أعتقد أننا نحن العرب بحاجة ماسّة إلى كُتاب نقديين جادين مثل الدكتور أحمد البغدادي ممن لا يغدقون على ثقافتنا وعلى عبقريتنا العربية أجمل الأوصاف المجانية، وممن يسمِعوننا ما يبكينا لا ما يضحِكنا، ولكن لي عتباً صغيراً على هذا الكاتب أود سوقه هنا، يدفعني إليه حسن ظني به والتماسي له أشرف المقاصد فيما يكتب. فقد جاء في مقاله ليوم الثلاثاء الماضي، وعنوانه: "فن سينمائي عربي من دون خيال"، أن العرب لا خيال لهم ولذلك لا يستطيعون إنتاج سينما راقية. وهذا الكلام فضلاً عن كونه غير دقيق، لأن أعدل شيء قسمة بين الناس هو الذكاء والقدرة على التخيل والإبداع، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم، فإنه مجرد تكرار لأطروحة المستشرق الشهير أرنست رينان حول عدم قدرة العقل الشرقي على إنتاج أحكام تركيبية. ولذلك كان الأوْلى بالكاتب أن ينتقد ظاهرة معينة من ظواهر الثقافة العربية السلبية، وما أكثرها، لا أن يشتط إلى إصدار أحكام فضفاضة تخرج عن سياق "النقد الثقافي" الجاد، وتلامس حدود جلد الذات العربية والتحيز المجاني ضدها. عزيز خميس - تونس