المالكي نتاج السياسة الأميركية... والقطب الشمالي يجدد أهمية المعاهدات الدولية المالكي ليس مسؤولاً وحده عن الفشل في العراق، وثمة أسباب تجعل من الخطأ حصر المشكلة العراقية في شخصه، وواشنطن تتودّد لطلاب أميركا اللاتينية، والنزاع على ثروات القطب الشمالي تجدد أهمية التوقيع على المعاهدات الدولية المعنية بالبحار... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "المشكلة ليست في المالكي": اختارت "نيويورك تايمز" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم أمس الجمعة، مستنتجة أن لوم رئيس الوزراء العراقي بدلاً من توجيه اللوم إلى الرئيس بوش على الفشل غير المسبوق في السياسة الأميركية، أمر يدعو إلى السخرية، وفي الوقت ذاته لا يساعد واشنطن على إنهاء فشل هو الأكبر في سياستها الخارجية منذ حرب فيتنام. وحسب الصحيفة، فإن المالكي كارثة على العراق منذ توليه قبل عام زمام الأمور من إبراهيم الجعفري، وهذا الأخير كان كارثة على بلاد الرافدين. أميركا مهدت لإزاحة الجعفري فقط ليحل المالكي محله، وهو ما يجعلنا نتساءل عما إذا كان الأمر يتعلق بشيء من الاعتبارات الشخصية، خاصة أن الجعفري كان أول قائد عراقي يتم انتخابه في ظل دستور عراقي ترعاه أميركا. المالكي واصل نهج الجعفري، حيث جعل قوات الأمن أداة في يد الشيعة يوظفونها في الانتقام، محاولاً صرف انتباه القوات الأميركية بعيداً عن الميلشيات الشيعية، وتاركاً السُّنة دون حماية من الإرهاب الطائفي. المشكلة ليست في المالكي أو في ضيق أفقه وضعف كفاءته، فهو نتاج نظام أوجدته الولايات المتحدة وتعمدت فيه تقوية الشيعة الذين تعرضوا للقمع لفترات طويلة، وفي الوقت ذاته تعمدت تهميش السُّنة العرب، وعليه من المؤكد أن ينتج هذا النظام رجلاً كالمالكي أبعد ما يكون عن تحقيق المصالحة بين العراقيين أو تقاسم السلطة من خلال ديمقراطية سلمية. "كبش الفداء السهل": هكذا عنونت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تقترب فيه عقارب الساعة من موعد التقرير المعني برصد التقدم في العراق، يبدو أن الرئيس بوش والمعارضة "الديمقراطية" على وشك التوصل إلى اتفاق حول موضوع رئيسي ألا وهو الشعور بالإحباط من حكومة نوري المالكي. وحسب الصحيفة، فإن السيناتور "كارل ليفن"، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية متشجن ورئيس لجنة الخدمات المسلحة في المجلس، قد دعا البرلمان العراقي يوم الاثنين الماضي إلى سحب الثقة من حكومة المالكي. الشعور بالإحباط تجاه هذه الحكومة يمكن تفهمه، خاصة أن الجنود الأميركيين يقاتلون ويلقون حتفهم من أجل تحقيق الاستقرار في بغداد وفي مدن عراقية أخرى، في حين أن التقدم تجاه المصالحة السياسية والذي وعد المالكي بتحقيقه ليس له وجود، ومن المحتمل ألا يتم البت قبل 15 سبتمبر المقبل، وهو موعد تقرير بيتراوس، في أي من الخطوات المهمة في بلاد الرافدين كإصدار قانون جديد للنفط وإجراء بعض التغييرات الدستورية، وعلى العكس من ذلك يتنامى التصدع بين التحالف الشيعي والأحزاب السُّنية، كما أن السياسات التي تنتهجها حكومة المالكي سواء ما يتعلق بتوزيع مخصصات إعادة الإعمار وإدارة الأمور في الجيش والشرطة تغلب عليها الطائفية. وحسب الصحيفة، فإنه من السهل أن يصبح المالكي الذي لا يتمتع سوى بدعم محدود داخل العراق وخارجه، كبش فداء، ورغم ذلك فإن من الخطأ سواء بالنسبة للكونجرس أو إدارة الرئيس بوش تكثيف اللوم على المالكي فقط، وذلك لسببن مهمين: أولهما أن طائفية رئيس الوزراء الحالي ليست أسوأ من طائفية معظم القادة السياسيين على الساحة