ديفيد باربوزا بعد يوم من قرار السلطات الأميركية بفرض حظر جزئي على بعض الأنواع من المنتجات السمكية التي تستوردها من الصين، تعهدت الحكومة الصينية يوم الجمعة بإبداء مزيد من التعاون ومعالجة مشاكل سلامة المواد الغذائية، ودعت في الوقت نفسه إلى حل سريع للأزمة؛ حيث دعت بنبرة تميزت أحياناً بنوع من التحدي الولايات المتحدة للتحرك بشكل سريع وعادل، مشددة على ضرورة ألا "يتم احتجاز (المنتجات السمكية الصينية) بشكل أوتوماتيكي ويتم رفضها من دون تمييز". ففي بيان صدر قبل بضعة أيام، أقرت "الإدارة العامة لمراقبة الجودة والتفتيش والحجر الصحي"، التي تعد أعلى هيئة لمراقبة الجودة في الصين، بوجود مشاكل تتعلق بالسلامة في بعض صادرات الصين من المنتجات السمكية؛ غير أنها قالت في الوقت نفسه إنها وجدت مشاكل مماثلة في بعض المواد الغذائية المستوردة من الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، قالت الحكومة في بيان نشر على أحد مواقعها الإلكترونية: "ثمة مشاكل تتعلق بالجودة في بعض المنتجات البحرية التي تُصدرها بعض الشركات الصينية إلى الولايات المتحدة"، مضيفة "وقد تعاونت الصين وتعاملت مع هذه المشكلات على النحو المطلوب". ويأتي هذا البيان بعد أن أعلنت "إدارة الأغذية والعقاقير" في الولايات المتحدة الخميس الماضي أنها ستمنع بيع خمسة أنواع من الأسماك، من بينها الروبيان والسِّلور، في حال لم تُثبت الاختبارات خلو هذه المنتجات من التلوث. غير أن رد الصين القوي على القيود الأميركية يعبد الطريق لما قد يصبح نزاعا تجاريا حول المنتجات السمكية، التي تعد واحدة من القطاعات الأسرع نمواً في سوق المواد الغذائية العالمي. يذكر هنا أن مسؤولي "إدارة الأغذية والعقاقير" رفضوا التعليق على الرد الصيني. تعد الصين اليوم أكبر منتج ومصدِّر للمنتجات السمكية في العالم، حيث يذهب جزء متزايد منها إلى الولايات المتحدة التي تستورد أزيد من 80 في المئة من منتجاتها السمكية. والحال أن لدى الصين أيضاً نفوذاً على اعتبار أنها واحدة من أكبر مستوردي الحبوب الأميركية. وعلاوة على ذلك، فإن سوق المواد الغذائية الصيني يجذب الشركات الأميركية الكبيرة بشكل متزايد؛ حيث تضغط الولايات المتحدة على الصين من أجل رفع حظرها على لحوم الأبقار الأميركية. وفي هذا الإطار، يقول "ديرموت هيز"، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة "آيوا ستيت": "لو كنت مكان الصينيين، لما سعيت لإشعال حرب تجارية بسبب هذا الموضوع"، مضيفاً "ذلك أن لديهم فائضاً تجارياً كبيراً معنا. ثم إنها مشكلة يمكن حلها بسهولة من قبل العلماء". ويعد سجل الصين بخصوص سلامة المنتجات السمكية سجلاً ضعيفاً بشكل متزايد؛ حيث أثبتت التجارب مراراً خلال السنوات الأخيرة وجود مواد مسببة للسرطان وبقايا المضادات الحيوية في المنتجات السمكية الصينية. ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن المنتجات الصينية تشكل نحو 22 في المئة من الواردات الأميركية من الأسماك؛ ولكنها مثلت نحو 63 في المئة من المواد المشحونة التي رفضتها "إدارة الأغذية والعقاقير" العام الماضي بسبب احتوائها على بقايا عقاقير حيوانية. وكانت "إدارة الأغذية والعقاقير" أعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها لاحظت تذبذباً في رفض المنتجات السمكية الصينية، وبخاصة خمسة أنواع من الأسماك، وهي الأنواع نفسها التي تواجه قيوداً جديدة من قبل "إدارة الأغذية والعقاقير". ويأتي تزايد المخاوف من المنتجات السمكية الملوثة بعد سحب منتجات صينية متنوعة من الأسواق مثل أطعمة الحيوانات الأليفة، ومعاجين الأسنان، والألعاب، وإطارات السيارات. غير أن عمليات السحب هذه أثارت قلق أعضاء الكونجرس والمستهلكين الأميركيين، وتسببت في أخذ ورد يضاف إلى العلاقات التجارية المتوترة أصلا بين الصين والولايات المتحدة. وردا على هذه التدابير الأميركية، شددت السلطات الصينية على أن منتجاتها الغذائية تستوفي عموماً شروط السلامة؛ ولكنها تعهدت في الوقت نفسه بتجديد قواعد ومعايير السلامة الغذائية في البلاد وتكثيف عمليات تفتيش الصادرات. غير أن صبر السلطات الأميركية بدأ ينفد. فقبل بضعة أيام، أشارت "إدارة الأغذية والعقاقير" إلى أنها تعتزم احتجاز جميع شحنات المنتجات السمكية إذا لم تثبت سلامتها، وذلك في إطار سعيها لمحاربة المشاكل المتعلقة بسلامة المنتجات السمكية الصينية المستوردة. غير أن "إدارة الأغذية والعقاقير" لم تقم حتى الآن سوى بعمليات مراقبة وتفتيش اعتباطية شملت المنتجات الصينية، حيث قامت باختبار عينات قليلة من الواردات الصينية من المنتجات الغذائية. الصين قالت إنها ترغب في التعاون مع سلطات الولايات المتحدة؛ وذهبت إلى حد اقتراح نظامها الخاص للاختبار والمصادقة على جودة بعض الصادرات من المواد الغذائية. في المقابل، قالت السلطات الأميركية إنها "قلقة جداً" بخصوص مسألة سلامة المواد الغذائية، وإنها تعمل على حل مشكلة صادرات المنتجات السمكية الملوثة. ولكن الصين في ردها على السلطات الأميركية قالت إن المنتجات الغذائية القادمة من الولايات المتحدة تعاني أيضاً من مشاكل تتعلق بالسلامة؛ حيث رفضت الصين في وقت سابق من هذا الأسبوع مثلاً كميات من المشمش ومشتقات البرتقال القادمة من الولايات المتحدة، قائلة إنها تحتوي على كميات مفرطة من البكتيريا ومواد ضارة أخرى. مراسل "نيويورك تايمز" في جوانجزو- الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"