اجتمع خلال الأسبوعين الفائتين، كل من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والمرشد الإيراني علي خامنئي، كلاً على حدة، مع سفراء إيران في الخارج، وفي الحالتين تم التوجيه، بتبني المبادئ الثورية في السياسة الخارجية، مع التركيز على مواجهة "الشيطان الأكبر" أميركا، وقال مهدي مصطفوي، وكيل وزارة الخارجية الإيرانية، إنّ أهداف ندوة السفراء هذه، إيضاح البرامج والإنجازات الاقتصادية الإيرانية الضخمة. والسؤال: هل حقاً حقق النظام الإيراني، (بعد ثلاثة عقود من الثورة)، إنجازات تؤهله للقيام بما أسماه نجاد في هذه الندوة: "تغيير بنية العلاقات الدولية"؟ وهل لديه بنية اقتصادية وتنموية مادية، تؤهله لتصدير نموذجه الثوري؟ بقراءة واقع قطاع الطاقة، ذي الأهمية المصيرية في إيران، باعتباره يشكل 80% من الصادرات الإيرانيّة، ونحو 50% من الميزانية الإيرانية -وهذا بحد ذاته، يعكس فشل "نظام الثورة" في عملية التنويع الاقتصادي- يتضح أنّ هذه الاعتمادية لم يصاحبها التطوير الضروري لهذا القطاع، وإذا كانت المصادر الرسميّة الإيرانية، تشير إلى إنجازات منها أنّ احتياطي النفط قفز عام 2004 من نحو 41 مليار برميل، إلى 130.7 مليار برميل، وأنّ شبكة أنابيب الغاز في البلاد كانت 900 كم في بداية الثورة، وتفوق اليوم 24 ألف كم، وارتفع عدد المدن التي تتمتع بالغاز من 5 مدن إلى 600، وأنّ احتياطي الغاز ازداد من 14 تريليون متر مكعب إلى 28 تريليوناً، وإذا كانت هناك مصادر إيرانية وأخرى خارجية تشكك بالبيانات الرسمية الإيرانية حول قطاع الطاقة، فإنّ هناك مظاهر مؤكدة لمأزق يعيشه هذا القطاع، ما جعل وزير النفط الإيراني كاظم وزيري هامانة، المستقيل، يقول قبل أيّام، إنّ هذا القطاع يتجه إلى "كارثة" خلال مدة 15 عاماً. إيران لديها ثاني أكبر احتياطي عالمي معلن من النفط، ولكنها تستورد نحو 40% من احتياجاتها من البنزين، بسبب نقص مصافي النفط، وقد اضطرت الحكومة الإيرانية مؤخراً لتنفيذ برنامج توزيع البنزين وفق حصص محددة لكل سائق. وتتراجع صادرات النفط سنوياً بنسبة لا تقل عن 5%، بسبب المشاكل الفنية في آبار النفط، وتزايد الاستهلاك المحلي. وبينما يدّعي النظام الإيراني، أنّّ الحظر الأميركي على خلفية الملف النووي، لا يؤثر على الاستثمارات النفطية، وأنّه تم في عهد نجاد استقطاب استثمارات أجنبية، لقطاع الطاقة، (الذي يحتاج نحو 100 مليار دولار استثمارات خلال العقد القادم، كما تقول مصادر شركة النفط الوطنية الإيرانية)، بنحو 38 مليار دولار، فإنّ مصادر إيرانية أخرى تشكك بذلك، فيقول محمد روحاني، المدير السابق لمنظمة الإدارة والتخطيط الإيرانية، إنّ هذه الأرقام "محض ادعاء"، وأغلبها مجرد مذكرات تفاهم لم تنفذ. والواقع أنّ أي اتفاق يتم الإعلان عنه يبدو مشكوكاً فيه في ظل فشل اتفاقيات رئيسية سابقة، فمثلاً انسحبت العام الماضي الشركة اليابانية، "إنبيكس"، بعد سبع سنوات، من المفاوضات، مع إيران، حول الاستثمار في حقول آزادجان النفطية، دون التوصل لاتفاق. وفي إبريل 2006 ألغت وزارة النفط الإيرانية اتفاقية مع شركتي الغاز الألمانية "ليند"، و"هيونداي" الكورية الجنوبية، لبناء مصافٍ نفطية، بعد أن هاجم نواب محافظون الاتفاقية وطلبوا تنفيذ المشروع من مقاولين محليين، رغم الشكوك حول قدرتهم على ذلك. وفي قطاع الغاز، أكد مركز أبحاث البرلمان الإيراني، مؤخراً، تعذُّر تصدير الغاز الإيراني قبل 10 سنوات، لأنّ الإنتاج الحالي ضروري للاستهلاك المحلي، وحسبما يوضح الخبير النفطي الإيراني، علي محمد سعيدي، فإنّ تصدير الغاز يتم الآن على حساب احتياجات داخلية، منها متطلبات حقن الآبار النفطية بالغاز، لتسهيل استخراج النفط، مما يتسبب بخسائر هائلة ويؤذي الآبار. يكشف واقع قطاع الطاقة الإيراني، فشل النظام الثوري تنموياً، سواء في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، أو في الحفاظ على قطاع الطاقة، ما يشير إلى أنّ النظام الإيراني يوظف حالياً عائدات النفط المرتفعة في تأجيل أزمة اقتصادية كبرى، دون توظيف هذه العائدات لتحقيق تنمية بعيدة المدى، أو في منع الكارثة النفطية التي أشار إليها الوزير هامانة