لعل الدكتور محمد السيد سعيد مصيب في قوله إننا دخلنا بالفعل "عصر الاقتصاد... وموت السياسة"، إذ باتت حركة العالم كله رهينة لإيقاع حركة الاقتصاد واتجاهات أسواق المال والتدفقات الاستثمارية، بينما أصبحت الأفكار والعقائد والأيديولوجيات السياسية... في ذيل قائمة اهتمامات أجيال البشرية الحالية. ولنا أن ننظر إلى العالم وقد بات يغرق في نمط الاستهلاك الترفي، وهو النمط الذي تحول إلى سند "عقدي" لنظام الرأسمالية العالمية؛ مما يوضح لنا كيف "فقد الحزب السياسي دوره وتماسكه الأيديولوجي... و(كيف) فقدت الحكومة أيضاً أي أهمية كانت لها في الماضي". إننا ببساطة في عصر الاقتصاد، لذلك لا غرابة أن نرى التآكل يصيب الوضع العربي، لأنه ببساطة أيضاً وضع تبلور من خلال قضايا ومطالب ومظلوميات سياسية، تجاوزها قطار العالم المسرع نحو محطاته الاقتصادية الأكثر تقدماً والأشد إيغالاً في العولمة الرأسمالية وعقيدتها الاستهلاكية! جلال أحمد- القاهرة