اهتمّت الصحف المحلية، أمس، بنتائج الاستبيان العلمي الذي أجراه "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة أبوظبي حول "اتجاهات ومواقف الجمهور نحو شرطة أبوظبي"، حيث تشير نتائج الاستبيان إلى أن نسبة ثقة الجمهور بشرطة أبوظبي ارتفعت لتصل في المتوسط العام إلى 92.4% مقابل 90% في الاستبيان العام الماضي، كما شهد مستوى الرضا العام عند الذين تعاملوا مع الشرطة ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام مقارنة بالعام الماضي، إذ سجل نسبة 86.2% مقابل 79.3%، ما يؤكد أن هناك تقدّماً ملحوظاً في الخدمات الشرطية. إلا أن أهمية هذا الاستطلاع ليست في النتائج الإيجابية التي خرج بها فحسب، وإنما أيضاً في اعتماد هذا الأسلوب في رصد آراء الجمهور ومعرفة توجّهاتهم. إن دولة الإمارات، وفي ظل الطفرة التنموية الشاملة التي تمرّ بها، بحاجة ملحّة إلى مثل هذا النوع من وسائل معرفة اتجاهات الرأي العام في القضايا المحلية المهمّة، وذلك لأن استطلاعات الرأي تبيّن الواقع الفعلي لانطباعات وتطلّعات ورغبات الجمهور في مختلف القضايا التي تهمّهم، ما يشكّل في النهاية مؤشراً مهماً لدعم وتصويب توجّهات السياسة العامة. إن استطلاعات الرأي لم تعد مجرد وسيلة للتعرّف إلى توجّهات الناخبين حيال الشخصيات السياسية، بل أصبحت تمثّل مؤشراً أساسياً على اتجاهات السياسات العامة في شتى المجالات، خاصة بالنسبة إلى دولة الإمارات التي تشهد طفرة تنموية كبرى تتطلّب هذا النوع من وسائل معرفة اتجاهات الرأي العام بهدف رفد صنّاع السياسات والقرارات وبناة التخطيط بالمعلومات والتحليلات الحديثة والواقعية التي تساند عملهم في إدارة العملية التنموية بمفهومها الشامل. كما أن المجتمع الإماراتي، وفي ظلّ الطفرة التنموية المتسارعة في كل الاتجاهات، يبدو هو الآخر سريعاً بالأحداث والتطوّرات المحيطة، كما أصبحت وسائل الإعلام المختلفة تلعب دوراً كبيراً في التأثير في توجّهات الرأي العام، حيث يستدعي كل ذلك آليات رصد دقيقة ومستمرة لمعرفة أثر هذه التغيّرات في توجّهات المجتمع بشأن القرارات التنموية التي تمسّه. على الرغم من الحاجة إلى عمليات قياس الرأي العام المستمرة، بهدف التعرّف إلى سماته واتجاهاته وتفصيلاته تجاه القضايا المختلفة، وضعف وقصور المصادر الأخرى للمعلومات، فإن دولة الإمارات لا تزال تفتقر إلى مزيد من الاعتماد على قياسات الرأي كمصدر مهم من مصادر استقصاء المعلومات الحديثة، حيث يجد متّخذو القرار والباحثون صعوبات كبيرة في التعرّف إلى مدى تأثر أفراد المجتمع بالأوضاع والتطوّرات المحيطة، ما ينعكس سلباً على كفاءة بعض القرارات أو بروز صعوبات في تنفيذها في مراحل لاحقة أو حتى ظهور آثار سلبية ومضاعفات ارتدادية لبعض القرارات. ولكن هذه الاعتمادية على قياسات الرأي تظلّ رهن تنفيذها بشكل علمي منهجي يحقّق الهدف المنشود، إذ إنه من المؤكد أن اضطلاع مواقع "الإنترنت" ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها بهذا الدور وأدائه بشكل غير منهجي، قد أثر سلباً في مصداقية هذا المصدر المهم للمعلومات. فهذه المحاولات الفردية لاستطلاعات الرأي العام وقياس آراء الجمهور حول العديد من الظواهر الاقتصادية والاجتماعية، تفتقر إلى أبسط معايير الدقّة الفنية والموضوعية والحيادية، ما يجعل من الصعب الاسترشاد بنتائجها في بناء العديد من التحليلات والاستنتاجات والتوصيات. ــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية