في تصريحات نُشرت في صحيفة "الاتحاد" في الثالث من يونيو عام 2007، قالت مريم الرومي، وزيرة الشؤون الاجتماعية، إن هناك قصوراً في دور الجمعيات التعاونية، مؤكّدة أن هذه الجمعيات لم تستطع تحقيق مقاصد الاقتصاد التعاوني رغم أنها خطت خطواتٍ كبيرةً في السنوات الأخيرة حتى بلغ عدد أعضائها 32.727 عضواً ومبيعاتها 3 مليارات درهم وأرباحها الموزّعة 285 مليوناً عام 2005، وحدّدت الوزيرة أوجه القصور في أن دور تلك الجمعيات ما زال يقتصر وبشكل أساسي على النشاط الاستهلاكي، كما أن عضوية الجمعيات مغلقة في كثير من الأحيان. الحديث عن قصور دور "التعاونيات" ليس جديداً على الساحة المحلية، ولكنه حديث يطفو على السطح في مناسبتين تقليديتين: أولاهما موجات ارتفاع الأسعار وما تفجّره من تساؤلات عدّة من بينها دور "التعاونيات" في لجم الارتفاع غير المبرر في الأسعار، والمناسبة الثانية هي الإعلان السنوي عن أرباح الجمعيات التعاونية والكشف عن مكافآت أعضاء مجالس الإدارات! العلاقة بين وزارة الشؤون الاجتماعية و"التعاونيات" ربما لم تعد مرتبطة بإعفاءات معيّنة تقدّمها الدولة للجمعيات، ولكنها في الأساس علاقة إشرافية لضبط إيقاع الحركة التعاونية وضمان عدم انحرافها عن مسارها، خصوصاً أن هذه الجمعيات تخضع لإشراف عام من جانب وزارة الشؤون الاجتماعية بحكم تكوينها الهيكلي والمؤسسي، وبالتالي فإن انتفاء الإعفاءات لا يعني انتفاء دور الوزارة، أو تملّص الجمعيات من أي التزامات تجاه المجتمع. استقراء العلاقة بين وزارة الشؤون الاجتماعية و"التعاونيات" طوال السنوات السابقة يشير إلى أن الوزارة لم تكن ترى من قصور في دور "التعاونيات" سوى في محدودية أنشطتها في الإطار الاستهلاكي، ولكن في الآونة الأخيرة وجّهت الوزارة انتقاداتٍ صريحةً لـ"التعاونيات" واتهمتها بمحاولة الخروج عن مبدأ التعاون لمصلحة الفكر التجاري. وما يثار من جدل حول رسالة "التعاونيات" ودورها المجتمعي يؤكّد بالفعل أن هناك حاجة ملحّة للانتهاء من إعادة النظر في قانون "التعاونيات" الحالي الصادر خلال حقبة السبعينيات، بما يضمن تصحيح مسار "التعاونيات" التي يرى الكثيرون أنها انحرفت عن دورها الرئيسي، وكي تصبح بالفعل ذراعاً قوية للمجتمع في محاربة الاحتكار والغلاء والجشع وتهيئة الأجواء أمام عمل آليات العرض والطلب. الجدل حول مكافآت أعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية هو محور النقاش الدائر في الأيام الأخيرة، ولكن الملاحظ أن هذه الجزئية ليست سوى غيض من فيض يمكن مناقشته حول دور "التعاونيات"، فالإحصاءات تشير إلى أن إجمالي رأسمال "الجمعيات التعاونية" قد بلغ عام 2001 أكثر من 375 مليون درهم، فيما تشير الإحصاءات أيضاً إلى أن مجموع الأرباح التي حقّقتها الجمعيات التعاونية عام 2005 قد بلغ 945 مليوناً بزيادة قدرها 239 مليون درهم على عام 2004 الذي بلغ مجموع صافي الأرباح فيه 706 ملايين درهم أي أن الجمعيات باتت تحقّق أرباحاً تفوق بمراحل إجمالي رأسمالها في سنوات سابقة! لا حاجة بالطبع إلى فهم دلالات معدلات الربحية التي تحقّقت على حساب الرسالة الحقيقية لـ"التعاونيات"، ولكن المعنى الذي لا ينبغي أن نغفله أيضاً أننا بصدد قوة تجارية متنامية قادرة على ضبط إيقاع السوق أو على الأقل تحقيق حدّ معيّن من السيطرة على الأسعار فيما لو وضعت نصب عينيها رسالة "التعاونيات" كهدف رئيسي، وربما تتعزّز فرص الوصول إلى هذا الطموح في حال حدوث اندماج بين التكتّلات التعاونية، ولا سيّما متوسطة النشاط والصغيرة في كيان تعاوني ضخم قادر على فرض كلمته لمصلحة المستهلكين.