تختلف التقديرات حول الجدل الإسرائيلي الدائر بين جنرالين من رؤساء جهازي المخابرات أثناء حرب أكتوبر 1973، وهما الجنرال "إيلي زعيرا" رئيس جهاز المخابرات العسكرية (أمان)، والجنرال "تسيفي زامير" رئيس المخابرات العامة (الموساد). "زعيرا" في محاولته تبرئة نفسه من تهمة التقصير العسكري في توقع الهجوم المصري والسوري في أكتوبر 1973، يلقي بالمسؤولية على رئيس "الموساد" ورئيسة الوزراء ووزير الدفاع، على أساس أنهم خدعوا ببلاغات أشرف مروان التي أكدت أن السادات أجّل الحرب إلى نهاية عام 1973 أو بداية عام 1974. هذا في حين يتهم رئيس "الموساد" الجنرال زامير خصمه المذكور، بأنه يفشي أسرار الدولة بتسريب اسم أشرف مروان. هناك رأي يرى أن هذا الجدل المثار منذ سنوات هو جدل حقيقي يعبر عن خلاف فعلي بين الجنرالين، وهناك من يرى أنه جدل مفتعل المقصود منه الانتقام من القيادة المصرية لما حدث في أكتوبر 1973، وذلك بإثارة الشكوك حول وطنية أحد كبار المسؤولين كان يعمل في مكتب المعلومات الخاص بالرئيس جمال عبدالناصر، بحكم زواجه من ابنته الصغرى "منى"، ثم رُقّيّ إلى منصب رئيس المكتب في عهد الرئيس السادات وبالتالي كان في موقع شديد الحساسية بالنسبة لقضايا الأمن الوطني وسلامته. لقد انعكس هذا الجدل الإسرائيلي في أعمدة الصحافة المصرية خلال الفترة الماضية، فتبنى الكتّاب مواقف من دون معلومات مصرية بل اعتماداً على المعلومات الإسرائيلية، وهي وحدها المتاحة حول دور مروان. ومن هنا وجدنا من يشكك في دور مروان ويطرح تساؤلات مستندة إلى تسريبات الجنرال زعيرا إلى الصحفيين الإسرائيليين والباحث "أهارون برجمان"، والتي تفيد أن مروان قد أبلغ رئيس "الموساد" بموعد السادس من أكتوبر قبل وقوع الهجوم بأربعين ساعة، ثم قابله في لندن في الخامس من أكتوبر في العاشرة مساءً ليؤكد له أن موعد الهجوم هو السادسة مساء اليوم التالي وليس الثانية ظهراً كما حدث بالفعل. وقد وجد هذا الفريق المتشكك من الكتّاب المصريين سنداً لشكوكه في القول إن الإبلاغ بموعد الحرب حتى لو قبلها بأربعين ساعة، وحتى لو تم تغيير الساعة المحددة بتأخيرها أربع ساعات، كان يمكن أن يؤدي إلى إجهاض الهجوم المصري لو قرر الإسرائيليون توجيه ضربة استباقية بالطيران. هذا في حين رأى فريق آخر أن هذه المعلومة عن قيام مروان بالإبلاغ قبل موعد الهجوم بأربعين ساعة، هي معلومة مفبركة من جانب الجنرال زعيرا ومن يحركونه للكتابة وتسريب المعلومات، بهدف توجيه ضربة معنوية قاصمة للأجيال المصرية السابقة واللاحقة تشككهم في أحد كبار المسؤولين في فترة شديدة الأهمية من التاريخ الوطني. وألاحظ من جانبي، أن الفريقين من الكتّاب المصريين لم يلتفتا إلى مذكرات الجنرال زعيرا، التي أكد فيها أن هيئة الأركان المصرية كانت معنية بتضليل إسرائيل عن موعد الهجوم إلى ما قبل ثمان وأربعين ساعة من وقوعه، وأنه لم يكن يهمها أن تعرف إسرائيل بالموعد قبل يومين من حدوثه لاستحالة القيام بأي ضربة إجهاضية مؤثرة بالطيران، خاصة مع اكتمال بناء حائط الدفاع الجوي الصاروخي الذي يحول بين الطائرات الإسرائيلية والمساس بالقوات المصرية أثناء أو قبل قيامها بعبور القناة. على أي حال، إن التصريحات التي أصدرها الرئيس مبارك عن أن أشرف مروان كان رجلاً وطنياً مخلصاً قدم لمصر خدمات جليلة وأنه لم يبلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر، قد حسمت الجدل حول نجاح خطة الخداع الاستراتيجي بما فيها دور أشرف مروان.