Foreign Affairs الشراكة الهندية- الأميركية قضايا سياسية عدة شملها العدد الأخير من دورية Foreign Affairs التي تصدر كل شهرين عن مجلس العلاقات الخارجية الأميركي. فتحت عنوان"فرصة أميركا الاستراتيجية مع الهند-الشراكة الهندية الأميركية الجديدة" يرى "نيكولاس بيرنز" وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، أن الصعود المتنامي للهند كدولة ديمقراطية، يعد تطوراً إيجابياً بالنسبة للولايات المتحدة لأن المصالح والقيم التي تجمع بينها وبين الهند على وجه التحديد، تفوق المصالح والقيم التي تجمع بينها وبين أي دولة أخرى. وهو يرى أيضاً أن تقارب بلاده مع الهند يعد دليلا على أن الرهان الأميركي في المستقبل سيكون على الدول التعددية الديمقراطية التي تتبنى سياسات السوق وأن التقارب مع الهند يحمل في طياته فرصة فريدة لتحقيق التوازن العالمي في القوى خصوصاً وأن المجتمعين يواجهان تهديدات مشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة كما يعتمدان على التجارة باعتبارها قاطرة الرخاء ويقدران قيم التعليم والعمل الجاد. ويشير "بيرنز" إلى أن حقيقة أن ستة من بين كل عشرة هنود يحملون تقييماً إيجابياً للولايات المتحدة يعد عنصراً غاية في الأهمية للولايات المتحدة خصوصاً في هذا العصر الذي تفاقمت فيه ظاهرة العداء لكل ما هو أميركي غير أنه ينبه مع ذلك إلى أن تعزيز العلاقات بين الدولتين سوف يتطلب التغلب على الكثير من العقبات التي تواجههما ومنها ضرورة العمل بشكل أكثر جدية وفعالية من أجل التصدي للإرهاب العالمي وتجارة المخدرات والانتشار النووي والقيام بمزيد من الجهود للتغلب على الكثير من مصادر الخلافات بينهما، ومواجهة التحديات المستقبلية، وأن تلك الجهود فيما لو قدر لها النجاح ستؤدي بدورها إلى إتاحة المزيد من الفرص لتعميق الشراكة الأميركية – الهندية من أجل صياغة عالم جديد أكثر استقراراً ومسالمة ورخاء. وتحت عنوان "عندما يوقف الكونجرس الحروب" يذهب كل من و"يليام جي. هاويل" و"جون سي. بيفيهاوس" الأستاذان المساعدان في كلية السياسات العامة في جامعة شيكاغو إلى أنه ومنذ أن تمكن "الديمقراطيون من الفوز بأغلبية مقاعد الكونجرس بمجلسيه فإن قاعات" كابيتول هيل" -مقر الكونجرس- شهدت زخماً ملحوظاً من الاجتماعات وجلسات الاستماع، وذلك بعد فترة طويلة من الركود شهدها تحت سيطرة "الجمهوريين". ويرى الكاتبان أن ذلك يجب ألا يمثل مفاجأة لأحد لأن التكوين الحزبي للكونجرس كان هو الذي يتحكم خلال الستين عاما الأخيرة في تحديد مصائر الحرب والسلام. وأن الرئيس جورج بوش" الجمهوري" سيجد أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة له أن يواصل البقاء في العراق بعد أن سيطر "الديمقراطيون" على الكونجرس، وأن الحال لن يكون أبداً كما كان عليه إبان فترة سيطرة "الجمهوريين" عندما تعرض الكونجرس للعديد من الانتقادات التي كان منها على سبيل المثال أنه قد فشل خلال السنوات الست الماضية في وضع القيود الملائمة على حرية الرئيس في التصرف في مجال السياسة الخارجية بشكل عام، وفي صلاحية شن الحروب بشكل خاص رغم أن هذه الصلاحية تعتبر من أهم الصلاحيات التي يتمتع بها الكونجرس. "نزوى": النهضة وفضاء المدينة نطالع في العدد الأخير مجلة "نزوى"، مجموعة من المواضيع والمعالجات الفكرية والأدبية، نتوقف عند اثنتين منها، أولاهما دراسة لفيصل دراج بعنوان "من النهضة إلى الحداثة"، وفيها يقدم توصيفاً تحليلياً لثلاث لحظات فكرية ميزت تاريخ العرب الحديث؛ أولاها لحظة عصر النهضة والذي تميز سياقه بالسيطرة الخارجية، وبضعف السلطات المحلية وتفكك البنية المجتمعية وطغيان التصورات التقليدية... لذلك انشغل الفكر النهضوي بالتحرر من السيطرة الأجنبية والتخلف الاجتماعي، محاولاً إصلاح الوعي ونقد الشروط المختلفة التي تنتج وعياً متخلفاً. ثم جاءت لحظة الثورة التي ألغت النهضة واستمدت مراجعها من وعود الاستقلال الوطني وصعود الأفكار التحررية وسقوط فلسطين... بيد أن الفكرة أنتجت نقيضها؛ وأفضت إلى أمرين مترابطين: إيقاف السيرورة الديمقراطية النهضوية، وبناء مجتمع مهزوم ومغترب يساوي بين الحداثة والسلطة المهزومة ويرفضهما معاً. أما لحظة الحداثة، فتميزت بخطابها الذي يدور حول قضايا فكرية بالأساس، خطاب يتوجه إلى المثقفين لا إلى غيرهم، ويتمحور حول هواجس نخبوية ضيقة! وفي دراسة أخرى عنوانها "المدينة... فضاء إشكالي في الرواية المغربية"، يحاول عبد الرحيم العلام ملامسة ارتباط الرواية المغربية بالفضاء الحضري المديني، ليوضح أن هذه الرواية التي تمكنت عبر استثمارها لفضاء المدينة فيها من رصد أسئلة التحول، وتفاعلت بشكل مكثف مع فضاء المدينة المغربية، لم تسقط في شرك إبراز التحول الحضاري من البادية إلى المدينة، كما لم تنسق وراء ثنائية النقاء والهدوء مقابل جحيم المدينة، بل كانت تتوخى بلورة إشكالية الزمن وتجليات فعله وتأثيره في الفضاء وفي العلائق والمنظورات، وبالتالي تشخيص التبدلات الحادثة في الذات والبنى. كما يسجل الكاتب أيضاً أن الرواية المغربية لم تتعامل مع المدينة كفضاء روائي وكيان طوبوغرافي محض، بقدر ما كانت تتفاعل معها باعتبارها فضاء مضيئاً للحكي والتخييل، فضاء مناسب لبلورة صيغ مختلفة حول المدينة وأمكنتها المتناسلة، وككيان مشرع على أسئلة الذات والمجتمع والكينونة والوجود..!