قدم قائد قوات "التحالف" في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس وسفير الولايات المتحدة في بغداد رايان كروكر، تقريرهما للكونجرس الأميركي، وخضع الجنرال والسفير إلى تساؤلات عديدة وطلب منهما تفسير للعديد من الأسئلة التي كانت على بال أعضاء الكونجرس... ما أكده المسؤولان الأميركيان في العراق هو أن هناك تقدما فعليا على الصعيد العسكري، وإن كان بطيئاً، ولكن هناك قضايا سلبية تتعلق بالبعد السياسي حيث فشلت الحكومة العراقية في تحقيق الوفاق المطلوب بين الفرقاء العراقيين. ما يهمنا هو أن الجنرال والسفير أكدا بأن العراق والمنطقة سيواجهان مشاكل عديدة في حالة الانسحاب الأميركي من العراق مبكراً، كما أكدا بأن مشاكل العراق تحتاج إلى وقت قبل أن تستقر الأمور. الاهتمام بالعراق ومستقبله ازداد في الفترة الأخيرة بسبب اشتداد الحملة الانتخابية بين الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري"، لقرب الانتخابات في العام القادم، لذلك لا غرابة في بروز عدة تقارير أمنية تخص العراق. فهناك دراسات مولها الكونجرس الأميركي وأخرى بطلب من الإدارة الأميركية، كل هذه الدراسات تحاول الإجابة على عدة أسئلة محورية؛ هل ننسحب من العراق؟ متى ننسحب؟ وما هي الفترة الزمنية المطلوبة لذلك الانسحاب؟ وهل ستهدأ الأمور في العراق بعد الانسحاب؟ وماذا عن المصالح الأميركية في المنطقة، هل ستتأثر؟ من متابعة كل هذه التقارير الأمنية المتنوعة، يخرج المراقب بانطباع قوي بأن الولايات المتحدة مهتمة فعلاً بالعراق ومستقبله، لكن مشكلة السياسة الأميركية الآن، هي كيفية التعامل مع الحكومة العراقية التي عجزت الولايات المتحدة عن إقناعها بإجراء تغييرات لتحقيق حكومة الوفاق والسلام. الولايات المتحدة ركزت في الفترة الأخيرة على الأجهزة الأمنية العراقية، وتحديداً الجيش والشرطة والاستخبارات، وكان الهدف هو معرفة مدى التزام هذه الأجهزة بمدى قدرتها على تولي مسؤولياتها بعد الانسحاب، وهل يمكن الاعتماد عليها؟ التقارير الأمنية الأميركية المتعددة تشير إلى حقيقة أن الجيش وضعه أفضل من أجهزة وزارة الداخلية، فوزارة الداخلية العراقية مخترقة من الميليشيات الشيعية المختلفة، وأن إيران لها نفوذ قوي داخل هذه الأجهزة، لذلك هناك تفكير لإعادة النظر في هذه المؤسسة الأمنية المهمة. الولايات المتحدة طرحت تصوراتها وخططها لعراق المستقبل، ماذا عن دول الخليج العربية؟ هل لديها تصور خليجي مشترك لمستقبل العراق؟ وماذا سيكون دورنا بعد الانسحاب الأميركي، خصوصاً أن هناك قلقا في الكويت بعد انسحاب القوات البريطانية من البصرة؟ مجلس الوزراء الكويتي بحث الوضع الأمني على الحدود العراقية -الكويتية والمخاوف الناجمة عن الانسحاب العسكري البريطاني، فقد خلق ذلك الانسحاب استنفاراً سياسياً وأمنياً في الكويت لمواجهة فلتان أمني محتمل على الحدود، فالجانب العراقي من الحدود أصبح تحت رحمة الميليشيات، بدءاً من "فيلق بدر" و"جيش المهدي"، وهؤلاء لديهم أجندتهم الخاصة بهم. هل تملك دول الخليج تصورات أو دراسات وبحوثا تبين التحركات الخليجية القادمة، وكيفية التفاعل مع الأحداث؟ أم أن دول الخليج تكتفي بالبيانات التي تصدر بعد مؤتمرات القمة والتي تدعو وتطالب الحكومة العراقية بتعزيز الوحدة الوطنية والابتعاد عن الحرب الطائفية وإدانة الإرهاب في العراق؟ وهل البيانات تكفي لإنقاذ العراق؟ دول الخليج في رأينا، قد قصرت كثيراً في دعم ومساندة اللاجئين العراقيين الذين نزح معظمهم إلى إيران وسوريا والأردن، وقليل منهم لدول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة. نتفهم أن تكون دول الخليج متخوفة من انهيار الأوضاع في العراق، لكنها مع الأسف، وقفت متفرجة على ما يحدث تنتظر الموقف الأميركي... لقد آن الأوان لتوحيد صفوفنا تجاه ما قد يحدث في العراق أو إيران.