أماني محمد ---------------------- لم يكن غريباً البتة أن يأتي إعلان لطبيب نال جنسية الإمارات منذ ما يزيد على عشرين عاماً يضع اسمه ضمن أسماء آخرين من جنسية عربية، التي هي جنسيته السابقة. فليس من السهولة أن تنتزع ولاء أحد ما وتقنعه بأنك صرت مواطنا لهذه الدولة وبالتالي عليك أولاً أن تكون إماراتياً قلباً ونبضاً وذاكرة. وقد انبرى بعض المثقفين في المناداة بالتجنيس حلاً للمشكلة (الأصعب- الأسهل)، وهي التركيبة السكانية، وكأن الدولة استنفدت كل المحاولات والحلول لتصل إلى هذه النتيجة التي تشبه نحر الوطن من الوريد إلى الوريد. فالأمر يحتاج إلى قوانين وإرادة سياسية ويحتاج إلى حصر الرقم الحقيقي وإلى منح كافة التسهيلات والمنح والفرص للإنجاب ويتأتى بسهولة أكبر في حماية الحدود والشواطئ من المتسللين، ولعل مهلة المخالفين ستعمل على اجتثاث أرقام هائلة من أسباب الخلل، وإلزام المواطنين في الحد من الخدم بحيث تشترك كافة إمارات الدولة في تطبيق ذات القوانين من دون وساطات ومن دون استثناءات أثقلت كاهل القانون وأهله. والأهم هو إيقاف المزيد من المشاريع العقارية التي تتطلب عمالاً أكثر، وتحديدها ضمن جدول زمني لا يتعارض مع القانون الشامل المهتم بإيقاف هذا النزف الشرس من مقدرات الدولة لصالح قلة من المنتفعين. ولنعد إلى الجزء المفقود من النص... الانتماء.. فمنذ بداية الاتحاد والدولة تمنح جنسيتها للعشرات وأحد المسؤولين صرح بأن الدولة تجنس سنوياً ما يقارب أربعة آلاف شخص... من هم هؤلاء؟ جيل الاتحاد ترعرع وسط حب كبير لزايد رحمه الله، وابن البلد لم يستشعر أبداً أن هناك فرقاً بينه وبين من هو مجنس حديثاً، لكن مع تراكم التجربة، ومع امتداد نفوذ دول أخرى، ومع تمدد أرقام هؤلاء صار الاستفهام أخطر وأصعب، وهو: لمن يكون ولاء هؤلاء؟ ولمصلحة من أفقد دولة الإمارات العربية المتحدة هويتها وأفرغها من ثوبها الوطني ومن عباءة الحشمة الأصيلة، ومن تراب زعفراني رغم كونه ينتمي لصحراء ورمال متحركة، إلا أنه لدينا يساوي الزمن والذاكرة وتفاصيل حياة نرسمها بريشة عاشقة كنخل المكان لصغارنا المتأصل الجذور نسباً وهوية؟ هل لأننا نملك ثروة بترولية تموج تحتنا لا نستحق أن نحافظ على كينونتنا؟ هل صار لزاماً أن نقدم مزيداً من التنازلات برأب تصدعات تسبب بها متنفذون فتاجروا في تأشيرات وراهنوا على مكاسب سريعة وعلى هزيمة أكيدة لوطن بريء عانى الكثير ليكون على ما هو عليه اليوم؟ فالنص لن يكتمل إلا بأهله، وهذا البحر الذي تهرول الأقدام لتعمره وتحوله إلى بنيان إسمنتي كان حكاية الماضي والشاهد على أننا الأحق به مهما كان البريق مغرياً والأفكار رائجة. نمنح الجنسية لمن؟ لآخر ركض لحظة وعي إلى جنسيته الحقيقية، أم لآخرين يعرفون من عروقهم أن انتماءهم يمتد نحو الآخر، أم نهبها لمن يستحق، ولمن أدرك ماذا يعني الوطن أولاً وآخراً؟ هذا وطن أولادنا... ونحن أقدر على حل مشاكله وعلى رأب هذه الشقوق وعلى إيقاف هذا الزحف... والأهم من كل شيء نحن فقط من يكمل النص ويضع فواصله ويدرك تماماً متى يبدأ ومتى تأتي نقطة الختام.