مستقبل أوروبا في رأس المال البشري... والتغير المناخي يُحبط الحرب على الفقر ما هي أهم التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي؟ وكيف يعصف التغير المناخي بالجهود العالمية المبذولة لمكافحة الفقر؟ وهل ثمة نتائج إيجابية للمأزق الأميركي في العراق؟!وكيف تحول النصر في أفغانستان إلى هزيمة؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. تحديات أوروبية: في مقالهما المنشور يوم أمس الاثنين بصحيفة "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية، سلط "جاك ديلور" الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، و"إيتيان دايفجون" النائب السابق للمفوضية ذاتها، الضوء على التحديات التي تعترض مسيرة التكامل الأوروبي. ففي هذه اللحظة على دول الاتحاد الأوروبي أن تقرر مستقبلها خلال الخمسين عاماً المقبلة وما إذا كانت السياسات الأوروبية المقبلة مثمرة وبناءة كما كانت في الخمسين عاما الماضية. ويمكن لصناع القرار في أوروبا سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي أن ينتهجوا سياسات أفضل في المجالات التالية: التحديات العالمية التي يمكن لأوروبا لعب دور قيادي في مواجهتها، وتعزيز وتقوية رأس المال البشري سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو على مستوى العالم وتحسين فعالية الأجهزة وآليات صنع القرار السياسي في أوروبا الموحدة. القارة العجوز في حاجة إلى أجندة عالمية واضحة، وضمن هذا الإطار يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تدشين نوع من الاستمرارية في سياساته تجاه معضلة التغير المناخي، من خلال تطوير أهداف أوروبية أكثر صرامة لمواجهة هذه المعضلة، واستغلال النفوذ الاقتصادي والتجاري للاتحاد في فرض معايير جديدة للحد من الانبعاثات الملوثة على أن تكون هذه المعايير مقبولة من الناحية العلمية. وفي القضايا الأمنية، على أوروبا اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً تجاه مسائل مهمة كحظر الانتشار النووي، وفرض عقوبات على النظام العسكري في بورما، وأن يكون الهدف تطوير دور أوروبي فاعل وعادل على الساحة الدولية، يتجاوز الدور القائم على مبدأ العيش المشترك. هذا الهدف يجب أن يستند إلى أدوات تمكن أوروبا من امتلاك "القوة الناعمة" كالمساعدات الاقتصادية وإبرام اتفاقيات شراكة تعزز الدور السياسي والأمني لأوروبا الموحدة، وهو ما يستلزم توسيع نطاق العلاقات الأوروبية- الأطلسية بحيث يتعاون الاتحاد الأوروبي مع أميركا بطريقة تضمن تعريفاً جديداً لمصالحهما المشتركة ولطريقة حماية هذه المصالح، لا سيما وأن لديهما قرابة 10% من سكان الأرض. أما بناء رأس مال بشري في أوروبا والعالم، فهو عنصر مهم لمستقبل أوروبا، استناداً إلى حقيقة مفادها أن التعليم هو الاستثمار الأكثر ربحية في القارة العجوز، مما يستلزم إطلاق استراتيجية أكثر طموحاً لبناء ديناميات تعليمية وتوظيفية جديدة داخل أوروبا وفي الوقت ذاته تقديم العون الأوروبي في مجال التعليم للدول الأكثر فقراً في العالم. أما تعزيز آليات صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، فإن ثمة شكوكاً في قدرة المؤسسات الأوروبية على إنجاز الأهداف الأوروبية الطموحة، ومن ثم تلوح في الأفق إيماءات حول "معاهدة الإصلاح" المعنية بتطوير آليات صنع القرار الأوروبي، والتي لا يزال تفعيلها أمراً تحوم حوله الشكوك بسبب صعوبة التصويت على المعاهدة والتصديق عليها من قبل 27 دولة أوروبية. صفعة للحرب على الفقر: "راجيندا باشوري" رئيس اللجنة الأممية للتغير المناخي- التي حازت على نوبل للسلام لعام 2007- خصص مقاله المنشور يوم أمس الاثنين في "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية لعرض التحديات التي يشكلها التغير المناخي على مكافحة الفقر في العالم، ذلك