هل سيشهد هذا القرن تحول الشعوب الخليجية إلى ظاهرة "الهنود الحمر" ؟ حيث تدل جميع الشواهد الديموغرافيه (السكّانية) على أن الأمد لن يطول حتى تتحول الشعوب الخليجية إلى أقليات وطنية. فالتركيبة السكانية وصلت إلى حافة الخطر, والحكومات الخليجية لاهية وساهية عن الموضوع, بل وتتعمد عدم إثارته لعدم توفر البدائل, خاصة بالنسبة لرخص اليد العاملة الآسيوية, وركون الخليجيين إلى حياة الراحة والدعة والكسل. فالإنسان الخليجي اليوم عاجز عن القيام بأي عمل سوى الأعمال المكتبية, والتي بدورها أيضاً لا تتم بصورة جيدة, حيث البطالة المُقنَّعة والتسيُّب في العمل, وتعقُّد الروتين, فقط لإبقاء الجميع منشغلاً بالمعاملات الرسمية التي لا معنى لها, ولا فائدة منها, والتي لا يعلم سوى الله كيف سيتم التخلص منها بقيام الحكومة الإلكترونية, على افتراض وجود حسن النوايا لدى الحكومات الخليجية. وللأسف تحاول بعض الدول الخليجية القيام بتجنيس الآلاف من العمالة الوافدة لأسباب سياسية وقبلية دون أي اهتمام بالتأثيرات السلبية المحتمل حدوثها في التركيبة السكانية في المستقبل القريب. وبرغم كل التحذيرات القائمة على الإحصائيات العلمية, إلا أن هذه الدراسات لا تجد قبولاً لدى هذه الحكومات!! لكن, المعاهدات والمواثيق الدولية أخذت تمثل عائقاً لاستمرار هذا الوضع المُزري. فنظام الكفيل في طريقه للزوال, وتهمة الاتجار بالبشر تلقي بظلال ثقيلة على الحكومات تجبرها على تغيير قوانينها, وتغيير نمط صياغة العقود. وكذلك تنامي موضوع حقوق الإنسان على مستوى العالم، أصبح بدوره، عبئاً على هذه الحكومات بحيث ما عاد بالإمكان تجاهله. وحيث إن الدول الخليجية عاجزة عن إيجاد بدائل للعمالة الوافدة الرخيصة, خاصة الآسيوية، فإن استمرار الوضع لا يبشر بخير في المستقبل القريب. والعجيب أن الحكومات الخليجية لا تزال بعيدة كل البعد عن دراسة هذه الموضوعات بشكل جاد, حيث لا تزال هذه الحكومات والشعوب تستورد المزيد من العمالة الوافدة!! وفي مقابل هذه الأعداد المتزايدة من العمالة الوافدة، تتحول هذه الشعوب إلى أقليات بالمعنى الحرْفي للكلمة, كما هو ملاحظ في دولة الإمارات والكويت . وفقاً لما سبق ذكره لابد من قرع ناقوس الخطر, فالمستقبل الذي ينتظر أبناءنا سيئ في صورته ومادته، حيث العجز التام عن القيام بخدمة أنفسهم، ولولا العمالة الوافدة لما وجدنا من يغسل سياراتنا. فالخليجي القادر على إدارة الشركات الكبيرة, عاجز كل العجز عن توفير لقمة ساخنة في مطبخه الفخم في المنزل. وبالتالي فإنه من المؤكد أن المستقبل ليس في صالح المجتمع الخليجي، في المدى القريب. لنعترف أن المشكلة ليست سهلة, لكن مع ذلك، هناك العديد من الحلول وإن كانت صعبة. لكن لابد من التعامل مع هذه المشكلة بشكل جدي وفعال. إذ ليس من المعقول تواجد العديد من الخدم في كل منزل. ومن العدالة الاعتراف بأن الجميع شركاء في جريمة تدمير الوطن باستيراد هذه العمالة الرخيصة, التي ساعد وجودها على ارتفاع نسبة الجريمة, بالإضافة إلى تنامي تجارة الإقامات التي لا تزال الحكومات الخليجية تتجاهل مواجهتها, بسبب ما تدره من مداخيل مالية عالية لمن يتاجر بها. ولن يطول الأمر حتى يصدق فينا قول الشاعر المتنبي: "ترى الفتى العربيَّ فيها غريب الوجه واليد واللسان".