لاري آتكينز لماذا كلما كان هناك موضوع يهم الشباب أو يتعلق بهم، تكون المقالات المنشورة حوله بصفحات الرأي لأشخاص في الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات من العمر؟ فسواء تعلق الأمر بكاتب عمود ثابت أو والد يتحدث عن تخرج ابنه من الجامعة أو كيف أن الأطفال في الخمسينيات كانوا يفضون نزاعاتهم بأذرعهم بدلاً من استعمال الأسلحة، فالملاحَظ أن كل ذلك أمثلة قديمة ومبتذلة. والحال أنه إذا كانت الصحف ترغب في الوصول إلى القراء الشباب، فعليها أن تكون منبراً لأصواتهم. فالكثير من الأشخاص والناشرين يشتكون منذ سنوات من أن الشباب بصفة عامة يميلون إلى العزوف عن قراءة الصحف. وفي هذا الإطار، أظهر تقرير صدر في العاشر من يوليو عن "مركز جون شورانشتاين للصحافة والسياسة العامة" التابع لجامعة "هارفارد" أن الشباب لا يتابعون الأخبار كثيراً؛ حيث قال 16 في المئة فقط من الأشخاص الذين شملهم استطلاع الرأي (تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و30 سنة) إنهم يقرأون صحيفة يومياً، مقابل 9 في المئة في صفوف المراهقين. إلى ذلك، تعاني معظم الصحف اليومية الأميركية الكبيرة تراجعاً في مبيعاتها، إذ تشير الإحصائيات إلى تراجع بنسبة 8 في المئة بالنسبة لـ"لوس أنجلوس تايمز"، و6.7 بالنسبة لـ"ذا بوسطن جلوب"، و5.3 في المئة بالنسبة لـ"سان فرانسيسكو كرونيكل"، وذلك حسب التقرير نصف السنوي لخريف 2006 الذي أصدره مركز التدقيق الخاص بانتشار المطبوعات؛ على أن تراجع قراءة الصحف هو كبير بصفة خاصة في صفوف الشباب، كما تشير إلى ذلك دورية "كولومبيا جورناليزم ريفيو". اللافت أن معظم الشباب يميلون إلى الحصول على الأخبار من خلال شبكة الإنترنت أو البرامج التلفزيونية من قبيل "جون ستيوارت" و"ستيفان كولبيرت". إنني أدرس مادة الصحافة بجامعة "آركاديا" في جلينسايد بولاية بنسلفانيا وجامعة "تامبل" في فيلاديلفيا؛ وعندما أسأل طلبتي في كل دورة جامعية جديدة بخصوص المصادر التي يحصلون منها على الأخبار، ألاحظ أن لا أحد منهم تقريباً يشير إلى الصحف اليومية. لقد حاولت بعض الصحف الأميركية في السنوات القليلة الماضية التقرب من فئة الشباب. وهكذا، نشرت "ذي شيكاجو تريبيون" صحيفة خاصة موجهة للقراء الشباب أُطلق عليها "ريد آي"، لديها 280000 قارئ يومي. ومن جهتها، باتت "نيوز داي" تتوفر على ملحق أسبوعي يشجع طلبة الجامعات والمدارس الثانوية والإعدادية على إرسال مقالات رأي. أما "بوسطن جلوب"، فقد بدأت للتو مطبوعة موجهة للمراهقين تسمى "بوسطن تينز إين برينت" كتابها أطفال. أما في فيلاديلفيا، فقد لاحظت أن الصحيفتين الرئيسيتين، "فيلاديلفيا إينكوايرر" و"فيلاديلفيا ديلي نيوز"، قلما تنشران مقالات رأي للشباب؛ إذ يبدو أنهما لا تنشران سوى مقالين أو ثلاثة في المتوسط سنوياً ضمن صفحات الرأي لأشخاص تقل أعمارهم عن 21 عاماً. بل إنه حتى بخصوص المواضيع التي تتعلق بالشباب، فدائما ما تكون مقالات الرأي مكتوبة من قبل أشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من أعمارهم. وعلاوة على ذلك، فإن جميع كتاب الأعمدة تقريباً في الولايات المتحدة تفوق أعمارهم الثلاثين عاماً. الحقيقة أنه لم تكن لدي توقعات كبيرة عندما بدأت تدريس مادة كتابة مقالات الرأي في جامعة "تامبل" في 2003؛ غير أنني فوجئت بجودة الكتابات ومستواها. كما قرأت مواضيع لا تحظى بتغطية كبيرة من قبل الصحف الكبرى، ومن ذلك سوق العمل القاسي بالنسبة للخريجين حديثاً، وسياسات القبول في الجامعات، وتعاطي المخدرات في ضواحي المدن، وعزوف الطلبة عن التصويت في الانتخابات. العديد من المقالات التي كتبها طلبتي كانت تحمل رؤية جديدة بخصوص مواضيع محلية ووطنية ودولية؛ وكثيراً ما تلقيت من الطلبة مقالات هي من الجودة بحيث يمكن نشرها في صحف كبرى. والواقع أن ستة من طلبتي نشروا خلال الدورة الدراسية مقالات رأي كتبوها. وقد أقنعتني تجربتي الخاصة أن ثمة كثيرين من الكتاب الشباب الموهوبين الذين ينبغي أن ينتبه إليهم محررو الصحف. إذا كانت الصحف ترغب في أن يقرأها الشباب، فعلى محرري صفحات الرأي أن يسعوا إلى التقرب من برامج الصحافة في الجامعات ومد الجسور معها، ويحاولوا اغتنام أصوات تعكس وجهة نظر الشباب. ولعل إحدى طرق ذلك تكمن في جعل عدد من محرري الصحف الجامعية المحلية يساهمون بانتظام في صفحات الرأي. إلى ذلك، يتعين على الصحف أن تركز أكثر على المواضيع التي تحظى باهتمام الشباب. فعلى سبيل المثال، يعد طلبة المدارس الثانوية الأجدر بالحديث عن قروض الدراسة الجامعية، وعمليات إطلاق النار في المدارس، والإفراط في شرب الكحول، وتعاطي المخدرات. الواقع أنه من المهم جداً إشراك الشباب في قراءة الصحف على اعتبار أنهم مفكرو وزعماء وناخبو الغد. وعلاوة على ذلك، فثمة فرقاً شاسعاً بين المعلومة السريعة التي يمكن للمرء أن يحصل عليها من الإنترنت والتلفزيون والمقالات العميقة التي يمكن قراءتها في الصحف. وعليه، فإذا استطاعت الصحف طرق المواضيع المناسبة واحتضان الأصوات الشابة، فمن الممكن جداً أن يخلص الشباب إلى أن الصحف ليست موجهة لآبائهم وأجدادهم فقط. أستاذ الإعلام بجامعة "آركاديا" وجامعة "تامبل" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"