العالم في حاجة إلى "روسيا قوية"... وثلاث تداعيات لـ"القفزة الصينية" ما النتائج السلبية للطفرة الاقتصادية في الصين؟ وكيف تحمي أميركا مستهلكها من خطر منتجات العملاق الآسيوي؟ وهل العالم في حاجة إلى "روسيا قوية"؟ وماذا عن الالتزامات البيئية لـ"أوروبا الجديدة"؟... تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على بعض الصحف الدولية. "القفزة الصينية العنيفة": بهذه العبارة عنون "جلين فورد" مقاله المنشور في "جابان تايمز" اليابانية يوم السبت الماضي، مشيراً إلى أن تدفق السلع الصينية أغرق الأسواق العالمية وقدم مكاسب عديدة للمستهلكين الأوروبيين، لكنه شكل تهديداً لدور الأوروبيين كمنتجين، والسبب أن الصين نجحت في الجمع بين التقنية والأجور المنخفضة، على سبيل المثال، فإن متوسط الأجر السنوي للعامل في مصنع "ثري جونز" للمنسوجات والملابس في شنغهاي وصل في عام 2006 إلى 2700 جنيه إسترليني أي 1850 يورو، وهذا المبلغ كان العامل البريطاني الماهر يحصل عليه في السبعينات مقابل العمل في مصانع "جلوستر شاير". "جلين فورن" وهو عضو البرلمان الأوروبي عن حزب "العمال" البريطاني، يرى أن الصين تواجه الآن مشكلات ثلاث هي: الهجرة الداخلية والفساد والتلوث. فبالنسبة للمشكلة الأولى (الهجرة الداخلية)، فإن الصين الآن أشبه ببلدين في دولة واحدة، فثمة مئات الملايين من الصينيين الذين يعيشون في التجمعات الحضرية شرق البلاد، يتمتعون بمستويات معيشية مرتفعة تفوق المستويات الموجودة في رومانيا وبلغاريا وهما آخر دولتين انضمتا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن سكان المناطق الريفية بغرب الصين يكابدون ظروفاً معيشية أسوأ من سكان أفريقيا جنوب الصحراء، والنتيجة هي نزوح 100 مليون صيني من المناطق الريفية إلى التجمعات الحضرية بحثاً عن حياة أفضل، وهذا يعرض البنى التحتية في هذه التجمعات لضغوط شديدة ويؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات ووجود شريحة كبيرة من المهاجرين خارج منطقة الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية. المشكلة الثانية هي الفساد، فالطفرة الواضحة في مجال العقارات والاستثمارات الأجنبية الضخمة التي تتدفق على البلاد والخصخصة وإعادة هيكلة الشركات، يعني أن كوادر الحزب الشيوعي في منطقة مثل شنغهاي والذين يحصلون على دخل شهري يزيد على 700 يورو يتخذون قرارات تتعلق بصفقات بمليارات الدولارات. أما بخصوص التلوث، فإنه يمكن للصين الاستفادة من تجربة اليابان، فمستوى التلوث في السنوات الأخيرة خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي يشبه ما تمر به الصين الآن من مشكلات بيئية، لكن الضغط الشعبي والتطور التقني مكَّنا اليابان من تجاوز هذه المشكلة. "لا عزاء للعب غير الآمنة": اختارت "تورنتو ستار" الكندية هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم الجمعة الماضي، مشيرة إلى المعضلة التي مرت بها شركة "ماتل" الأميركية التي لديها مصانع لإنتاج لعب الأطفال في الصين، والتي سحبت خلال الآونة الأخيرة بعض منتجاتها من الأسواق الأميركية بعد اكتشاف مكونات ضارة في لعب الأطفال التي تنتجها الشركة من مصانعها في الصين. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن شركة "ماتل"، وهي من أكبر الشركات المصنعة للعب الأطفال بمنطقة أميركا الشمالية، لا تصنع لعبها في أميركا أو كندا أو المكسيك، بل في الصين، حيث تغيب الإجراءات الحكومية الصارمة الخاصة بالصحة وسلامة المنتجات، أو بالأحرى هذه الإجراءات ليست جزءاً من ثقافة العمل الصينية. المشكلة أن "ماتل" لا تنتج لعبها في مصانعها الموجودة في الصين بل تركت الأمر لمنتجين صينيين قاموا بالتعاقد مع شركات أخرى لتصنيع اللعب، وهذه الأخيرة تفعل أي شيء من أجل الحصول على تعاقدات، وهذا ما يفسر لنا لماذا وجدنا