التي تتمثل في الوفد، أم هو شأن داخلي لكل دولة على حدة، أم يمثل الوفد نفسه ولم يحسم الأمر بعد. وفي الشأن اللبناني، خرج أمين عام الجامعة العربية الذي تم التعويل عليه للوصول إلى خيط من الأمل هناك، إلا أنه خرج علينا بنظرية اصطلاحية جديدة، وهو إبداع عربي يشكر عليه ويضم إلى إنجازات الجامعة، حيث وصل معه الوضع اللبناني إلى نقطة حاسمة أطلق عليها مرحلة "التشاؤل"، وهي كلمة جامعة مانعة مكونة من التشاؤم والتفاؤل، مع حدوثهما في آنٍ واحد. أما السياسة الخارجية للعرب عموماً فإنها تتحدد وفق مفهوم لمصطلح جديد أيضاً، وهو أحد المخترعات العربية الحديثة في عصر الإبداع سمي في حينه ولازال لغرض عدم الحسم في مختلف القضايا بالقول أمام مواجهة أي إشكالية سياسية في العالم من حولنا، وخاصة إذا كان الضغط الرأسي علينا قوياً بالتركيز على أفهامنا المعلقة بكلمة "لعم"، وهي كذلك نقطة ضبابية بين الرفض التام أو القبول المحتوم. وتتناثر حبوب هذه الأعاجيب على كثير من جزئيات العلاقات العربية- العربية أو العربية- العالمية، بالإغراق في الغموض أو الهلامية التي تقترب بنا من درجة حركة الزئبق بين أيدينا فلا نعرف السبب في قبول الاحتلال أحياناً كحل لبعض مشاكلنا، وكيل اللعنات لخروج المحتل من أراضينا والرضا بالاحتلال من الداخل عبر الأوصياء على شؤوننا مع رضائنا ببوح الحقائق عند الآخرين من غير أمثالنا. أما الإرهاب وحروبه المدمرة، فإنها خلقت فينا تردداً واضحاً وإرهاباً ذاتياً وخوفاً داخلياً في الوصول إلى أي مصطلح يمكن التعبير عن مقتضيات الدخول في هذه الحرب التي لم تعد كلاماً فارغاً. فكلمات مثل "الجهاد"، "التطرف" "المقاومة"، "الثورة"، "الانتفاضة"، "الحرب"... لم تعد سهلة التناول عندما يتعلق الأمر بمعادلة مع أو ضد، "محور الخير أو محور الشر"، فلم نعد ندرك موقفنا من الإِعراب، فكلما علا صوت محاربة الإرهاب، قمنا بردة الفعل الفكرية التي تثبت أننا في نفس القارب، وبترديد المصطلحات التي كانت مفخرة الأدبيات العريقة التي انقلبت إلى أدلة اتهام لمن لم يحسن استخدامها أو الإفلات من عواقبها الفتاكة. فلو وضعنا تلك العجائب في قائمة واحدة فإننا نستطيع حصرها في قائمة عجائب دنيا العرب السبع، بدءاً بالجامعة العربية، الاتحاد الأفريقي، دارفور، لبنان، فلسطين، الصومال والعراق، لوجدنا في هذه السباعية كُمون عجائب دنيا العرب، وعندما يوسع العالم دائرة العجائب السبع الثقافية فإننا نستطيع إدخال العجائب الجديدة إلى ذات القائمة مع مراعاة المفارقة.