بحسب دراسة صادرة، مؤخراً، عن "غرفة تجارة وصناعة دبي"، حازت دولة الإمارات المرتبة 47 عالمياً في مؤشر الاقتصاد المعرفي لقياس قدرة الدول على إنتاج ونشر المعرفة الذي ينفّذه "البنك الدولي". يقوم الاقتصاد المعرفي على أربع ركائز أساسية، أولاً: التعليم والتدريب، حيث يتطلّب هذا الاقتصاد مجتمعاً متعلّماً وماهراً، بإمكانه إنتاج المعرفة واستخدامها بفاعلية. ثانياً: توافر بنية تحتية معلوماتية ديناميكية، كـ"الإنترنت" ووسائل الاتصال الحديثة والحواسيب، وذلك لتسهيل التواصل الفعّال، ونشر ومعالجة المعلومات. ثالثاً: توافر شبكة تفاعلية تربط مراكز البحوث والجهات الاستشارية والجامعات والشركات التجارية ومؤسسات المجتمع المدني، بحيث تتمكّن معاً من امتصاص المخزون المعرفي العالمي المتراكم، وتكييفه وفقاً للاحتياجات المحلية. رابعاً: وجود بيئة اقتصادية وتشريعية تسمح بتدفّق المعرفة بحريّة، وتدعم الاستثمار في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. رغم الانتشار السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دولة الإمارات، التي بلغت بالفعل أبعاداً غيّرت وجه الحياة بجوانبها كافة، فإن كل ما حقّقته دولة الإمارات حتى الآن من فوائد اقتصادية مباشرة في هذا المجال يصبح هامشياً، مقابل ما حقّقته دول أخرى عديدة، منها النمور الآسيوية، لا ترقى بنيتها الأساسية لقطاع الاتصالات والمعلومات إلى ما وصلت إليه دولة الإمارات، إلا أن الفارق الجوهري هو أن دولة الإمارات تهتمّ باستيراد المعرفة واستعمالها، بينما يهتم الآخرون بإنتاجها كقيمة مضافة للإبداع والابتكار، بل هناك تخوف من أن يصبح تراجع المعرفة القائمة على الابتكار المحدّد الرئيسي للتخلّف وبالتالي تراجع القدرة على التنافس في الاقتصاد العالمي الجديد، خلال المرحلة المقبلة. وقد بذلت كثير من الدول النامية جهوداً كبيرة لتوطين التقنية، من خلال دعم الأبحاث وكل ما يسهم في التطوّر والابتكار العلمي والتقني، حتى أصبحت صناعة التقنية أحد أهم مقوّمات الاقتصاد الوطني في تلك الدول. ومن المؤكد أن هذا النهج سيكون عاملاً حاسماً في التقدّم الاقتصادي لهذه الدول خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن بدأت الدول الصناعية الكبرى استثمار هذا التوجّه لمصلحتها، من خلال إنشاء فروع لشركاتها في هذه الدول، ومن ثم نقل التقنية إلى هذه الدول النامية، وتحقيق الرفاهية الاقتصادية لمواطنيها. إن دولة الإمارات لا تزال متأخّرة عن الطموح في مجال صناعة المعرفة، بينما يخطو اقتصادها خطوات كبيرة باتجاه التحوّل كليّة إلى اقتصاد يستخدم المعارف "المستوردة"، بفعالية عالية، في عملية التنمية. ويمكن القول إن المعضلة الرئيسية التي تواجه دولة الإمارات في هذا المجال تتمثّل في غياب المؤسسات الوطنية المسؤولة عن تنظيم وصناعة المعرفة والاهتمام بإنشاء التقنيات وتطويرها، ونقص الكفاءات المواطنة للاضطلاع بأعباء هذا التحوّل المهم، علاوة على غياب برامج تدريبية متخصّصة تسهم في تنمية هذا المجال الحيوي. وفي إطار خطتها لتنويع القاعدة الاقتصادية، بإمكان دولة الإمارات أن تفكر جدياً في بناء "ثروات جديدة" وإيجاد ميزة نسبية في مجال المعرفة. فالإمارات تبدو مؤهّلة أكثر من غيرها من دول الإقليم لاقتحام هذا المجال، والتحوّل من الموارد الاقتصادية التقليدية بإيقاع متسارع نحو الاقتصاد المعرفي، من خلال تبنّي منظومة متكاملة من المشروعات والتشريعات التي تدفع الأطراف جميعها للاستجابة السريعة والمباشرة للتطوّرات المتسارعة في عالم الاقتصاد المعرفي، وضرورة توحيد الجهود في سبيل الانتقال نحو هذا النوع من الاقتصاد. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية