أشرنا في هذه الزاوية خلال شهر يونيو الماضي إلى الجدل المثار في الولايات المتحدة حول سلامة الأغذية الصينية، وقلنا وقتذاك إن المسألة ربما تتعلق بنزعات حمائية أو حرب تجارية، وذكرنا أن التقارير المتداولة كانت تشير بوضوح إلى وجود مخالفات حقيقية بعد أن كشفت السلطات الأميركية وجود مواد مضرة بالصحة في منتجات بعض الشركات الصينية التي حددتها بالاسم، وقلنا أيضاً إن المسألة لا تتعلق بالمواد الغذائية المستوردة من الصين فقط بل إن هناك العديد من الدول التي ثبت بالفعل تجاوزها للحدود المسموح بها عالمياً في استخدام المبيدات في الزراعة ناهيك عن استخدام الكيماويات المحظورة دولياً. ولكن يبدو أن لا أحد يهتم بما ينشر في الصحف، وهناك الكثيرون ممن ينظرون إلى ما ينشر باعتباره "كلام جرايد"، وبالتالي تأخرت السلطات المحلية في الدولة في متابعة هذا الموضوع بالغ الأهمية ولم تتحرك سوى بعد أن حظرت السلطات السعودية بعض معاجين الأسنان بناء على نتائج تحليلات أكدت صحة ما نشر حول هذه المسألة في الصحف الأميركية من احتواء هذه المعاجين على مادة تسبب الفشل الكلوي والكبدي وجلطات المخ!!. قصة وجود تلوث في بعض المواد الغذائية المستوردة من الصين بدأت منذ مايو الماضي في جمهورية الدومينيكان وبنما تلتها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وبالتالي فالمسألة متداولة وشائعة منذ فترة، بل والمادة الخطرة صحياً في هذه المعاجين معلنة منذ مايو الماضي وكذلك الشركات المنتجة لهذه المعاجين والأسماء التجارية للمنتجات التي تحوي هذه المادة، ولكنْ هناك مثل أو حكمة شهيرة تقول "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي مطلقاً" وهذا الأمر ينطبق بالضرورة على تحرك بلديات الدولة عقب أكثر من ثلاثة أشهر من إثارة الواقعة من أجل مصادرة كميات وصلت -حسبما أعلن- إلى ما يقرب من طن ونصف من معاجين الأسنان السامة الجاهزة للتوزيع، وبالتالي فالأمر المؤكد أن "صحوتنا" جاءت متأخرة بمراحل عن الدول التي أخضعت المنتجات الغذائية الصينية للفحص الدقيق منذ شهر مايو الماضي عقب سلسلة من الانتهاكات لمعايير سلامة المواد الغذائية بدأت باكتشاف سموم في منتجات عديدة من أطعمة الحيوانات الأليفة إلى معاجين الأسنان مروراً بألعاب الأطفال . هذا الكلام لا يعني أن تقتصر الرقابة الصحية الصارمة على المنتجات الغذائية الصينية دون غيرها، بل إنه في إطار حملة الدفاع عن شعار "صنع في الصين" أكدت بكين أن ربع الكميات المستوردة من سلع ذات علامات تجارية معروفة قد فشلت في اختبار عشوائي لمعايير الجودة وبالتالي فالخطر الصحي واسع النطاق ويستوجب مزيداً من الفاعلية والتنسيق بين الأجهزة المعنية بالرقابة الصحية في الدولة وألا تشمل هذه الحملة معاجين الأسنان فقط، خصوصاً بعد أن شملت المواد المسحوبة من الأسواق الأميركية مؤخراً نحو 250 ألف دفتر عناوين عليها رسومات شهيرة يُشك في احتوائها على مستويات مفرطة من الرصاص في الطلاء على الزنبرك المعدني للغلاف، ومن المعروف علمياً أن الرصاص يؤدي إلى تلف في المخ عندما يتم ابتلاعه، وكان وجوده في بعض ألعاب الأطفال سبباً مباشراً في سحبها لاكتشاف وجود كميات غير مقبولة من الرصاص في تكوينها. كما قررت نيوزيلاندا أيضاً سحب منسوجات صينية بعد اكتشاف نسبة شديدة الارتفاع من مادة الفورمالديهايد التي تحمي الملابس من التعفن ووجدت بزيادة قدرها 900 مرة أكثر من المعدلات المقبولة عالمياً بما يصيب مرتديها بالحساسية والطفح الجلدي ومشاكل في الجهاز التنفسي!! عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية