قد تؤدي توجيهات قانونية فيدرالية جديدة إلى تعريض ملايين العمال الذين لا تتوافق أرقام الضمان الاجتماعي الخاصة بهم مع تلك المدونة في السجلات الحكومية لخطر التهديد بالفصل، كما قد تعرض أرباب العمل الذين سيتأخرون 90 يوماً عن اتخاذ الإجراء اللازم ضد هؤلاء العمال المخالفين لعقوبات تشمل دفع غرامات كبيرة، بل وقد تعرضهم للمحاكمة أيضاً. قد يرى البعض خصوصاً هؤلاء الذين يؤمنون بمسألة الحدود الآمنة، وضرورة احترام القانون في ذلك شيئاً مرغوباً، بيد أننا إذا ما أمعنا النظر، فسوف نجد أن هذا النهج غير الواقعي، الذي يركز فقط على جانب واحد من جوانب الأمن الاجتماعي، وهو التطابق بين أرقام البطاقات وبين السجلات، يمكن أن يؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بالاقتصاد، وبأرباب العمل، والعمال على حد سواء. فخلال شهور، من المتوقع أن يستلم 140 ألف رب عمل رسائل تتعلق بمدى التطابق في أرقام التسجيل لما يقارب من 8.9 مليون من العاملين لديهم. وفي حين أن تلك الرسائل ستجبر العمال المخالفين على ترك الوظائف التي يعملون فيها، والتي ربما يكونون قد أمضوا فيها سنوات طويلة، إلا أنهم سيدركون أيضاً أنهم غير مضطرين إلى مغادرة البلاد، وهو ما يعني أن أمن البلاد لن يصبح أكثر متانة كما ترغب السلطات، لأن هؤلاء المهاجرين -خصوصاً غير الشرعيين منهم- لن يتقدموا من تلقاء أنفسهم إلى السلطات لتعديل أوضاعهم، وإنما يتوقع أن يلجأ العديد منهم بدلاً من ذلك، إلى الدخول مجدداً في دورة من دورات لعبة الكراسي الموسيقية، وذلك من خلال الانتقال من صاحب عمل إلى آخر إلى أن يحين موعد إجراء اختبار مطابقة الأرقام التالي. نتيجة لهذا التوجيه القانوني الأخير، ستتعرض بعض الصناعات وخصوصاً صناعة التشييد والبناء إلى أضرار بالغة، ستنعكس على الاقتصاد القومي برمته، خصوصاً إذا عرفنا أن تلك الصناعة تعتبر من الصناعات الرئيسية المحركة لاقتصادنا القومي حيث يعمل بها قرابة 10 ملايين عامل يساهمون بناتج عملهم في تحقيق 5 في المئة من ناتجنا القومي الإجمالي. ويشار إلى أن 14 في المئة تقريباً من هؤلاء العمال لا يقيمون في البلاد بشكل مشروع، وأنهم غير مؤهلين بالتالي للعمل فيها وفقاً لبيانات معهد "بيو" لأبحاث الأميركيين من أصل إسباني. ومن دون سياسة هجرة واقعية شاملة يكون همها الرئيسي، معالجة واقع العمال غير المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني، فإن التوجيهات الصادرة من الحكومة الفيدرالية، مثل ذلك الذي صدر مؤخراً، والتداعيات المترتبة عليها، يمكن أن تدمر قدرة عشرات الآلاف من أرباب العمل على مواصلة نشاطهم. فبمجرد أن يدخل ذلك التوجيه حيز التنفيذ، سوف يفقد العديد من مقاولي البناء جزءاً كبيراً من العمالة الموظفة لديهم، وهو ما سيرسل إشاراتٍ صادمةً عبر أعصاب الاقتصاد الأميركي الذي لم يفق بعدُ من تداعيات أزمة الرهونات العقارية. ويتوقع بعض المراقبين للسوق الأميركية أن يعمد بعض المقاولين غير الحريصين إلى مساعدة للعمال المخالفين من خلال تقديم النصح لهم بالعمل كمقاولين مستقلين، وذلك للالتفاف على التوجيه الأخير، وهو ما سيؤدي إلى استمرار العمالة المخالفة في العمل سراً، ويقلل بالتالي من فرص الحصول على ضرائب منها. وسوف يترتب على ذلك تدمير العلاقة الطويلة الأمد القائمة بين العديد من أرباب العمل والعمال، كما سيؤدي إلى القضاء على طموح هؤلاء العمال في الانتقال إلى وظائف ذات راتب أعلى، ويدفع الكثيرين منهم للعمل بشكل سري وبرواتب متدنية خوفاً من الوقوع تحت طائلة العقاب. ومن المعروف أن عدم توافر أعداد كافية من عمال البناء، يؤدي في الوقت الراهن إلى عدم استكمال العديد من المشروعات مثل مشروعات الطرق، والجسور، والمراكز التجارية، بمختلف أنواعها ، وهي المشكلة التي ستتفاقم بعد وضع التوجيه الأخير موضع التنفيذ. وباعتبارنا مسؤولين عن منظمتين تتكونان في غالبيتهما العظمى من المقاولين، وأصحاب الشركات العقارية والعمال -سواء المهاجرون أو المولودون في الولايات المتحدة- فإننا نعلن التزامنا بقوانين بلادنا وبرفاهية أعضائنا في ذات الوقت، ولكننا نؤكد أيضاً أن تلك القوانين وتلك المصلحة والرفاهية، لن يكون من الممكن المحافظة عليها، إذا ما تعرضت الصناعة للاضطراب والفوضى بسب توجيهات وقرارات غير عملية. لقد ظللنا نعمل بقانون معيب للهجرة لفترة طويلة، وسمحنا بموجبه لملايين العمال غير الشرعيين بالعيش والعمل ودفع الضرائب وتربية عائلات وتملك منازل، ومجرد الاعتقاد بأننا سنكون قادرين على استرداد الاحترام للقانون، وتأمين بلادنا من خلال مطابقة أرقام الضمان الاجتماعي مع السجلات الحكومية سيكون اعتقاداً أبعد ما يكون عن الواقعية. بناء عليه فإننا نرجو -من أجل مصلحة اقتصادنا في المقام الأول- أن يعود الكونجرس والبيت ألأبيض إلى قاعة الاجتماعات مجدداً كي يصوغوا لنا قانوناً واقعياً لإصلاح نظام الهجرة، على أن يأخذوا في اعتبارهم عند صياغته، أن بعض الأميركيين قد تعرضوا للضرر بسبب تأثيرات الهجرة غير الشرعية، ويعترفون أيضاً بالعمل الشاق، والمساهمات الفعالة التي قدمها هؤلاء المهاجرون غير الشرعيين الذين عملوا في بلادنا لفترة طويلاً، وبالدور المهم الذي يلعبونه أيضاً في تعزيز اقتصاد بلادهم. ــــــــــــــــــ تيرينس إم. سوليفان رئيس الاتحاد الدولي لعمال أميركا الشمالية ستيفن ساندهر المدير العام لهيئة المقاولين العموميين المتحدين- الولايات المتحدة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز" وواشنطن بوست"