إعداد: عبد الجبار عبدالله تداعيات خطيرة لأزمة المسجد الأحمر... وتساؤلات حول وعود "براون" في قراءة سريعة للصحف البريطانية الصادرة هذا الأسبوع، نقف على التحولات السياسية الدستورية التي وعد بها جوردون براون بلاده، لنعرج منها إلى الدور الجديد الذي بدأت تلعبه شبكة الإنترنت في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مروراً بأزمة باكستان والجنرال مشرف، والسجال الدائر حول تقرير مصير إقليم كوسوفو. هل يمثل "براون" طرازاً من نوع مختلف لقائد جديد في 10 داونينج ستريت مثلما وعد بالفعل؟ حول هذا السؤال كتب "أندرو راونزلي" مقالاً افتتاحياً نشرته صحيفة "الجارديان" في عددها الصادر يوم الأحد الماضي. وقد شملت وعود براون، التخلي عن الكثير من السلطات الاستثنائية الحصرية لرئيس الوزراء، التي أرساها سابقوه في المنصب على امتداد عدة عقود. على أن الإصلاحات الدستورية التي أتى بها "براون"، تعد الأكثر إثارة للاهتمام والأخطر والأشد راديكالية في ذات الوقت. ومن رأي كاتب المقال، أن مثل هذه الوعود الكبيرة، هي التي تحمل معها عادة مخاطر الإحباط والشعور بخيبة الأمل العامة، لدى عدم تحقيقها لأية أسباب كانت. ويكمن الخطر وراء هذه الوعود، في مضي "براون" شوطاً أبعد مما يجب في طريق الإصلاحات تلك، لكونه يعد بإعادة وضع قوانين الديمقراطية البريطانية نفسها، مع إعادة توزيع واسعة النطاق لمصادر السلطة والنفوذ المرتبطة بها. لكن وحين يستمع الجمهور إلى "براون" وهو يعترف علناً بأن السلطة في بلاده، ظلت على قدر كبير من المركزية والتركيز، مصحوباً بتعهده بأن يجري من الإصلاحات الدستورية والتشريعية ما يجعل جهاز الدولة أداة لخدمة الشعب البريطاني بحق، وبما يتطلبه ذلك من إعطاء مزيد من السلطات للبرلمان والشعب، حتى تثور التساؤلات: هل يعني هذا الرجل ما يقوله فعلاً؟، وهل يتنازل عن السلطات الحصرية الواسعة الممنوحة لرئيس الوزراء تاريخياً؟ إن فعل "براون" هذا، فلا شك أنه يعد بطراز جديد فريد من القادة البريطانيين المعاصرين. ولكن ماذا إن خاب الوعد؟! والمشكلة أن دوافع "براون" في كل ما يعد به من إصلاحات، هي خليط من الحماس والمثالية والسياسة البراجماتية. من شبكة الإنترنت إلى البيت الأبيض كما نشر في العدد نفسه من صحيفة "ذي أوبزيرفر" مقال للكاتب "جابي وود"، عن التحول الذي أحدثته شبكة الإنترنت في الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية لهذا العام. فمنذ المناظرة الانتخابية التي حدثت بين المرشحين والرئيسين السابقين جون كنيدي وريتشارد نكسون في عام 1960، ظل التلفزيون، الوسيط الإعلامي الرئيسي في كافة الحملات الانتخابية الرئاسية. لكن ومع بدء استخدام "يو توبي" الإلكتروني مؤخراً في الحملة الانتخابية الجارية الآن، فربما يخلي التلفزيون معاقله التقليدية القديمة، لتحل محله شبكة الإنترنت، اعتباراً من عام 2008 المقبل. ولكن يبقى السؤال: هل يمثل مجيء هذا الوسيط، ميلاداً لوسيط إعلامي حافز للمزيد من الممارسة الديمقراطية في أميركا، أم أنه مجرد صيحة إلكترونية عابرة لا أكثر؟ ويعود ظهور استخدام "يو. توبي" إلى 5 مارس الماضي، وذلك بنشر إعلان انتخابي في ذلك الموقع الشهير لتبادل أفلام الفيديو. وحمل اسم صاحب الإعلان لقب "بارك ريدج 47" وهو المكان الذي ولدت وترعرعت فيه المرشحة الرئاسية "الديمقراطية"، هيلاري كلينتون. ثم تتالت الإعلانات الانتخابية لمختلف المرشحين الرئاسيين على ذات الموقع. وفي ذلك مؤشر واضح على أن الطريق إلى البيت الأبيض، أصبح يمر الآن عبر شبكة الإنترنت، وليس عبر شاشة التلفزيون. ولكن لأي مدى يسهم هذا التحول الإلكتروني في تعميق الممارسة الديمقراطية الانتخابية هناك؟ محنة الجنرال مشرّف في مقال تحليلي نشرته الكاتبة"فرزانة شيخ"، ونشرته صحيفة "تايمز" اللندنية في عددها الصادر يوم أمس، وصفت الكاتبة ما يحدث في باكستان الآن، بأنه أزمتها السياسية الأسوأ خلال الستة والثلاثين عاماً الماضية كلها. أما موقف الجنرال برويز مشرف، فوصفته الكاتبة بأنه عصيب للغاية. فهناك النتائج المأساوية التي انتهت إليها أزمة "المسجد الأحمر" للتو، وهناك رئيس يواجه معارضة متصاعدة لنظام حكمه، وعليه أن يبذل المستحيل لإنقاذ نظامه. وفوق ذلك كله، هناك خطر تنامي مد التطرف الإسلامي، الذي يستهدف نظامه وحياته الشخصية على حد سواء. أما التحدي الأكبر الذي يواجهه مشرف أمام هذا التيار الأخير بالذات، فيتمثل في أن عليه أن يظهر قدراً أكبر من الجدية والحزم في مواجهته وقمعه، إن كان له أن يحظى بما يلزمه من ثقة ودعم غربيين لنظامه، لا سيما ثقة الولايات المتحدة الأميركية ودعمها له. ولكن ربما فات الأوان أصلاً لإصلاح ما انكسر من عظم هذا النظام الحالي. ذلك أن المعالجة المرتبكة المشوشة لأزمة "المسجد الأحمر" ربما كانت هي القشة التي قصمت ظهر بعير هذا النظام. ففي البدء ضرب الجنرال حصاراً حول من هم داخل المسجد، ودعاهم إما للاستلام أم مواجهة الموت. ثم أعلن فجأة استعداده للتفاوض معهم، أملاً في إنقاذ حياة مئات النساء والأطفال المحتجزين كرهائن في الداخل. والمشكلة أن العناصر التي اختارها مشرف كوسطاء بينه ومتطرفي المسجد، لم تكن محايدة البتة، بدليل لجوئه إلى قادة "مجلس العلماء" الباكستاني، وهو الجهة التي أصدرت إشادة خاصة بأسامة بن لادن، نتيجة لرد هذا الأخير بإصدار تهديد موجه إلى سلمان رشدي، رداً على قرار السلطات البريطانية بمنحه لقب الفروسية. لا مساومة في استقلال كوسوفو: ذلك هو عنوان المقال الافتتاحي الذي نشرته صحيفة "ذي إندبندنت" الصادرة يوم أمس. وجاء في المقال أن ساعة الإعلان أخيراً عن استقلال كوسوفو قد حانت، بدنو نظر مجلس الأمن الدولي في مشروع القرار، الذي قدمه مبعوث الأمم المتحدة للإقليم، "مارتي أتيساري"، منذ شهر أبريل المنصرم. وبموجب مشروع القرار المذكور، سوف تعطى كل من صربيا وكوسوفو، مدة أربعة أشهر من التفاوض بهدف التوصل فيما بينهما لاتفاق حول مستقبل الإقليم. أما في حال عجزهما عن التوصل إلى أي اتفاق إيجابي، فسوف يعلن مجلس الأمن الدولي عن استقلال إقليم كوسوفو، على أن يظل تحت الإشراف الدولي لمدة من الوقت، حتى يستقل ذاتياً بالكامل في نهاية الأمر. ولكن المعضلة التي تواجه هذا القرار الدولي، أن مجلس الأمن الدولي، لا يزال منقسماً على نفسه: ففي حين تؤيد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي مشروع القرار هذا، تهدد روسيا بممارسة حق النقض "الفيتو" ضده. وهذا ما دفع الأطراف المؤيدة إلى التمسك بعدم المساومة في تقرير مصير الإقليم.