بدا واضحاً أن الزخم التنموي الكبير الذي تشهده إمارة أبوظبي حالياً في أكثر من اتجاه، وبوتيرة متصاعدة، ما هو إلا بداية لطفرة كبرى ينتظر أن تشهدها الإمارة، وذلك بعد أن أطلقت حكومة أبوظبي رسمياً "أجندة السياسة العامة لسنة 2007-2008"، والتي تحدِّد أولويات واضحة وخططاً مستقبلية شاملة للدوائر والهيئات المحلية، بما ينسجم مع الرؤية المستقبلية للإمارة، والتي ترتكز بصفة عامة على توافر مجتمع آمن واقتصاد منتج ونشاط مؤسَّس على دعائم أساسية، أهمها خدمات تعليمية وصحية عالية الجودة وبنية تحتية متطوِّرة وقطاع خاص فاعل ومؤثر وإقامة اقتصاد مرتكز على المعرفة المستدامة وبيئة تشريعية تتسم بالكفاءة والشفافية واستقرار أمني والمحافظة على العلاقات المتميزة مع بقية دول العالم على مختلف الأصعدة وتطوير الموارد في الإمارة، والمحافظة على قيم إمارة أبوظبي وثقافتها وتراثها، إضافة إلى مواصلة الإسهام في توثيق عرى الاتحاد بين إمارات الدولة. إن المبادرات التي تطرحها "أجندة السياسة العامة" توفر فرصة كبيرة للقطاع الخاص للعمل في مجالات ظلَّت في الماضي حكراً على الحكومة، كما تتيح له الدخول في شراكات استراتيجية مع القطاع العام. ففي ظل الإصلاحات الكبيرة التي حظي بها الاقتصاد خلال السنوات القليلة الماضية، فإن جميع الخطوات والسياسات التي اتخذتها حكومة أبوظبي لم تعد كافية ليستلم القطاع الخاص زمام المبادرة في مشروعات التنمية ويكون بذلك لاعباً رئيسياً في اقتصاد الإمارة. إلا أن المرحلة المقبلة تتضمن حزمة من السياسات الاقتصادية المهمة التي توفر بيئة استثمارية مشجعة لإطلاق مشروعات تنمية استراتيجية كبرى في الإمارة، استناداً إلى معطيات السوق والظروف المحيطة به، وتحقيق أكبر قدر من التكامل والتجانس في ما بينها. أما بالنسبة إلى المواطنين والمقيمين فإن هذه الأجندة تبشِّر ببدء حقبة جديدة من الشفافية والمساءلة والارتقاء بالأداء الحكومي نحو مزيد من التميُّز. فالمساءلة والشفافية مفهومان مترابطان يعزِّز كل منهما الآخر. ففي غياب الشفافية لا يمكن وجود المساءلة، وما لم تكن هناك مساءلة فلن يكون للشفافية قيمة أو مبرر. ويسهم وجود هذين المقوِّمين معاً في إيجاد إدارة فعالة وكفؤة على صعيد المؤسسات العامة، وتشكيل صورة أكثر دقة لسلامة الأنشطة الاقتصادية. وبما أن الإنسان هو محور الارتكاز الأساسي في العملية التنموية، جاءت أجندة السياسة العامة لتحقِّق العديد من الأهداف التي يصبُّ جلُّها في خانة تطوير قدراته وصقل كفاءته، ومع تشجيع التوظيف الأمثل لمعطيات التقنية الحديثة، يؤدي ذلك إلى تطوير أنظمة العمل ورفع جودة وكفاءة الأداء وتبسيط الإجراءات في القطاعات الحكومية كافة، ما يسهم في رفع كفاءة المؤسسات الحكومية. فالأجندة تتضمَّن في هذا الخصوص منظومة واسعة من الأهداف والمبادرات التي تجعل من التنمية الاجتماعية والبشرية الهدف الأسمى والركيزة الأساسية التي تستند إليها السياسات والمبادرات كافة التي تسعى حكومة أبوظبي إلى تطبيقها. وبحسب هذه الأجندة، فإن القوة البشرية المتعلمة والمبدعة والمدرَّبة تدريباً رفيعاً والمهيأة لدخول عالم الابتكارات والبحث والتطوير، والمستعدة لفهم واستيعاب ونقل وتوطين وتطوير التكنولوجيات الحديثة، هي وحدها القوة التي تستطيع أن تفرز طفرة تنموية شاملة ومستدامة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية