من دون أي مبالغات فإن كل من تابع الجلسات العشر لدور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر للمجلس الوطني الاتحادي، ومنذ الجلسة الأولى، يشعر بوجود فجوتين كبيرتين: الفجوة الأولى بين حماس الأعضاء في فترة الانتخابات وأدائهم تحت قبة البرلمان. والفجوة الثانية بين الآمال الكبيرة والطموحات الواسعة التي عقدت على النخبة البرلمانية هذه المرة وحضورها وفاعليتها في جلسات البرلمان. هذه الفجوة كانت محلّ استغراب وتعجّب لدى العديد من المراقبين من داخل المجلس الوطني وخارجه، بل إن بعض الأعضاء أنفسهم أحسّوا بتلك الحالة والتي اتضحت أكثر في انتشار ظاهرة "العضو الصامت" في البرلمان على العكس أثناء فترة الانتخابات وبعدها والتي لم تستمر طويلاً، حتى بدأت بالتراجع. بعضهم يرجع صمت بعض الأعضاء كنتيجة لافتقاده الدعم الفني والمعلوماتي الذي يفترض أن يزوّد العضو نفسه به أثناء المناقشات، وتعمل الأمانة العامة للمجلس من خلال آلياتها وإداراتها المختلفة على تشجيع الأعضاء. وبعضهم الآخر يبرّر جانباً من جوانب هذا الصمت بعدم تخصّص بعض الأعضاء في بعض القضايا المطروحة للنقاش. بين هذين الرأيين، هناك ملاحظة لا يمكن أن تفوت المراقب وهي عدم استعداد الأعضاء للمناقشة بالقراءة والمتابعة. وأياً كان الأمر فإن المشتَرك في كل ذلك أن عدم مشاركة العديد من الأعضاء في النقاشات العامة التي كانت تتم داخل المجلس كان أمراً واضحاً وملاحظاً، والأغرب من ذلك أن ذلك الصمت حسب تسريبات برلمانية، امتد لدى الأعضاء حتى داخل مناقشات لجان المجلس. وإذا كان يمكن تبرير عدم التحدث في الجلسات العامة لأسباب تتعلّق بعدم التخصّص أو قلّة الخبرة البرلمانية... إلخ أو حتى عدم الجرأة في التحدث أمام العامة، وهذا في أسوأ الأحوال، فإن الأمر قد يبدو غريباً وغير مبرّر، أن يكون في اجتماعات اللجان التي من المفترض أنها تضم أعضاء مهتمّين ومتخصّصين في مجال عملها. مشاركة الأعضاء في الفعاليات المختلفة داخل المجلس الوطني قضية مهمّة وجديرة بالطرح والمناقشة خاصة في هذا المجلس وفي هذه الدورة، وذلك بالنظر إلى أن المجلس الحالي سوف يضع الأساس الذي تقوم عليه عملية تطوير التجربة البرلمانية خلال السنوات المقبلة. ومما لا شكّ فيه أن التراجع في أداء الأعضاء داخل أروقة البرلمان من شأنه أن يؤثر بالسلب، ليس فقط في المجلس الحالي وإنما في مستقبل العمل البرلماني في الإمارات بأكمله. وفي هذه الملاحظة تمّ رصد حالات لأعضاء لم يشاركوا ولا بكلمة واحدة خلال دور تشريعي كامل، ما عدا رفع اليد من أجل الموافقة أو الرفض في التصويت على القضايا المطروحة للنقاش! عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.