العراقية، ومن ثم فالمشكلة ليست متعلقة بشخص واحد أو فصيل معين. السبب الثاني، يكمن في أن إحباط الأميركيين من الوضع الراهن في العراق يستند إلى فرضية مفادها أن المصالحة السياسية بين الأكراد والشيعة والسُّنة أمر يمكن تحقيقه خلال أسابيع وربما شهور، وهو ما تراه الصحيفة تفكيراً رغبوياً يأتي انطلاقاً من رغبة مشتركة لدى البيت الأبيض والكونجرس في إنهاء أو على الأقل تقليص المهمة الأميركية في العراق، غير أن حقائق العراق تشير إلى أن العراقيين غير جاهزين حتى الآن لإبرام اتفاق فيما بينهم، وهؤلاء سيتوصلون لاتفاق وفق جدول زمني خاص بهم، على ألا يكون هذا الجدول نتيجة لضغط من الأميركيين. صحيح أن المالكي رئيس وزراء ضعيف، لكن تغيير الحكومة العراقية لن يسفر عن اتفاقات سريعة بين العراقيين، وهذه حقيقة يتعين على أطراف السجال الأميركي حول العراق وضعها نصب أعينهم. التودد لطلاب أميركا اللاتينية: خصص "ماثيو مالنويسكي" تقريره المنشور في "كريستيان ساينس مونيتور" يوم أمس الجمعة، مشيراً إلى أن وزيرة التربية الأميركية "مارجريت سبيلنج" وصلت الأسبوع الماضي إلى تشيلي ووجهت رسالة مهمة لطلاب تشيلي مفادها أن مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة مفتوحة أمام الطلاب القادمين من دول الجوار. الوزيرة الأميركية أكدت خلال زيارتها أن بلادها تقدم 100 منحة دراسية لطلاب الدراسات العليا في شيلي للحصول على الدكتوراه من الجامعات الأميركية، وأنها بصدد تفعيل برامج جديدة للتبادل العلمي بين البلدين. المبادرة الأميركية تأتي في إطار الاعتماد المتزايد على التعليم كأداة للسياسة الخارجية الأميركية. معاداة المعاهدات: يوم أمس الجمعة، خصصت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها للنتائج السلبية لازدراء إدارة بوش للمعاهدات الدولية، خاصة في ظل التساؤل المطروح الآن حول من الذي يسيطر على القطب الشمالي؟ الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن روسيا زرعت مطلع هذا الشهر علمها في جزء من المحيط القطبي، وأن الدنمارك أرسلت علماءها إلى المحيط القطبي لاثبات أن ثمة تواصلاً أرضياً بين المحيط القطبي وجبال جرينلاند التابعة للدنمارك، والكنديون يقولون إنهم سيبذلون قصارى جهدهم لحماية "الممر الشمالي الغربي" في المحيط القطبي وحماية هذا الممر من التلوث والارهاب. أما الولايات المتحدة، فهي البلد الأكثر بطأً في سباق السيطرة على موارد القطب الشمالي، ذلك لأن النزاعات الحدودية الرئيسية التي من المحتمل نشوبها على هذه المنطقة من العالم سيتم البت فيها عبر جهاز قضائي لا يعلم عنه الأميركيون شيئاً ألا وهو المحكمة الدولية لقوانين البحار، وهي مؤسسة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة وتتخذ من مدينة هامبورج الألمانية مقراً لها, فالولايات المتحدة لم توقع على اتفاقية قانون البحار ولا على الاتفاقية التنفيذية لعام 1994 التي وقعت عليها 114 دولة. صحيح أن مجلس الشيوخ أوصى عام 2004 بالتوقيع على اتفاقية قانون البحار، لكن إدارة بوش لم تلمح بأي شيء سواء للخارجية أو للكونجرس يشير إلى تصديق أميركا على هذه الاتفاقية. الغريب أنه في فبراير 2007، وفي تطور وصفته الصحيفة بـ"إحياء التعددية" في واشنطن، أدرك البيت الأبيض أن لأميركا 1000 ميل على سواحل المحيط القطبي، وطلب من مجلس الشيوخ تقديم النصيحة حول "اتفاقية قانون البحار". الآن سيستغرق "هاري ريد" زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ وقتاً للتصديق على الاتفاقية في أقرب فرصة ممكنة. إعداد: طه حسيب