"خطة أبوظبي 2030"، التي أعلنت عنها حكومة أبوظبي، مؤخراً، تكشف عن رؤية طموحة وواضحة للمستقبل، وتؤكّد أن هناك نوايا جادة للتعاطي مع تحدّيات متوقعة في ظل الطفرة التنموية الحاصلة، ولعل أبرز ما يعكس المنهجية في مواجهة هذه التحديات هو صدور قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بتشكيل "مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني"، الذي يعد بدوره إطاراً وبوتقة لصهر جميع أفكار وخطط تطوير إمارة أبوظبي لتندرج ضمن مسؤولية جهة رسمية واحدة يناط بها متابعة هذه الخطط الطموحة والإشراف على تنفيذها، وتطوير سياسات التخطيط العمراني في الإمارة على مدى السنوات المقبلة. أبرز ما في خطة تطوير أبوظبي هو الاعتماد على الدراسات المنهجية والمعلومات والإحصاءات والبيانات، حيث تتوقع الخطة أن يصل عدد سكان إمارة أبوظبي إلى ثلاثة ملايين نسمة بحلول عام 2030، ما يعني أن الخطط تراعي هذا التقدير المدروس وتضع من الخطط ما يتناسب مع ما يمليه وجود هذا العدد من السكان، آخذة في الاعتبار أهدافاً طموحة عديدة صيغت على شكل مبادئ تمثل بدورها منهجاً للتطوير خلال الفترة المقبلة، ومن أبرز هذه المبادئ العمل على جعل أبوظبي نموذجاً عصرياً للمدينة العربية التي يعيش سكانها ويعملون في بيئة يسودها الود والتواصل، ومواصلة المنهج القائم على صون البيئة الطبيعية وأن يعكس طابعها المعماري مكانتها كعاصمة للدولة وأن تستغل نسيجها الاجتماعي المتماسك وبنياتها التحتية بغية تعزيز القيم الاجتماعية والثقافية لمجتمعها العربي. الأمر الإيجابي أيضاً أن أحد أهداف المجلس يتمثل في تعزيز الحوار البنّاء والشراكة المجتمعية بين مؤسسات القطاعين العام والخاص، بما يخدم بالنهاية خطط التطوير العقاري والعمراني، وهذا بدوره يعزز فرص التحديث والتطوير ويفتح بوابة واسعة أمام القطاع الخاص كي يلعب الدور المأمول كشريك مجتمعي فاعل يقود قاطرة التنمية خلال المرحلة المقبلة، لاسيما أن هناك حاجة لأن يلعب القطاع الخاص دوره المنشود في ظل ضخامة حجم الاستثمارات الواردة في الخطة، سواء على مستوى القطاع العقاري أو على مستوى البنى التحتية. إن بلورة خطة استراتيجية بعيدة الأمد لإمارة أبوظبي تتجاوب مع تحديات المستقبل، كون الخطة تمثل الإطار الذي سيسهم في تعظيم مردود الطفرة التنموية الحاصلة، خصوصاً أن تكامل الرؤية في "خطة أبوظبي 2030" يضاعف الرهانات التنموية ويعزز فرص التخلص نهائياً من بعض الإشكاليات الحاصلة في الإمارة مثل الخلل الحاصل بين العرض والطلب في المساكن المخصصة للإيجار وبالتالي ارتفاع القيم الإيجارية وما يفرزه من تأثيرات سلبية ضاغطة على بعض القطاعات الأخرى. التخطيط الاستراتيجي أساس تطور المجتمعات، فمن الثابت أنه لا تنمية حقيقية هادفة في أي من القطاعات من دون تخطيط منهجي ورؤية متكاملة، إذ إن التخطيط هو السبيل لتفادي أي سلبيات غير مقصودة تفرزها الخطط العمرانية، كما أنه يفتح الباب أمام ترجمة النمو الاقتصادي المتنامي إلى واقع تنموي ومعيشي مزدهر يلمسه الجميع. "خطة أبوظبي 2030" تتضمن أهدافاً واضحة المعالم للمستقبل، وترتكز على أفكار وتصورات جادة، وتنطلق من مقومات مدروسة، وتستند إلى روافد قائمة بالفعل، وإذا أخدنا في الاعتبار المشروعات الطموحة التي كشف عنها في أبوظبي في الفترة الأخيرة في قطاع السياحة والثقافة، وما تتضمنه هذه المشروعات من خطط واعدة لتصعيد مكانة العاصمة وإبرازها كقبلة ثقافية وحضارية إقليمياً ودولياً، فإن ذلك كله يعني أن إمارة أبوظبي باتت على موعد حقيقي مع المستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية