جروفر جيه. نوركويست كارل روف هو الرجل الذي أدار أربع حملات انتخابية كان لها دور في صياغة شكل أميركا بأسرها لجيل كامل من الزمان. وهذه الحملات الأربع لم تكن سهلة ولا واضحة المعالم ولكن الرجل تمكن من قيادتها بنجاح ستجعل الشعب الأميركي -عن حق- يتذكره دوما باعتباره رجلاً كان له دور لا ينسى في السياسة الأميركية. وليس كل من أدار حملة انتخابية رئاسية أميركية جديرا بالتذكر، وإلا فمن منا يذكر اسم الرجل الذي قاد حملة لندون جونسون الانتخابية عام 1964 أو حملة إعادة انتخاب ريجان عام 1984؟ أولاً، "كارل روف"، هو الرجل الذي أدار الحملة الانتخابية من أجل تحويل تكساس من ولاية موالية لـ"الديمقراطيين" أيام الرئيس ليندون جونسون إلى ولاية موالية لـ"الجمهوريين" أيام الرئيس رونالد ريجان، ليس فقط في انتخابات الرئاسة، ولكن أيضاً في كافة التصويتات التي جرت لاختيار كافة المناصب الكبرى في الولاية. وقد عمل "روف" مستشاراً لحملتي بوش لشغل منصب حاكم ولاية تكساس عامي 1994 و1998 . ويذكر أن بوش هو الحاكم الوحيد في تاريخ الولاية الذي ينتخب لفترتين متتاليتين كل منهما أربع سنوات على الرغم من أن "الديمقراطيين" كانوا يسيطرون عليها بأغلبية كبيرة قبل انتخابات عام 1994. ثانياً، الإنجاز الثاني الكبير لـ"كارل روف" هو ذلك الذي حققه في الانتخابات التمهيدية للحزب "الجمهوري" لاختيار مرشح لمنصب الرئاسة عام 2000 حيث تمكن من الحيلولة دون انتخاب سيناتور ولاية أريزونا "جون ماكين"، الذي لو كان قد انتخب كمرشح للحزب عن الانتخابات الرئيسية، لكان قد أحدث تغييراً في طبيعة الحزب وحوله من حزب يقوم على تحالف ضيق كما صاغه رونالد ريجان إلى حزب شعبوي يقوده رجل يسعى إلى الحصول على موافقات رسمية في كافة الموضوعات المثيرة للجدل مثل الضرائب وحمل السلاح والطاقة وتعيين القضاة. وعلى الرغم من أن الرجل قد قاد حملة بوش في تلك الانتخابات، وأن بوش قد بدأ تلك الحملة باعتباره "متعاطفاً مع المحافظين" -بصرف النظر عما كان يعنيه ذلك- فإنه بعد أن خسر في ولاية "نيوهمبشاير" بهذه الاستراتيجية، قام بإحياء صيغة تحالف ريجان في جنوب كارولينا وما يليها. وفي انتخابات عام 2000 العامة استطاع "روف" الذي كان يقود حملة بوش أن يحقق إنجازه الثالث، وأن يقود الحملة ببراعة ويتمكن من هزيمة "آل جور" الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس المغادر "بيل كلينتون"، والذي كان قد خاض انتخابات نائب الرئيس مرتين من قبل، وتكونت لديه خبرة جيدة بالانتخابات دعمها بالاستعداد الجيد لتلك الحملة الانتخابية الرئاسية، وهو ما جعل فرصته في الفوز بالانتخابات أفضل من بوش خصوصاً وأن ظروف البلاد في ذلك الوقت كان تساعده على ذلك حيث كان الاقتصاد يمر بفترة ازدهار، ولم تكن أميركا قد انخرطت في أي من الحروب التي تنخرط فيها الآن. أما انتصار "روف" الرابع الكبير فقد كان في حملة انتخابات عام 2004 الرئاسية التي واجه فيها بوش السيناتور "الديمقراطي" جون كيري، ونجح في إيصال بوش لخط النهاية على الرغم من مأزق العراق. وهذا الانتصار الذي ساهم فيه "كارل روف"، لم يكن انتصاراً على "الديمقراطيين" في انتخابات الرئاسة فقط ، ولكن في انتخابات الكونجرس كذلك حيث فاز "الجمهوريون" بأغلبية المقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب، مستفيدين في ذلك بالمكاسب التاريخية التي حققوها في انتخابات التجديد النصفي عام 2002. وكان "اليسار" الأميركي يعتبر "روف" عدواً لدوداً دائماً، ولذلك كان كثيراً ما يركز عليه نيران هجومه باعتباره الرجل الذي يقود الحزب "الجمهوري" فعلياً، ويقود حركة "المحافظين الجدد" ولكن ذلك الهجوم لم يحقق نجاحاً على الرغم من أن "الديمقراطيين" لم يتورعوا عن أن يستخدموا ضده أقذع الشتائم وأن يهونوا من شأن الانتصارات التي حققها الحزب "الجمهوري" بفضله عليهم ويصفونها بأنها كانت انتصارات أدت إلى انقسام البلاد بشأن العديد من القضايا. وكان بعض المنتمين لليسار يأملون أن تؤدي خسارة "الجمهوريين" للأغلبية في الكونجرس بمجلسيه عام 2006 إلى إحباط هدف "روف" المعلن والخاص بتحقيق أغلبية مستمرة للحزب في الكونجرس، وكان من الممكن لهذا الأمل أن يتبلور على أرض الواقع. فلو كان "الديمقراطيون" قد طالبوا علناً في انتخابات 2006 بزيادة الضرائب وتخصيص تريليوني دولار للإنفاق الإضافي، وإنهاء الاقتراع السري في انتخابات الاتحادات، لكان لدى كارل روف من الأسباب ما يدفعه للخوف، ولكنهم لم يفعلوا ذلك. يخطط "روف" لمغادرة البيت الأبيض في نهاية أغسطس، في حين لا يزال أمام الحزب "الجمهوري" استحقاقان مهمان. الأول، هو الانتخابات الرئاسية القادمة العام المقبل 2008، أما الثاني فهو تحقيق الهدف الذي كان قد وضعه أمام حركة "يمين الوسط" بأسرها، والذي يتمثل في خلق أغلبية "جمهورية" محافظة في الكونجرس تستمر جيلاً بأكمله، مماثلة للتي حققها "الجمهوريون" بعد الحرب الأهلية الأميركية، والتي حققها "الديمقراطيون" بعد الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. وكان "روف" يأمل في أن يتمكن من تحقيق هذه الأغلبية في ظروف طبيعية، وليس في أعقاب فترة فوران داخلي كبير. وعلى الرغم من أن رؤية "كارل روف" للحزب "الجمهوري" الحديث كقوة حاكمة مسيطرة قد تحتاج إلى وقت أطول مما كان يأمل، فالاحتمال الأرجح هو أنها ستتحقق وذلك سيكون بفضل الجهد الذي قام به الرجل من أجل ذلك طيلة حياته السياسية. رئيس مؤسسة "أميركيون من أجل الإصلاح الضريبي" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"