نحو استراتيجية شاملة لهزيمة "القاعدة"... وهيلاري تتراجع عن تحرير التجارة هل يمكن دحر "القاعدة" بالمواجهة العسكرية فقط؟ وكيف غيرت هيلاري كلينتون مواقفها من تحرير التجارة؟ وماذا بعد فوز مشرف في انتخابات الرئاسة؟ ولماذا فاز "آل جور" بنوبل للسلام؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "حرب على جميع الجبهات": في مقاله المنشور يوم الخميس الماضي بصحيفة "بلتيمور صن"، وتحت عنوان "كي نهزم ابن لادن علينا شن الحرب على جميع الجبهات"، استنتج "تيم رومر" أن رسائل ابن لادن الثلاث التي تزامنت مع الذكرى السادسة لهجمات سبتمبر توضح أن لديه استراتيجية محسوبة يمكن اعتبارها عقيدة قتالية أو حربية شاملة ذات شق عسكري يتمثل في قتل الأميركيين في شتى بقاع الأرض، وذات شق مالي هدفه النيل من الاقتصاد الأميركي واستنزافه، إضافة إلى شق سياسي يهدف إلى النيل من سمعة أميركا وتقليص الدعم الذي تحصل عليه من الخارج. "رومر"، المنتمي للحزب "الديمقراطي، والعضو السابق بمجلس النواب الأميركي عن ولاية إنديانا، يرى أن على أميركا الاعتراف بأن تحريضها على خوض حروب إنهاك باهظة التكاليف، وأن توسيع الهوة بينها وبين حلفائها سيجعلان "القاعدة" قادرة على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة دون أن تقدم على عمل إرهابي واحد داخل الأراضي الأميركية. وحسب "رومر"، فإن لدى ابن لادن اعتقاداً مفاده أنه حتى إذا فشل في الهجوم على الولايات المتحدة، فإنه لا يزال قادراً على هزيمتها. ومن ثم يتعين على الولايات المتحدة تبني استراتيجية شاملة للانتصار على "القاعدة" لا تشمل حلاً سياسياً في العراق فقط، بل تتضمن أيضاً سياسة شاملة في مجال الطاقة، كي يتسنى لواشنطن تقليص اعتمادها على النفط المستورد. ولكون ابن لادن رجل أعمال سابقاً، فإنه يدرك أهمية الاقتصاد في تعزيز قوة الأمم. وفي شريط متلفز له تم بثه في أكتوبر2004 أكد ابن لادن أهميةَ الحرب غير التقليدية على السوفييت في الثمانينات وكيف أن هذه الحرب كبّدت السوفييت خسائر فادحة تسببت في إفلاسهم "بعد عشر سنوات من القتال وإجبارهم على الانسحاب مهزومين"، على حد قول "ابن لادن" في شريطه المذكور. وقياساً على منطق هذا الرجل في أفغانستان، يمكن القول إنه يعيد -من خلال "القاعدة" في العراق- سياسة الاستنزاف هذه التي انتهجها ضد السوفييت مع الولايات المتحدة في بلاد الرافدين. أميركا تنفق 12 مليار دولار كل شهر على حربها في العراق، ووصلت تكلفة الحرب الإجمالية، أي منذ اندلاعها ربيع عام 2003 إلى نصف تريليون دولار. ويبدو أن سياسة ابن لادن الرامية إلى دفع الولايات المتحدة نحو عجز الموازنة لا تقتصر على الهجمات الاقتصادية، بل تسعى لاستهداف أميركا في إحدى نقاط ضعفها، وهي الاعتماد على النفط المستورد، خاصة أن ابن لادن يدرك أن رسائله تلقى صدى في بلدان تعتمد عليها الولايات في تلبية احتياجاتها النفطية. لكن يبدو أن إدارة بوش تتجاهل استراتيجية "القاعدة" واختارت التعامل معها عبر المواجهة العسكرية فقط، لذا يجب على مرشحي الانتخابات الرئاسية الأميركية تبني سياسة خارجية متوازنة كي تتسنى هزيمة ابن لادن على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. هيلاري وحرية التجارة: خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي لرصد مواقف السيناتورة هيلاري كلينتون المرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في مسألة تحرير التجارة الخارجية وما يتعلق بها من إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع دول أجنبية. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن سياسات هيلاري تتعارض مع الجهود التي بذلها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في مجال تعزيز حرية التجارة، والتي خاض بسببها مواجهات مع جماعات الضغط التجارية أو "اللوبيات" الصناعية والتجارية الأميركية، فكلينتون نجح في إقناع هذه "اللوبيات" بالموافقة على إبرام اتفاقية تجارة حرة بين دول أميركا الشمالية (كندا والمكسيك والولايات المتحدة) التي وقعت واشنطن عليها عام 1993. هيلاري صوتت في مجلس الشيوخ ضد توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الولايات المتحدة وجمهورية الدومنيكان. وأبدت في مقابلات صحفية أجريت معها تراجعاً عن اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية المعروفة باسم "النافتا". وفي حوار أجرته معها صحيفة "يو. إس. إيه. توداي" قالت هيلاري: "إن وقت التوقيع على اتفاقيات تجارة حرة جديدة قد انتهى، هذه الاتفاقيات يجب أن يتم الانضمام إليها بعد دراسة معمقة لتأثيراتها". الغريب أن هيلاري صوتت بمجلس الشيوخ في وقت سابق لصالح اتفاقات تجارية بين الولايات المتحدة وكل من تشيلي وسنغافورة. ترى ما الذي غير وحهة نظر هيلاري"؟ ربما وجدت المرشحة الرئاسية أن حرية التجارة في نهاية القرن العشرين كانت في صالح أميركا، أما الآن فإن المسألة، حسب هيلاري، بحاجة إلى "مناقشات جادة". أصداء فوز "مشرف": في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي، سلطت "نيويورك تايمز الضوء على الانتخابات الرئاسية في باكستان التي أجريت قبل بضعة أيام، وفاز فيها الرئيس برويز مشرف. الصحيفة وصفت الانتخابات بأنها تحريف للديمقراطية، ذلك لأن التصويت، لم يعد تصويتاً، بسبب رفض أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات، التي يفترض أن المحكمة العليا أقرت نتائجها، ومن ثم على هذه المحكمة البت فيما إذا كان على مشرف الترشح للرئاسة وفي الوقت نفسه مواصلة قيادته للجيش أي الاحتفاظ بمنصبه العسكري كقائد أعلى للجيش. إن إعادة باكستان للحكم المدني كانت منذ وصول "مشرف" للحكم" عام 1999 هدفاً معلناً للولايات المتحدة، وآنذاك وعد الرئيس الباكستاني بأنه سيستقيل من منصبه العسكري ويخلع بزته العسكرية، لكنه حتى الآن يتعامل مع توقيت تنفيذه لهذه الوعود بدرجة شديدة من الذكاء. وخلال السنوات الماضية تغاضى الرئيس بوش عن كثير من أخطاء الرئيس مشرف، وقدم بوش مليارات الدولارات لباكستان لدورها في الحرب على الإرهاب، ومع ذلك لم يفِ مشرف بكل الوعود التي قطعها على نفسه، وفي غضون ذلك استفحل خطر "القاعدة" وفلول "طالبان" على الحدود الباكستانية. آل جور ونوبل للسلام: في تقريرهما المنشور يوم أمس الجمعة في "الواشنطن بوست"، وتحت عنوان "جور ولجنة أممية يفوزان بنوبل للسلام"، أشار "هاورد شنايدر" و"ديبي ويلجورين" إلى أن "آل جور" النائب السابق للرئيس الأميركي ولجنة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة ظاهرة التغير المناخي حصلا على جائزة نوبل للسلام، لما بذلاه من جهد في تبصير العالم بخطر الاحتباس الحراري وفي تعزيز المسألة بحيث تكون ثمة خطوات سياسية لمواجهتها. اللجنة النرويجية المنظمة لجائزة نوبل وصفت "آل جور" بأنه الشخص الوحيد المسؤول عن إقناع العالم بأن التغير المناخي أمر حقيقي سببه الأنشطة البشرية، وأنه يشكل خطراً على العالم. "جور" ركز على مسألة التغير المناخي في كتبه الأخيرة وعبر مناسبات عدة، وسلط "جور" الضوء على هذه المشكلة في فيلم وثائقي يحمل اسم "الحقيقة المزعجة" كان قد حصل من خلاله على جائزة Academy Award للأفلام الوثائقية. أمام اللجنة الأممية التي شاركت "آل جور" جائزته فهي اللجنة غير الحكومية للتغير المناخي التي يعمل من خلالها ألفا عالِم، وتقوم بمراقبة التغيرات المناخية منذ عام 1988، وتحاول البحث عن حلول لمواجهتها، واللجنة نتاج لجهود مشتركة بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأرصاد الجوية. إعداد: طه حسيب