لأن التغير المناخي سيضيف مزيداً من الضغوط على البلدان الفقيرة التي تعاني مجتمعاتها من مشكلات معيشية جمة، فبحلول عام 2020 سيتعرض ما بين 75 إلى 250 مليون نسمة في أفريقيا لمشكلة نقص الموارد المائية، وذلك نتيجة للتغيرات المناخية في القارة السمراء، التي قد تتقلص الأراضي الزراعية في بعض بلدانها بنسبة 50%، بسبب طول مواسم الجفاف. وفي آسيا سيؤدي ذوبان ثلوج الهملايا إلى فيضانات، مما سيلحق الضرر، خلال العقود الثلاثة المقبلة بالموارد المائية في جنوب آسيا وأجزاء من الصين. وبحلول عام 2050 ربما يتعرض أكثر من مليار نسمة في آسيا لشح في المياه بسبب التغير المناخي. "غروب مبكر": تداعيات الحرب على العراق وتأثيراتها على القوة الأميركية، كانت المحور الرئيس لمقال "فيليب جولب"، المنشور يوم الأحد الماضي في "تورنتو ستار" الكندية. فتحت عنوان "الشمس تغرب مبكراً عن القرن الأميركي"، خلص الكاتب إلى أنه حتى غلاة الواقعيين الأميركيين المنتمين إلى النخب السياسية الراهنة لديهم مخاوف من أن هذه الحرب ستعوق قدرة الولايات المتحدة على قيادة العالم. "جولب"، وهو صحفي ومحاضر بجامعة باريس، يرى أن النتائج الكارثية لغزو واحتلال العراق تسببت في أزمة لدى النخبة السياسية الأميركية تفوق تلك الأزمة الناجمة عن الهزيمة في فيتنام قبل ثلاثين عاماً وما يبعث على السخرية أن التحالف الذي كان قائماً بين غلاة "المحافظين الجدد" والقوميين المتعصبين الأميركيين في السبعينيات يسعى أعضاؤه الآن إلى العودة للمعضلة الفيتنامية من خلال ما يرونه استعادة للقوة الأميركية وإحياء لـ"إرادة الانتصار"، مما أجج الأزمة الراهنة في العراق. وبالنسبة للنخبة السياسية في الولايات المتحدة، فإنها اعتادت طوال الستين عاماً الماضية أن تكون قائدة للعالم، واعتادت على الهيمنة كطريقة للحياة، ولم يجد الواقعيون المنتقدون لبوش من إطار يمكن تطبيقه في العلاقات الدولية يعتمد على شيء آخر غير القوة أو توازن القوى والهيمنة الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن الأزمة العراقية الراهنة ستؤجج المخاوف العالمية من الأحادية وستدفع في المستقبل باتجاه التعاون الدولي والاعتماد المتبادل. هزيمة من رحم الانتصار: تحت عنوان "فرض الهزيمة من قلب الانتصار"، كتب "جوين داير" يوم الجمعة الماضي مقالاً في"جابان تايمز" اليابانية، ليستعرض المشهد الأفغاني الراهن، وذلك بمناسبة الذكرى السادسة للهجمات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد نظام "طالبان" و"القاعدة" في أفغانستان. صحيح أن الهجمات كانت ناجحة حيث تمكنت الولايات المتحدة في ديسمبر 2001 من السيطرة على كافة الأراضي الأفغانية، ولم تتعرض سوى لخسائر بشرية محدودة تمثلت في مصرع 12 جندياً أميركياً. لكن المشهد تغير الآن، وها هي أميركا تخسر الحرب في أفغانستان. "داير"، وهو صحفي مستقل مقيم في لندن، يرى أن القتال الذي تدور رحاه الآن في الجنوب الأفغاني معقل البشتون، والذي أسفر عن خسائر بشرية في صفوف القوات الأميركية والكندية والبريطانية سيتواصل ما لم تنسحب هذه القوات من أفغانستان، علماً بأن معظم دول "الناتو" أرسلت قوات في مناطق متفرقة من الشمال الأفغاني حيث لا يوجد بشتون ولا يوجد من يجرؤ على مهاجمة الأجانب. وحسب الكاتب، فإنه بعد انسحاب القوات الأجنبية، سيتوصل الأفغان إلى اتفاقات إثنية تضمن شيئاً أشبه بالسلام، لكن ساعتها هل يظل حامد قرضاي رئيساً للبلاد؟ الإجابة نعم بشرط أن يكون قادراً على إقناع البشتون بأنه مستعد للاتفاق معهم بمجرد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد. وثمة تساؤل آخر، هل سيعود بن لادن مرة أخرى ويدشن "عشاً للإرهابيين" في أفغانستان؟ الإجابة إن ذلك من غير المحتمل لكون الأفغان دفعوا ثمناً باهظاً لكرم ضيافتهم ابن لادن. إعداد: طه حسيب