جلست أقص إلى صديق لي، بأسى، عن "مفاجأة" لشركة "طيران الاتحاد" وهي لا زالت تخطو خطواتها الأولى في مشوارها في سوق الطيران المليء بالتنافس والتحدي العالميين، خاصة أنها اكتسبت سمعة جيدة منذ بدايتها عند المسافرين فصارت بديلاً مناسباً عن كثير من الشركات. ومما قلته لصديقي، أنني لم أكن أتوقع من هذه الشركة "الناقل الوطني" التي سافرت على متن رحلاتها عدة مرات أن تقوم يوماً بتغيير مواعيدها في اللحظات الأخيرة للإقلاع أو تغييرها من دون سبب واضح باعتبار أن ذلك مؤشر على عدم احترام أي شركة طيران ترتكب هذه الأخطاء مع عملائها، هذا إضافة إلى الخسائر التي يمكن أن يتحملها عدد من الركاب بسبب هذه الأخطاء. وقلت أيضاً، إن موقف الشركة، في تأخير موعد إقلاعها، ذكرني بشركة "إقليمية" كانت سمتها البارزة تغيير مواعيدها والتأخير في مواعيد الإقلاع، حتى أقسم العديد من الناس، وأنا منهم، بينه وبين نفسه وبأشد الأيمان وأغلظها بأن لا يسافر على طائرات تلك الشركة مرة ثانية واستبدلوها بشركات أخرى رغم أن تلك الشركة كانت لها مكانتها في نفوسنا نحن أبناء الخليج العربي، بل إن الأمر وصل ببعض منا أنه كان ينصح الآخر بعدم التعامل مع تلك الشركة. وأنا أسرد كل ذلك لصديقي، نظر إليّ باستغراب وتعجب، وذكرني بتجربة شخصية حدثت له خلال شهر يوليو الذي رحل عنا أمس فقط، حيث "تفاجأ" بأن شركة الاتحاد غيرت موعد إقلاعها مرتين في أقل من أسبوعين، الأولى قبل أن يسافر، وهذا أهون، والثانية قبيل رحلة العودة حيث علم بموعد التأجيل بعد أن أنهى كل ارتباطاته بالفندق. أحد أسباب المشاكل الكبرى، لدينا، أن بعضا منا يفضل السكوت على الكلام ووصلت بهم القناعة أنه لا فائدة من الكلام بل يختار السكوت لأن الكلام قد يجلب له المشاكل، ومن هنا يبدأ تراكم الأخطاء وتصبح عُقداً مركبة تحتاج إلى حلول غير تقليدية. ولو أن كل أحد آثر السكوت ولم يكترث بما حصل له، ربما تتراكم الأخطاء وتتعمق مع مرور الوقت وتكون المشكلة صعبة الحل. ما أكتبه هنا، نابع من تجربة شخصية حدثت لي بداية هذا الأسبوع، يوم الجمعة تحديداً، عندما كنت أستعد للذهاب إلى إحدى الدول العربية الشقيقة وكنت قد أعددت برنامج زيارة لعمل خاص بي إلى تلك الدولة بمواعيد مع الأشخاص الذين سأقابلهم على أن أعود في اليوم الثاني السبت كي أكون يوم الأحد مباشرة في عملي وتهيأت على هذا الأساس. وبينما أجهز نفسي لأكون في المطار في الوقت المناسب، كما هي عادتي، وبعد أن ودعت الجميع وأكدت للأصدقاء بأني في طريقي إلى المطار، إذا بموظفة من شركة الاتحاد للطيران تبلغني هاتفياً بأن موعد إقلاع الطائرة تأخر قرابة خمس ساعات، فشعرت بصدمة حقيقية لأكثر من سبب وتذكرت وأنا أكلم الموظفة مواقف شركة الطيران الإقليمية التي تراجعت مكانتها لهذا السبب وغيره من الأسباب التنظيمية والإدارية، وقمت بإلغاء السفر لكن بعد أن أفقت من الذهول وعجزت عن الحصول على حجز في شركة أخرى بسبب العطلة الأسبوعية، قمت بإعادة الحجز على طيران الاتحاد، لأني مرتبط بعمل ولكن جاء ذلك بطبيعة الحال على حساب مواعيدي وارتباطاتي التي ضاع بعضها، رغم أهميتها. ما حصل لي في هذا الموقف من ضياع للمواعيد والارتباطات سواء في الداخل أو الخارج حصل مع أصدقاء آخرين عديدين فوجئت بأنهم مروا بذات التجربة، وشعروا بالضيق والحزن من الأخطاء البسيطة التي ترتكبها شركتنا الوطنية التي تمتلك كل مقومات الأداء المثالي والنجاح والمنافسة عالمياً وبنفس القدر من الشعور بالضيق شعرنا أيضاً بالخوف والقلق من أن تكرر شركتنا هذه الأخطاء البسيطة، فاخترت الكتابة أملاً في معالجة هذه الأشياء التي لا تكلف الكثير. أعتقد أن التأخير في الإقلاع وتغيير المواعيد، سببان كفيلان بخسارة أي شركة طيران لعملائها. وأعتقد أن هذا الاتجاه الذي بدأ يتكرر لا يكون مناسباً في ظل مناخ عالمي يتسم بالتنافسية والتسابق نحو إرضاء الركاب من خلال توفير كل أساليب الراحة والارتقاء بمستوى الخدمات... ومنها وقت إقلاع الطائرة!