كما قال الدكتور وحيد عبد المجيد في مقاله الأخير، "الكانتونان الفلسطينيان!"، فإن الانفصال الجاري تكريسه حالياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هو الأخطر والأشد وطأة من كل المحطات الحزينة والمؤلمة في تاريخ القضية الفلسطينية. وبالنسبة لي فالخطر يتأتى هنا من أمرين؛ أحدهما أن الانقسام الحالي ينهك الموقف الفلسطيني ويفقده قدرة الفعل والتأثير وبناء التصورات الصحيحة، أما ثانيهما فكونه (أي الانقسام) يغري التدخلات الخارجية التي تحولت إلى فعل استباحة للقضية الفلسطينية وثوابتها. ولا يخفى الآن على أحد أن السيناريو الإسرائيلي، المدعوم أميركياً وأوروبياً كذلك، يتلخص في تشديد الحصار والضغط العسكري ضد القطاع، مقابل تسهيلات ومساعدات كبرى للضفة، هدفها الحصول من الرئاسة الفلسطينية (وقد زادها الانفصال ضعفاً) على تنازلات جوهرية في قضايا كالقدس وحق العودة والمياه والحدود والمعابر... وصولاً إلى اتفاقات تنهي القضية الفلسطينية وتتحول معها إلى نزاع داخلي تحركه وتديره جهات خارجية لصالحها. جميل ماهر- الدوحة