يحاول رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال "زعيرا"، إثبات براءته من تهمة التقصير العسكري التي ألصقت به بعد حرب 1973. وتقوم محاولته على إيضاح أن لجنة "اجرانات" قد قبلت شهادة وزير الدفاع الجنرال "ديان"، التي قال فيها إنه وضع ثقته في الجنرال "زعيرا" عندما استطاع في أبريل 1973 أن يقدم تقديراً للموقف ثبت أنه صحيح فيما يتعلق بحشود الجيش المصري، وبالتالي فإن ثقته هذه كانت الأساس الذي دعاه كوزير للدفاع بقبول تقديرات "زعيرا" حول الحشود المصرية في أكتوبر من نفس العام، وهي التقديرات التي حسمت أن المصريين لا ينوون الهجوم وأن حشودهم هي مجرد مناورة مثل مناورة أبريل 1973. يرى "زعيرا" أن قبول شهادة "ديان" قد مثلت ظلماً فادحاً له، حيث انبنى على ذلك القبول تحميله مسؤولية عدم الاستعداد للهجوم المصري، وأوصت اللجنة بنقله من منصبه في المخابرات. في رأي "زعيرا" أن وزير الدفاع كممثلٍ للقيادة السياسية، يجب أن يتمتع برؤية أوسع للمواقف، وبالتالي فإنه كان يجب عليه رفض تقديرات المخابرات العسكرية واعتبارها مجرد رأي يمثل أحد الاحتمالات، وأن يتولى من موقعه السياسي تقديم التقدير الصحيح للموقف. أما لماذا لم يتوصل وزير الدفاع إلى تقدير الحشود المصرية في أكتوبر على أنها استعداد لهجوم فعلي وليس مجرد مناورة أخرى، فإن "زعيرا" يرى أن السبب في ذلك أن ديان ومعه رئيسة الوزراء، كانا منوّمين عن طريق الثقة في البلاغات التي كان مروان يقدمها بتعليمات من الرئيس السادات إلى المخابرات العامة (الموساد) في إطار خطة الخداع الاستراتيجية التي كان يشرف عليها السادات بنفسه. وفي هذا السياق يبين "زعيرا" أنه بعد مناورة أبريل 1973 المصرية، بدأ أشرف مروان في إمداد "ديان" عن طريق رئيس الموساد بمعلومات تؤكد أن السادات قد أجل الهجوم إلى نهاية العام أو إلى عام 1974، وأن "ديان" قد استلم هذه المعلومات بصورة خاصة وأنه قام بدراستها بنفسه بتعمق. من هنا، يلقي زعيرا اللوم على وزير الدفاع الذي صدق هذه المعلومات، وازدادت ثقته فيها قياساً على ما حدث في أبريل عندما تبين أن الحشود لم تكن سوى مناورة. يشرح الجنرال "زعيرا" ما حدث في اجتماع القيادة السياسية مع القيادة العسكرية في الثالث من أكتوبر، ويعترف أن جهاز المخابرات العسكرية، قدم تقديراً بناء على المعلومات الميدانية المتوافرة له تفيد أن الحشود مجرد مناورة، ويبرر هذا التقدير الخاطئ بأن كل ما كان يجري في الجبهة كان يتفق مع المعلومات التي حصلت عليها المخابرات العسكرية والتي كانت تؤكد استبعاد وقوع هجوم اعتماداً على أخبار أذاعها المصريون، تفيد أن كبار الضباط المشاركين في المناورة سيتجهون إلى العمرة بعد انتهاء مهمتهم في السابع عشر من أكتوبر، وأن آخرين سيعودون إلى الدراسة في كلية الأركان بالإضافة إلى مائة وعشرين ألف جندي من الاحتياطي المصري المشاركين في المناورة، سيتم تسريحهم بعد انتهاء دورهم في الرابع من أكتوبر، وهو ما حدث بالفعل. من هنا يحاول الجنرال "زعيرا" تبرير تقديرات جهاز المخابرات العسكرية، وإلقاء المسؤولية على وزير الدفاع على أساس أن ثقته في معلومات "مروان" بأن السادات أجل الهجوم، هي التي دعته إلى التسليم بتقديرات المخابرات العسكرية دون مناقشة، رغم أنه كانت لديه معلومات أخرى وردت من مصادر عليا تفيد أن المصريين والسوريين سيقومون بالهجوم اعتباراً من أول أكتوبر. ويرى "زعيرا" أن "ديان" أهمل هذه المعلومات التي تؤكد نية الهجوم أساساً بسبب إتقان السادات لكافة جوانب خطة الخداع الاستراتيجي سواء عن طريق مروان أو عن طريق الوسائل العسكرية العادية. في محاولته إثبات براءته، يؤكد الجنرال "زعيرا" أن أشرف مروان خدع المخابرات العامة (الموساد) والقيادة السياسية، في حين يحاول الجنرال "زامير" رئيس الموساد، التشكيك في محاولة "زعيرا" لتبرئة نفسه حتى عام 2007 من دون أن يتمكن من إيقافه عن محاولته.