تشير مصادر إعلامية خليجية، إلى أن اللجنة الخليجية للاستقدام، رفعت توصية إلى الأمانة العامة لدول مجلس التعاون عن طريق الاتحاد العام للغرف الخليجية تقضي بإيقاف إصدار تأشيرات العمل بجميع أنواعها للجنسية الفلبينية، رداً على إجراءات اتخذتها وزارة العمل الفلبينية، تتضمن رفع أجور خدم المنازل إلى نحو 400 دولار شهرياً، بالإضافة إلى إجراءات أخرى اتخذتها الفلبين، اعتبرتها اللجنة تدخّلاً واضحاً في شؤون دول الخليج وانتهاكاً صريحاً لخصوصيات المواطن الخليجي، منها إرفاق كشف حساب بنكي للكفيل، وصور فوتوغرافية له ولزوجته وأفراد عائلته، ورسم (كروكي) لمنزله، والتعريف بدخل الكفيل، كما فرضت حضوره شخصياً إلى السفارة لإجراء مقابلة معه، بجانب تصديق عقد العمل من جهة رسمية وإرساله إلى وزارة العمل الفلبينية للتصديق عليه هناك، وإرساله إلى الجهات الخليجية المعنية. إلا أن القضية لا تتعلق بالفلبين وحدها، بل تأتي الدول الآسيوية الأخرى تباعاً في هذا المضمار، حيث قال سفير سريلانكا لدى الإمارات: إن بلاده عازمة على رفع الحد الأدنى لأجور خادمات المنازل السريلانكيات في الدولة بنحو 10%، مشيراً إلى أن هذا القرار اتخذ من قبل مكتب التوظيف الخارجي والرفاهية الاجتماعية بالتشاور مع السفارة السريلانكية بأبوظبي. كما تلقت دول خليجية خطاباتٍ من إندونيسيا تفيد بصدور قرار يقضي برفع رواتب العمالة الإندونيسية بالخليج. وإذا كانت مطالب الحكومة الفلبينية جاءت بعد موافقتها على زيادة مهارات الخادمات الفلبينيات بإعطائهن دورات تدريبية مخصصة للتوعية بأوضاع الدول الخليجية، وتشمل العادات والتقاليد واللغة، حيث يتعين على الخادمات الفلبينيات الحصول على شهادة كفاءة من قبل السلطة المختصة بالفلبين، فإن دولاً أخرى ترفض مناقشة أي نوع من القضايا من هذا القبيل مع الدول الخليجية. من جانبها تعتزم الحكومة الهندية إصدار قرارات مهمة بشأن تصدير العمالة إلى الخارج، من شأنها تغيير نمط استقدام العمالة المنزلية الهندية من حيث الأجور وعقود وبيئة العمل. هذه التطورات تفرض تحدياتٍ كبيرةً أمام دولة الإمارات أكثر من غيرها من الدول الخليجية الأخرى، بحكم كثافة وجود العمالة المنزلية بشتى أنواعها في المجتمع الإماراتي، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يزيد على 15% من مجموع العمالة الوافدة في الدولة هي عمالة منزلية لا تضيف أي قيمة نوعية حقيقية للاقتصاد الوطني، بل وتكبّد الدولة ما يزيد على 5 مليارات درهم سنوياً. وإذا كانت ردة الفعل المباشرة والتلقائية لقرارات بعض الدول الآسيوية قد دفعت باتجاه تنويع مصادر العمالة الآسيوية، والبحث عن عمالة بأجور أرخص، خاصة من قبل بعض الدول الأفريقية والآسيوية الفقيرة، فإن هناك خطورةً بالغةً في أن يلعب هذا الفيض من العمالة المنزلية الجديدة بخلفياتها الثقافية الهشة، ومستوياتها التعليمية المدنية، التي يفرضها واقعها المتدهور في بلدها، دوراً سلبياً في إعادة تشكيل جذور مكوّنات المجتمع الإماراتي. بكل تأكيد يجب ألا يكون فتح سوق استقدام العمالة المنزلية أمام دول جديدة وبمعدلات أكبر هو الحل، إذ لابد من تحرّكات شاملة، تبدأ أولاً بتقليص هذه الفئة من العمالة إلى حدودها الدنيا الممكنة، واتخاذ خطوات عملية طويلة الأمد لتخفيض مستويات الاعتماد عليها والتخلص منها تدريجياً، والتوسع في دور الحضانة المتخصصة لتوفير الفرص المناسبة للأمهات العاملات لتنشئة أطفالهن تنشئة سوية، وغير ذلك من التوجهات التي يمكن توليفها في إطار خطط مدروسة واستراتيجيات واضحة تؤتي ثمارها في الأجل الطويل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية