صفحة جديدة في تاريخ تركيا... ومخاطر تقديم "استثناء نووي" للهند مؤشرات فوز عبد الله جول بمنصب الرئاسة في تركيا، واختبار الشراكة الأطلسية، واستعداد الجنود البريطانيين للمزيد من التضحيات في أفغانستان، ومخاطر تقديم استثناءات نووية للهند... موضوعات نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة البريطانية. رئيس إسلامي للدولة العلمانية في افتتاحيتها لعدد أمس، قالت صحيفة "ذي إندبندنت": بانتخاب عبد الله جول رئيساً لتركيا، تكون قد أغلقت صفحة مضطربة من صفحات التاريخ التركي الحديث. وبحكم إنجازاته الدبلوماسية التي أسفرت عن إحراز تقدم كبير لأنقرة باتجاه الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد كان جول المرشح الأقوى والأكثر تأهيلاً للفوز بالمنصب الرئاسي. كما أن العقبات التي واجهها ترشيحه وقدرته على التغلب عليها، لا تقف دليلاً على عزمه السياسي فحسب، وإنما تؤكد قوة المؤسسات السياسية التركية نفسها. وكانت المعارضة العلمانية ومعها الجيش، أكبر العقبات التي اعترضت على ترشيح جول في شهر أبريل الماضي، بحجة أن ميوله الإسلامية تشكل خطراً على تقاليد وتوجهات الدولة العلمانية. وكما نعلم فقد تغلب رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان على هذه العقبة بدعوته لعقد انتخابات عامة في البلاد. وبالنتيجة فقد فاز "حزب العدالة والتنمية" الذي يقوده بتفويض سياسي جديد، إثر فوزه بأغلبية ساحقة في الانتخابات هذه. بيد أن المخاوف قد سادت داخل تركيا وخارجها من أن يقدم الجيش على قطع هذا المسار الديمقراطي بتنفيذه انقلاباً عسكرياً باسم حماية الدولة العلمانية. وعلى أية حال، فسوف يجيب التاريخ وحده على إحجام الجيش عن التدخل هذه المرة حتى الآن. ولا شك أن هذه الانتخابات قد سجلت صفحة جديدة من صفحات التاريخ التركي. فهذه هي المرة الأولى منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة على يد قائدها كمال أتاتورك في عام 1923، التي ينتخب فيها سياسي ذو جذور إسلامية لرئاسة الدولة العلمانية. الشراكة الأطلسية على المحك أما صحيفة "ذي أوبزرفور" الصادرة يوم الأحد 26 أغسطس الحالي، فنشرت مقالاً تحليلياً للكاتب "استرايكر ماكجولير" جاء فيه: لقد ظلت العلاقات الأطلسية بين لندن وواشنطن على استقرارها منذ خلافة جوردون براون لتوني بلير في رئاسة الوزراء. ومما قاله "براون" للرئيس الأميركي جورج بوش في ذلك المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقداه معاً في كامب ديفيد "تظل علاقة المملكة المتحدة بالولايات المتحدة الأميركية في مقدمة علاقاتنا الثنائية وأكثرها أهمية بالنسبة لبلادنا". غير أن لحظة اختبار هذه الشراكة الأطلسية قد أوشكت على الخضوع لاختبار عملي قاس فيما يبدو. ففي منتصف شهر سبتمبر المقبل، يتوقع أن يدلي كل من الجنرال "ديفيد بترايوس" والسفير الأميركي في بغداد "رايان كروكر" بشهادتيهما حول الوضع الراهن في العراق. هذا ومن المرجح أن يؤكد المسؤولان نجاح استراتيجية زيادة عدد القوات التي جرى تطبيقها مؤخراً، مع عدم وفاء الحكومة العراقية بالالتزامات التي قطعتها على نفسها. ولكن هل ستغفل شهادتا الرجلين التطرق إلى الوضع الأمني في جنوب العراق؟ وسواء ورد الحديث صراحة عن البصرة وما حولها أم لم يرد في شهادتي الرجلين، فإنه لا بد من الاعتراف بأن الصورة قاتمة هناك بحق. كما يمكن القول بشكل عام إن الوضع الأمني قد شهد تردياً مريعاً في جنوبي العراق، سواء بالنسبة للقوات البريطانية التي لا تزال مرابطة هناك، أم بالنسبة للمواطنين العراقيين أنفسهم. وهذا ما سيخضع تصريحات براون بشأن شراكة بلاده الأطلسية مع واشنطن لمحك اختبار عملي قريباً. قطرة دم من أجل أفغانستان وفي صحيفة "الجارديان" الصادرة أول أمس، كتب "ماكس هاستنجز" مقالاً تحليلياً أكد فيه أن الجيش البريطاني لا يزال يرى في أفغانستان ساحة تستحق إراقة الدماء البريطانية من أجلها. فعلى الرغم من تصاعد سخط الرأي العام البريطاني على صانعي السياسات الخارجية في واشنطن، وعلى الرغم من شيوع الاعتقاد العام بأن دماء الجنود البريطانيين تراق هدراً في كل من العراق وأفغانستان، وبالتالي تزايد الحماس للانسحاب الكامل من كلا البلدين، إلا أنه تجب ملاحظة حماس القادة والجنود البريطانيين لمواصلة أداء مهامهم في أفغانستان على وجه الخصوص. ويفسر هذا الحماس بقناعة الجنود بأن المهمة التي يؤدونها في أفغانستان تحظى بتفويض الأمم المتحدة ودعمها. وفوق ذلك فهم عادة ما يحققون نصراً عسكرياً على قوات "طالبان" متى ما التقوها في ساحات الحرب والمواجهة المباشرة. والذي يعزز رغبة البقاء ومواصلة المهمة لدى الجنود البريطانيين، شعورهم بتنامي رغبة الأهالي في العيش في ظل حكومة قرضاي الحالية، بدلاً من العودة إلى أيام حكم حركة "طالبان" الظلامية. مخاطر الصفقة النووية في تعليق لها على اعتزام واشنطن إبرام صفقتها النووية مع نيودلهي، نشرت مجلة "ذي إيكونومست" في عددها الأخير، مقالاً، جاء فيه أن تقديرات إدارة بوش فيما يتعلق بهذه الصفقة قد اعتمدت على الاختلاف بين كل من كوريا الشمالية وإيران من جهة، والهند من الجهة الأخرى. فبينما وقعت الدولتان المذكورتان على معاهدة حظر الانتشار النووي ثم خرقتا بنودها، يلاحظ أن الهند شأنها في ذلك شأن إسرائيل وباكستان، لم توقع أصلاً على تلك المعاهدة ولم تنضم إليها قط. وبما أنه ليس متوقعاً لنيودلهي التخلي عن ترسانتها النووية، فإن من الأفضل جرها إلى عضوية الدول النووية المعروفة الخمس: أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وفيما لو تحقق هذا، فإنه سوف يكون انتصاراً كبيراً للمعاهدة النووية المذكورة. غير أن المشكلة -من وجهة نظر الصحيفة- أن الهند لا تزال تحمل مسؤولياتها النووية، وهي المسؤوليات التي تلتزم بها الدول الخمس الأعضاء، بما فيها التوقيع على معاهدة حظر الاختبارات النووية، وكذلك الالتزام بعدم إنتاج المواد الانشطارية التي تصنع منها القنابل، مثل اليورانيوم والبلوتونيوم. وفي ذلك استثناء خطير لا يجوز لواشنطن أن تقدم عليه. إعداد: عبد الجبار عبد الله