مخجل أن يصل الصراع بين "حماس" ورام الله إلى الحضيض. ما ذنب خريجي الثانوية العامة، فيما يحدث بين المتصارعين. شباب كالزهور سهروا الليالي لتحقيق أحلامهم، وفجأة تتكسر الأحلام بين غزة ورام الله . ماذا يقول هؤلاء الشباب عن قياداتهم؟ وكيف ينظرون إلى قضيتهم وهم يجدون أنفسهم بين قيادات لا تبالي بمستقبلهم؟ خالد مشعل يجلس في سوريا ويحرك الصراع كيفما شاء، حتى وإن كان ضحاياه من أبناء جلدته، فهو غير عابئ بمستقبلهم ولا يهمه سوى أن يحقق النصر لـ"حماس" وليس للقضية الفلسطينية! أما محمود عباس (أبومازن) فهو مشغول بتعليمات رايس ولا يريد أن يفرط في نصائحها، وهو يساوم على الدولة الموعود بها! يضيع الشباب الفلسطيني بين هتافات "حماس" وصيحات أبومازن، ولا نعرف ماذا سيحدث لهؤلاء الفتية الذين فرحوا بتخرجهم وينوون أن يكملوا مشوار الحياة وهو حق من حقوقهم، لكن يذهب هذا الحق ويطير منهم في دهاليز صراع "فتح" و"حماس". أزمة جديدة بين الدولتين الفلسطينيتين؛ دولة الشرعية في غزة، كما تقول "حماس" ودولة الحكومة المركزية في رام الله كما تقول "فتح". كيف نحظى باحترام العالم لنا إذا ما اختلفنا على من يصدق الشهادات المدرسية، ومن يختمها بختمه السامي، وربما لو تشكل الجامعة العربية لجنة من حكمائها لتحل الأزمة وتتقدم لنا الجامعة بمقترح يحل أزمة شباب لا ذنب لهم في صراع مرير لا نهاية له طالما العقول معلولة. الجامعة العربية قد تحل لنا الأزمة فهي جامعة سياسية تضم الأعضاء وهي اسمها جامعة مثلها مثل الجامعات التي تمنح شهادات وربما تمهر شهادات هؤلاء الفتية وتخلصهم من محنتهم وتكون بذلك قدمت لنا ولو لمرة واحدة ما هو إيجابي يذكرها التاريخ عليه. وبما أن الجامعة العربية تمثل كل العرب، فمن حقها أن تمثل الدولتين الفلسطينيتين ولا بأس، فقد كانوا موعودين بدولة واحدة، واليوم لدينا دولتان وهو إنجاز كبير سيذكره التاريخ للزعامات الفلسطينية وعليها أن تبادر بتوقيع الشهادات الدراسية وتنهي الأزمة العالقة! شر البلية ما يضحك، فقد شبعنا ألماً وحان وقت الانفراج والنصر، فاليوم لدينا أكثر من عراق وهو إنجاز كبير سيسجله التاريخ لنا حيث منحنا الشيعة حقهم في إقامة دولتهم وأعدنا للسنة دورهم بعدما انهار بانهيار صدام حسين، وأرجعنا للأكراد حقهم بتكوين دولتهم التي ناضلوا من أجلها عقوداً طويلة. لا أحلى من التفكيك! يقولون إن التفكيك قد يقود إلى إعادة تركيب الوحدة المجزأة؛ فاليوم لدينا أكثر من لبنان وهو تفكيك حميد قد يقود إلى التوحيد من جديد. الجامعة العربية ستبقى الصرح الصامد أمام موجات التفكيك ونشكرها على صمودها وربما لولا صمود أمينها العام لانهارت، ولكن الحمد الله أن الله منّ علينا بأمين عام لا يؤمن بمدارس التفكيك، فهو من جيل الوحدة العربية. وبما أن الجامعة ظلت محافظة على وحدتها فربما هي المرشحة لحل أزمة شبابنا في فلسطين التائهة بين رام الله وغزة، بين خالد مشعل وأبو مازن. لا حاجة إلى أن تدعو الجامعة إلى اجتماع لوزراء التعليم العرب، فهي تمثلهم كلهم ولديها تفويض بأن تحل الأزمات المستعصية، وبما أنها فشلت في حل قضايا السياسة فربما تنجح في حل قضايا التعليم. لماذا نخاف من قيام دولتين فلسطينيتين، فنحن تعودنا على الزعامات ومن حق الزعامات أن تحظى بشعوب، ولنترك الحرية للشعوب في اختيار ما هو مناسب لها، فمن يريد أن يعيش مع خالد مشعل فله الحق في ذلك، ومن يريد أن يجلس في حضن أبو مازن فهو كذلك من حقه أن يفعل ما يريد... أما شبابنا الحائرون بين غزة ورام الله، فنقول لهم: الله في عونكم.