سجال متواصل حول الطاقة... وسخاء البنك الدولي يربك سياسات واشنطن تجاه طهران لماذا يمنح البنك الدولي مساعدات تنموية إلى إيران؟ وأين وصل السجال حول أمن الطاقة؟ وما هي دلالات البنادق المفقودة في العراق؟ وماذا عن ملف حقوق الإنسان في الصين قبيل أولمبياد 2008؟ حذار من سخاء البنك الدولي: في مقاله المنشور بـ"واشنطن بوست" يوم أمس الجمعة، خلص "مارك كيرك" إلى استنتاج مفاده أن سخاء البنك الدولي يضر بالأمم المتحدة والغرب. "كيرك"، وهو نائب "جمهوري" عن ولاية ألينوي، يرى أن مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية وجدا أن إيران تنتهك الالتزامات الخاصة بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وأنها لم تلتزم بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم في فبراير الماضي، وفق المهلة التي حصلت عليها من مجلس الأمن. وفي الوقت الذي تمضي هيئة الطاقة النووية في إيران قدماً نحو الإعلان عن هدف جديد هو تشغيل 50 ألف وحدة طرد مركزي في منشأة ناتنز النووية، يقدم البنك الدولي تمويلاً لتسعة مشروعات حكومية في إيران بتكلفة تصل إلى 1.35 مليار دولار، أحد هذه المشروعات في منطقة أصفهان، حيث مقر البرنامج النووي الإيراني. الكاتب يرى أن البنك الدولي، وهو عضو في مؤسسات الأمم المتحدة، ينتهج سياسات منفصلة عن بقية وكالات المنظمة الدولية، خاصة مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك علماً بأن الولايات المتحدة هي أكبر ممول للبنك الدولي، حيث ساهمت فيه هذا العام بقرابة 940 مليون دولار. البنك خصص هذا العام 220 مليون دولار لإيران، إضافة 870 مليون أخرى خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لتدشين أنبوب للنفط. الكاتب يرى أن البنك الدولي يعتمد في وثائقه المنشورة على معلومات قديمة، وللمرء أن يتساءل: لماذا تحصل إيران التي تنتج 2.6 مليون برميل من النفط يومياً على مساعدات تنموية من البنك الدولي، خاصة أن عوائدها من النفط قد تضاعفت خلال الفترة من 2003 إلى 2005، وخلال العام الماضي وصل إجمالي هذه العوائد إلى 50 مليار دولار، وبما أن ناتج إيران المحلي الإجمالي بما نسبته 5.6% خلال عام 2005... فلماذا تحتاج طهران لمساعدات البنك الدولي؟ وفي الوقت الذي تحاول فيه وزارة الخزانة الأميركية تجفيف مصادر تمويل إيران، يدعم البنك الدولي الحكومة الإيرانية حتى عام 2010، وفي ظل تناقض سياسات البنك كمؤسسة دولية متعددة الأطراف مع سياسات الولايات المتحدة وحلفائها، لن يتسنى للجهود الدبلوماسية حل أزمة إيران النووية. "البنادق المفقودة في العراق" تحت هذا العنوان، علقت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي، لتخلص إلى نتيجة مفادها أن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة مستعدون لتسليح جنود الجيش الأميركي بما يضمن لهم حماية أنفسهم في العراق، لكن من الصعب القبول بأنه بسبب سوء الإدارة في "البنتاجون" وأخطاء واشنطن في إدارة عراق ما بعد الغزو، تتحول أموال دافعي الضرائب إلى سلاح في يد المتمردين العراقيين الذين يستهدفون القوات الأميركية، فثمة تقرير حكومي يشير إلى فقدان 100 ألف بندقية أميركية في العراق و80 ألف مسدس كانت واشنطن قد منحتها لقوات الأمن العراقية في عامي 2004 و2005. الصحيفة أشارت إلى أن أميركا قدمت 19 مليار دولار لتطوير قدرات الأمن العراقي، لكن دون جدوى. الطاقة ومستقبل أميركا: حول هذا الموضوع، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم أمس الجمعة، افتتاحية تساءلت خلالها: هل سيتم تزويد السيارات والشاحنات الأميركية الجديدة بوقود أكثر كفاءة؟ وهل ستحصل الولايات المتحدة على مزيد من الطاقة الكهربائية المستخرجة من مصادر متجددة كالشمس والرياح والوقود الحيوي؟ الإجابة على هذه التساؤلات ستساهم في مواجهة الاحتباس الحراري، وفي الحد من واردات أميركا النفطية، فلماذا يستمر الجدل في واشنطن حول هذين التساؤلين؟ وحسب الصحيفة، فإن مجلس الشيوخ، مرر في يونيو الماضي قانوناً يتضمن مراجعات قيمة لسياسة أميركا في مجال الطاقة، ويوم السبت الماضي أقدم مجلس النواب على الخطوة ذاتها في إطار تدشين سياسة للطاقة في الولايات المتحدة خلال القرن الحادي والعشرين. وإذا كانت ثمة مراجعات متباينة لقوانين الطاقة داخل الكونجرس بمجلسيه، فإنه يجب تجاوز التباينات الواردة في هذه المراجعات وأن يقدم الرئيس بوش رؤيته في نهاية الأمر تجاه سياسة الطاقة في أميركا، كي يتم تفعيل القوانين بعد عودة الكونجرس للانعقاد في سبتمبر المقبل. القانون المطروح أمام مجلس الشيوخ يقضي برفع كفاءة الوقود في السيارة الجديدة ليصبح بحلول عام 2020 قرابة 35 ميلاً للجالون الواحد، علماً بأن الولايات المتحدة تأتي في ذيل قائمة الدول الصناعية من حيث الكفاءة في استهلاك الوقود، وذلك ضمن تقرير صدر حديثاً عن المجلس الدولي للمواصلات النظيفة. أما القانون المطروح في مجلس النواب، فيركز على إلزام أرباب الأعمال، باستهلاك 15% من الطاقة اللازمة لتسيير مشروعاتهم من مصادر متجددة. الصحيفة طالبت بأرضية مشتركة توحد موقف "الديمقراطيين" في الكونجرس مع موقف بوش تجاه قوانين الطاقة، وإلا فإن المشكلات التي تتعرض لها واشنطن في هذا المجال الحيوي ستظل بلا حلول. "عالم واحد... حُلم واحد": هكذا عنونت "واشنطن بوست" افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، مشيرة إلى أن الصين بدأت منذ يوم الأربعاء الماضي الاحتفال ببداية العدد التنازلي لأولمبياد بكين المقرر إجراؤها في صيف 2008. وحسب الصحيفة، فإن مظاهر الاحتفال تركزت في ميدان "تيانن من"، المكان الذي شهد ذكريات دموية، الاحتفالات تخللتها أناشيد حماسية من أهمها نشيد "إننا جاهزون". في المقابل، أبدى نشطاء حقوق الإنسان شجاعة ملحوظة، ففي يوم الثلاثاء الماضي، وجه 40 أكاديمياً ومحامياً وكاتباً رسالة مفتوحة إلى قادة الصين وقادة العالم، عبروا خلالها عن قلقهم الشديد من سياسات بكين في مجال حقوق الإنسان، خاصة على ضوء ما ذكرته لجنة بكين الأولمبية التي أشارت إلى أن هذه الأولمبياد ستكون منفتحة وخضراء وإنسانية. هذه الرسالة نادرة من نوعها إلى حد كبير، وثمة رسالة مشابهة صدرت عام 2002، الرسالة الأخيرة تطالب بالعفو عن السجناء السياسيين في الصين وعودة المعارضين من المنفى وتعزيز حرية الإعلام. التوصيات الواردة في الرسالة منسجمة ومتناغمة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي وقعت عليه بكين، وأيضاً متوائمة مع الدستور الصيني. لكن هذه التوصيات غير متناغمة مع الممارسات التي تنتهجها الحكومة الصينية، فبدء العدد التنازلي لأولمبياد بكين، سيثير أيضاً تقارير دولية جديدة عن تدهور حالة حقوق الإنسان في الصين. وضمن هذا الإطار، صدرت خلال الأسبوع الماضي تقارير عن ثلاث مؤسسات معنية بحقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ولجنة حماية الصحفيين)، تتضمن دراسات مفصلة عن تدهور الحريات في الصين. فعلى الرغم من وعود الحكومة الصينية، بأن استضافة الأولمبياد، ستعزز من حقوق الإنسان في البلاد، فإن هذا الحدث الرياضي يتم استخدامه حجة أو ربما ذريعة لقمع المعارضين السياسيين وإطلاق تصريحات وأخبار مربكة. الصحيفة ترى أنه بقمع الصحفيين والنشطاء السياسيين ومستخدمي الانترنت، تلطخ الصين وجه الأولمبياد، لكن بمقدور بكين إنقاذ سمعة هذا الحدث الرياضي العالمي، من خلال الاستجابة للرسالة المذكورة وتغيير سياساتها، لا معاقبة النشطاء. وحسب الموقعين على الرسالة الموجهة إلى الحكومة الصينية، فإن أول خطوة إيجابية يمكن اتخاذها في أولمبياد بكين، ربما تكون تغيير الشعار من "عالم واحد...حلم واحد"، ليكون "عالم واحد... حلم واحد وحقوق إنسان عالمية". إعداد: طه حسيب