ألواناً ضارة وأجزاء مغناطيسية يمكن للأطفال بلعها في لعب "ماتل" التي تم سحبها من الأسواق. وعلى الرغم من أن الشركة حاولت التأكد من التزام مورديها في الصين بإجراءات السلامة من خلال فحص عينات عشوائية من اللعب، فإن هذا الأسلوب لم يعد مجدياً. الصحيفة ترى أن الجزء الأول من حل هذه المشكلة يكمن في تخصيص مفتشين مدربين على التأكد من معايير السلامة داخل كل منشأة صينية تعمل في مجال إنتاج اللعب لصالح "ماتل"، وفي هذه الحالة سيكون بمقدور الشركة تحمل المسؤولية عن معايير السلامة والجودة في منتجاتها، وإلا ستصبح الشركة أقل من مجرد موزع للعب المصنوعة في الصين. الجزء الثاني يكمن في مسؤولية الحكومات تجاه التأكد من الالتزام بمعايير السلامة في المنتجات الصينية المستوردة، فحتى الآن لا تزال الشركات الأميركية التي لديها مصانع في الصين أكثر اهتماماً من الحكومات تجاه خطورة المنتجات المستوردة من الصين. وهذه المسألة ستكون محور نقاش خلال القمة المقبلة لدى دول أميركا الشمالية المقر عقدها هذا الأسبوع في مقاطعة كيبيك الكندية والتي سيحضرها الرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره المكسيكي فيليب كالديرون ورئيس الوزراء الكندي ستفين هاربر. نحو روسيا قوية وديمقراطية: حول هذا الموضوع، خصص "دومنيك أوسي" مقاله المنشور في "البرافدا" الروسية أمس الاثنين، ليشير إلى قناعة مفادها أن العالم في حاجة إلى روسيا قوية وديمقراطية. الكاتب، ضرب مثالاً يبرر به صحة قناعته، وهو أنه من الصعب أن نتخيل أوروبا الآن بما تتمتع به من سلام وتعاون، لو لم تكن لدى روسيا ترسانة أسلحة نووية في خمسينات القرن الماضي، ذلك لأن أجواء الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو آنذاك سمحت لأوروبا، أو بالأحرى وفرت لها فرصة التنمية ذات الطابع السلمي والديمقراطي. التفكير في أن العالم يحتاج روسيا قوية وحرة فقط لكبح المغامرات الأميركية يعتمد على تبسيط مخل للواقع، فروسيا ليست على المدى الطويل عنصر توازن مع الولايات المتحدة. التاريخ يشير إلى أن روسيا تصبح أكثر خطورة عندما تكون ضعيفة، لكن روسيا القوية حمت في الماضي الحضارة الغربية، وانتصرت على المغول وهزمت نابليون والنازيين. ولكن مصدر التهديدات المحدقة بروسيا القوية والحرة يأتي عادة من الداخل. الكاتب يأمل أن تجد الديمقراطية الحقيقية موطأ قدم لها على أرض روسيا وفي قلوب مواطنيها، كي يتحقق حلم المساواة السلافي القديم، الذي يلطف من هول الرأسمالية المتوحشة والمتعولمة. "أوروبا الجديدة"... إنجاز بيئي: "فالديز دومبروفسكيس"، عضو البرلمان الأوروبي ووزير مالية لاتفيا السابق، كتب أمس الاثنين مقالاً في "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية، استنتج خلاله أنه بدلاً من أن تساعد المفوضية الأوروبية جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي في الالتزام ببروتوكول "كيوتو"، تلقي المفوضية عبء الوفاء بالالتزامات الواردة في البروتوكول على الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، علماً بأن هؤلاء الأعضاء هم الأكثر كفاءة من حيث المعايير البيئية مقارنة بـ"أوروبا القديمة"، والنتيجة أن المفوضية تخفض من فعالية التزامها بحماية البيئة وفي الوقت ذاته تكافؤ غير الملتزمين بالمعايير البيئية.. الكاتب يرى أن بلدان "أوروبا الجديدة" التزمت بحصتها وفق "كيوتو"، (وهي تخفيض ما نسبته 8% مما تنتجه من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2010)، بل إن لاتفيا على سبيل المثال تجاوزت هذه النسبة وخفضت 46% مما تنتجه من غاز ثاني أكسيد الكربون، في حين لم تلتزم دول أوروبا القديمة بنسبة الـ8%، وخفضت إنتاجها لهذا الغاز بنسبة 4.6%، ورغم ذلك سمحت المفوضية لبلجيكا وهولندا بزيادة نسبة ما ينتجانه من ثاني أكسيد الكربون! إعداد: طه حسيب